الفصل السابع عشر | مقيَّدة

15.4K 701 22
                                    

"شكرًا لك.." قالتْ ليتيزيا بخفوت، صوتها اجش من البكاء وهي تأخذ كأس الماء من ريكاردو.
هزَّ ريكاردو رأسه بخفّة يخبرها انه لا بأس وهو يجلس في مكانه على الأريكة.
شربتْ ليتيزيا الماء وارتوتْ اخيرًا بعد ان كانت تشعر بحلقها مثل الصحاري.
التشوّش هو أفضل وصف لما تشعر به في تلك اللحظة.
لقد مرَّت بنوبة هلع فقط جرّاء تفكيرها بإحتمالية رميهم لها.
سابقًا عندما كانت تعيش مع المارتينز في امريكا، لم تكن تراودها هذه الأفكار لأنها كانت واقعها.
لم يسعها ان تفكر بإحتمالية أذية احدٍ لها او صراخ احدهم في وجهها، لأنها كانت تعيش تلك الأشياء ويوميًا.

الآن الأمر مختلف، عليها ان تتقبل كون هؤلاء الأشخاص هم عائلتها الحقيقية وكونهم لن يؤذوها.
عليها ان تتقبل عيش حياة 'طبيعية' لأول مرة منذ سنين.
لكن كيف؟ كات تسأل نفسها.
كيف تعيش كأن شيئًا لم يحدث طوال السنين السابقة؟
كيف تمنع نفسها من ان تجفُل حين يقترب منها احد؟
كيف تتقبل احضان لويجي الدافئة دون الخوف من كونها مؤقتة وستتلاشى من منالها حالما تغمض عينيها لبُرهة؟

الأمر اشبه بوجود عدة شخصيات داخل رأسها.
الأولى تخبرها ان لا تثق كثيرا. الثانية تناقش كونها لن تنجو في منزلها الجديد. الثالثة تحثُّها على بناء الجدران حول قلبها والرابعة تحرص على كون هذه الجدران غير قابلة للهدم.
لكن في زحمة هذه الأصوات والنزاعات، هناك صدى لصوتٍ صغير يكاد يُسمع، يترجّاها لأن تعيش.
ليتيزيا كانت فتاة تؤمن بالحياة.
حتى حين بلوغها العاشرة، رغم ظلام المكان اللذي كانت تعيش فيه والجفاء اللذي لاقته من امها عند صغرها لم يمنعها من ان تكون الفتاة المشرقة المتفائلة؛ فقط مع نفسها.

لكن شيئًا فشيئًا، بدأت تلك الطفلة داخلها تُدفن في قاع ظلامها. كان واجبًا عليها ان تكبر عشر سنوات فوق عمرها وهي ما زالت تخاف من الظل على الحائط.
بدأت تُعرض لبشاعة وظلام العالم حتى وجدت ان اشراقها وتفائلها لن يبقيانها على قيد الحياة.
حاولت ليتيزيا قتل الطفلة داخلها كثيرا.
كانت تعلم أن تلك الطفلة لن تتحمل ما ستمر به، لن تخضع لحقيقة كون عائلتها تكررها بل وتمقتها.
لن تنجو وهي ترى ماضيها، حاضرها ومستقبلها داخل سجنٍ باردٍ مظلم مليء بالوحوش اللتي تسمّى عائلتها.
الأمر هو ان ليتيزيا لم تنجح بقتل تلك الطفلة، ولم تجد حلًّا سوا دفنها بعيدًا واخفائها عن بشاعة هذا العالم.

ثمَّ التقت بلويجي.
منذ ان نظرت بعينيه بدون خوف مرورًا بعلمها من هو، حتى حضن ريكاردو وحضنه هو لها ومعاملتهما لها اللتي لم تقتصر على كونها انسانة فقط، بل شخصًا مهمًا يهُمهم أمرها ورأيها.
بدأت تلك الطفلة اللتي دفنتها ليتيزيا داخلها تحاول الخروج. بدأت تحاول قمع السلاسل اللتي تقيدها وبدأت تترجاها حتى تدعها ترى النور.
هنا كانت تتجلى اقصى مخاوف ليتيزيا.
الشيء الوحيد اللذي كانت تحارب لأجله هو ان تمنع تلك الطفلة من رؤية ما رأته هي.
علِمَت انها حين تفعل ستفقد كل برائتها وتذهب لمعة الأمل من عينيها.

أميرة وحش المشرط | Princess of the Scalple's Beastحيث تعيش القصص. اكتشف الآن