٤٦: أصـبَحـت باهِتـه

277 38 6
                                    


_______

بَدأ العِلاج الكِميائى، و حينَما أَقول أَن فِلورا كانَت تَذبُل أَنا أَعنى ذلِك، فِلورا أَصبَحَت نَحيله بِشَكل مُخيف لَم تَستَطِع غالِباً النُهوض أَو التَحَرُك وَحدَها، كُل يَوم تَتقَيَئ و كُل حَركَه هى مُعَناة و الأَمر مؤلِم لى أَيضاً.

يونجى يُصبِح شاحِباً جِداً و لا يُمكِن أَن أَلومُه أَنا و هو تَبادلنا الأَدوار فى مُساعَده فِلورا التى أَصبَحت كَبتلات الزُهور الرَقيقَه.

نامجون جاء يَزورَنا عِدة مَرات و كَذلِك جين و تايهيونج و جيمين، أُمى و كِريس حاضِرين دَوماً و كانَت أُمى هى مَن قالَت لى أَن أَبعد المَرايا عَن فِلورا و عِندَما فَكَرتُ فى الأَمر فَهمتُ بِالطَبع كانَ عَلى أَن أُبعِد المَرايا عَن حَبيبَة قَلبى و أَجمَل ما رأَته عَيناى، ما بَقى هو جَسد رَقيق تَكاد العِظام تَختَرِق الجِلد مِنه و بَشرَتَها العَسَليه الامِعه و التى ما عُدت أَراها إِلا فى صورَنا مَعاً أَمسَت رَماديه كالرَماد.

بَعد كُل مَره أُحَمِم فيها فِلورا أَحتاج أَنا أَيضاً إِلى الإِستِحمام بِنَفسى و لا أَفعل شَئ سِوى البُكاء وَحدى لأَن ذَلك يُفطِر قَلبى، بَل يُمَزِقُه، و لَكِن كَيف تَشعُر هى؟! لا أَعلَم و أَخاف السؤال.

أَما عَن سَبَب خَوفى لأَنَنى أَعلَم أَن وَضع فِلورا الحالى هو نَتائِج العِلاج الكِميائى الذى أَصرَرت أَنا عَلَيها لأَخذُه و هذا لَيس ما أَرادَتُه فِلورا لَقد أَرادَت المَوت بِهِدوء و سَلام و لَكِن الضَغط الذى سَلَطناه جَميعاً عَلَيها جَعلَها تَقوم بِهذا لَيس أَى ضَغط بَل الضَغط الذى سَلطُه أَنا عَلَيها و لَكِن ما الذى كان عَلَّى فِعلُه حينَها؟ بِالطَبع لَن أَترُك المَوت يأخُذَها مِن قَلبى هَكَذا بِسُهولَه، أَنا لا أَستَطيع تَركَها، نَعم لا أَستَطيع أَنا ضَعيف.... مِن دونِها.

غالِباً فِلورا تَكون غَير قادِره على الكَلام مَع أَحد بِسَبَب الإِرهاق و بِسَبَب العِلاج أَيضاً لَكن أَحياناً تَتَحَدَث و فى كُل مَره تَتَحَدث مَعى تَتَوقف عَن الكَلام و تَنظُر إِلى مُطَولاً بِدون أَن تَرمِش حَتى تَكون فيها تَستَرجِع ذِكرَيات و كُل ذَلِك يَبدو كالحُلم مِثل مَوعِدنا الأَول، القِطَة إنِّى، الصَباح الجَميل فى مَنزِلنا، النَوم تَحت شَجَرَتَها المُفَضَله، الرَقص مَعاً، الطَبخ مَعاً و لاَيالينا المُثيرَه.

فى بِدايه العِلاج إِستَطَعتُ رؤيه النِهايه اليَوم الذى سَوف تُشفَى فيه فِلورا اليَوم الذى نَعود فيه إِلى مَنزِلنا و كُل شَئ يَعود إِلى ما كان عَلَيه فى السابِق و أَفضَل و لَكِن مَع الوَقت و مَع كُل جُرعه لَم أَعد أَستَطيع رُؤيَه النِهايه و خِفتُ جِداً أَن أُصبِح الضَعِف الذى حَل عَلى جَسَد حَبيبَتي فِلورا الذى سَيمنَعها مِن النَجاة.

أَحياناً فى الَليل حينَما لا نَكون فى المَشفَى أَستَيقِظ فَقَط كَى أَتَفَقد إِن كانَت حَبيبَتي فِلورا لا تَزال تَتَنَفس أَم لا، النَوم فى المَشفَى يُطَمئِنَنى لأَنَنى أَسمَع بِوضوح صَوت كُل إِنقِباض و إِنبِساط يَقوم بِه قَلب فِلورا.

البَرد الذى يُغَلِف سويسرا جَميل فَهو يُناسِب مَشاعِرنا و وَضعَنا الحالى الذى يَتلَون أَلواناً بارِده تَدفَع عَنا الرَبيع و كُل ما هو جَميل، المَناظِر التى تَسلِب الأَنفاس أَصبَحَت شَئ ثانَوى لأَن الخَوف و القَلَق لا يَسمَح لى بِأَن أَرى أَو أَسمَع أَو أَشعُر بِأَى شَئ.

أَشعُر بِشَظايا مَعدَنيه فى قَلبى تَختَرِقُه حينَما و حيناً تًخدِشُه، أَيَتلاعب القَدَر بى؟!! أَتكرَهَنى السَمَوات لأَنى لا أَملِك دين؟!

أَيُمكِن أَن يَكون هذا كابوساً؟ أَتَمَنَى لَو كان كابوساً لَعَلى أَفتَح عَيناى لأَكون بَين أَحضان فِلورا و أَرى إِبتِسامَتَها المُشرِقَه، أَرجوك كُن كابوساً، أَظُن إِنى سَوف أُصبِح مَجنوناً قَريباً.

أَصبَحَت رائِحَة حَبيبَتي مَزيجاً مِن المُعَقِمات و الأَدويَه و تلاشَت رائِحه النَباتات و الأَزهار و فِلورا الزاهيه أَصبَحَت باهِتَه.

____________________________________

حُبٍ دَافِّئWhere stories live. Discover now