الهفهفة الثامنة

837 32 7
                                    

الهفهفة الثامنة

أسفل شجرة الدردار جلست حليمة والراوي أمام الدار
تقص عليه أن كان ياما كان وتخبره أن المعجزات ستظل تتجلى عبر سالف الأزمان
يعارضها الأمر مذهولا
فتجابهه أن الكون دوما بالحكايا كان مأهولاً
يمتعض وهو يطلب منها كأساً من شاي العصرية
فتلتمع نظراتها بالخبث تسأله عن العسلية
يبتسم غامزاً ليساومها أن تخبره حكاية الصبية ليقص هو عليها أمر العسلية
______&_____

بيت المالكية

" حبيبة أبيكِ اصنعي لي كأس شاي من يديكِ الحلوتين " قالها رشدان وهو يجلس على الأريكة وقد عاد لتوه من الخارج فالتفتت له هنية التي كانت تتابع مسلسلها الهندي الأثير وقالت بعبوس:_
"انتظر أن تتناول العشاء يا رشدان "
أشار لمودة غامزاً بعبث أن تقوم فأشارت بسبابتها لعينيها قاصدة " من عيناي "
بينما تتحرك مبتسمة على صوت مناوشتهم وعدم رضا أمها عن إصرار أبيها في تناول الشاي دون عشاء
بعد وقت كانت تضع أمامه الكأس فزجرتها أمها قائلة  بتوعد :_
" سأقص أصابعك "
" هل أهون عليك يا هنية المتهنية؟ "
قالتها مودة بشقاوة فأشاحت هنية بوجهها ممتعضة مما أضحك رشدان وهو يفتح ذراعه لمودة التي اختبئت به بدلال سافر وهو يخبرها بحنو:_
" لا أحد يستطيع أن يمس حبيبة أبيها "
ركنت مودة  رأسها لصدره مستمتعه بحنوه وهي تقول بحب جارف تضمره لأبيها بشكل خاص
" أميري يا أبي "
" يوم أميرك ويوم فارسك ويقع هو في فخ (بكشك) كصغير"
قالتها هنية لاوية شفتيها بامتعاض وقبل أن ترد عليها مودة تشاكسها أشارت هنية لها أن تصمت وهي تقول باهتمام جدي وتدقيق:_
" أخرسي إنها لحظة الحقيقة سيكتشف البطل أن زوجته ماهي إلا أخته الغير شقيقة "
نظر كل من مودة ورشدان لبعضهم البعض ذاهلين ببلاهة  ثم انفجرا ضاحكين وسط تململ هنية وتذمرها منهم فأذعنوا للمشاهدة معها إجباراً بعد أن هددتهم بالغضب عليهم

صوت هاتفها بجيب منامتها  أخرجها من متابعتها للمسلسل فأخرجته وفور أن نظرت به ارتجف كفها بهلع وكتمت الصوت وهي تنظر لأبيها مذعورة وكأنها تم ضبطها بالجرم المشهود لكنها عادت تأخذ أنفاسها وهي تجده منهمكاً في المشاهدة رغم عدم استمتاعه الحقيقي
تحركت تقبلهم وهي تستأذنهم متعللة بالنوم فقالت هنية بحنان :_
" لا تفتحي النافذة حتى لا تبردين ليلاً ولا تنسي أذكارك"
أومأت مودة وهي تتحرك لغرفتها
بعد دقائق كانت تغلق باب غرفتها بالمفتاح ، تغلق الضوء ثم ترفع الهاتف لأذنها تجيب بنعومة :_
" أسفة كنت بالأسفل لم استطع أن أرد عليك "
وبنبرته الرخيمة المعتده كان يرد عليها متجاهلاً ثرثرة لا تفيده:_
" اشتقت لك يا حبيبي "
ابتسمت مودة بخجل زين وجنتيها صامتة دون رد إلا أنها توقعت ابتسامة تزين وجهه الوسيم هو الآخر ولم تكن بخائبة فقد زين الحنان وجهه قائلاً بعتب مُدَلِل:_
" ألن تخبريني مرة عن مدى شوقك أنتِ الأخرى "
نطقت اسمه بعتب فوصلتها تنهيدته الحارة اليائسة  بينما نبرته المتزنه تخللها العبث وهو يقول:_
" أتعبتِه معك  ، وبعثرتي هيبته يا ابنة المالكية "
ابتسمت مودة تقول بثقة أضحكته :_
"يحق لي"
ضحك عاليا فارتجف قلبها بتوله واشتياق جارف لرؤيته كتمته وهي تقول بنبرة لطيفة :_
"أخبرني ما أخبار عملك الجديد هل تأقلمت عليه وعلى السكن هناك ؟"
" نعم لا تقلقي لكن ثمة شئ ما ينغص علي الأمر " قالها ببؤس فتسائلت باهتمام متبادل بينهم :_
" ماهو "
"عد الأيام لرؤية حبيبي الذي يرفض أن يحدثني بمكالمة مرئية "
قالها مبتسما بحنو وعيناه تلمعان بالشوق لها بينما أتى ردها متجهما خشناً كما لا يليق بها
" أنت تعرف رأيي بهذا الأمر فلما تفتحه ؟"
نبرتها أغضبته فقال بشئ من الأمر المعاتب :_
" يهئ لي أن صوتك عاليا بغضب يا مودة ؟"
" وماذا إن فعلت ؟ "
قالتها مودة بعناد يصيبها أمام صلابة شخصيته العتيدة فأجفلها برده الحازم بصرامة  :_
" لن أقبل بهذا  ومرة أخرى لا تُكرر يا مودة أبدا هذة النبرة ثم  ماذا فيها لو رأيتك بمكالمة مرأيه وأنتِ تحافظين على حجابك وحشمتك ؟"
تربعت مودة بمكانها على فراشها شاعرة باختناق وهي تقول :_
" أنت تعرف رأيي بهذا الأمر وإن أعجبك أما إن لم يعجبك فلننهي ال.. "
" فلننهي ماذا يا مودة ؟"
قالها مقاطعاً بغضب عاتي  ونبرته أصبحت عالية بانفعال واضح فدمعت عينيها وظهر الاختناق بصوتها وهي تقول بحزن :_
" لننهي المكالمة حتى لا نتشاجر أكثر "
" حسنا على راحتك ، مع السلامة "
أغلقت معه باكية وهي تسبه وقد ألقت هاتفها بأخر الفراش غاضبه منه تنعته بكل صفات الكره وعدم التقبل حتى داعب النوم عينيها ولم تستيقظ سوى على رنين الهاتف المتواصل ولم يكن سواه
تأففت بحزن ثم رفعت الهاتف لأذنها دون رد فأتتها نبرته الخشنة بدفء انساب لقلبها العاشق له:_
" هل بكيتِ كثيراً ؟"
" نعم وأنت السبب "
قالتها بعناد وثقه فيما بينهم فضحك متأوهاً :_
" أاااه بالطبع يجب أن أصبح أنا المذنب"
" نعم ماذا تريد الآن ؟"
" ألا تثقين بي يا مودة لذا ترفضين المكالمة المرئية ؟"
قالها بجدية فتنهدت مودة قائلة بتعقل :_
" الأمر ليس ثقة ، يكفي أن حديثنا لا يعرفه أهلي وهذا لا يصح أنا أتحامل على تقبل هذا الذنب لشدة افتقادي لك لكن أكثر من هذا لا استطيع "
تشبعت روحه بعشقٍ خالص لردها فتنهد قائلاً :_
"أنا أسف يا مودة أنا من طلبت سرية الأمر حتى أعود فأنا أعلم أن وجودي ببلد أخر لن يسهل علينا الأمور"
" أعلم "
قالتها مودة بتفهم فابتسم قائلاً :_
" أحبكِ هل تعلمين هذا "
" لا تخجلني "
قالتها مبتسمة فتنحنح قائلا بجدية :_
" حسنا يا متعبة  لما لا أذاكر لكِ قليلاً قبل نومي؟"
.............................

رواية هفهفت دِردارة الجوى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن