الهفهفة العشرون

531 25 4
                                    

الهفهفة العشرون

أسفل شجرة الدِردار جلست حليمة والراوي أمام الدار
تغضنت ملامحها وأشاحت بوجهها قائلة :_

" لا تتحدث  فاليوم ليس هناك كان ياما كان "

داعبها الراوي بقوله :_

" ألم يحضر الجان ؟"

لوت حليمة  شفتيها وتهكمت:_

" جان؟
بل قل خيبة على الزمان "
عارضها الراوي قائلاً:_

" لكن يا حليمة أين منكِ الإنسان ؟"

استنكرت حليمة غضبا وقالت:_

" تنيل بنيلة على عينك وهل أبقيت لنا أحداً لنقرأ له الفنجان؟"
_________&_________

العاصمة _ شقة رنوة

فرغت رنوة من صلاتها مسرعه گ كل يوم عند كل صلاة
تقف على سجادتها مرتجفه بسياط الذنب وتسرع على الانتهاء منها شاعرة أنها حتماً ليست مقبوله
إنها هنا في شقة العاصمة منذ أيام وهذا ما يريح نفسيتها قليلاً رغم ارتجاف نفسها شوقاً له
منذ أخر مرة حين أتاها هنا وحدث ما حدث بينهم وأوقفته ليذهب وهو لا يتحدث إليها
نار الشوق لعاطفته تتغلغل في مسامها بلا ردع ولا قوة لها على المقاومة
هي حتى تمشي في شقتها وهي تطأ رأسها أرضاً وكأنها تخاف أن تنظر للجدران التي شهدت على خزيها معه فيقهرها إزدراء الجماد لها
دموعها تتراسل على وجنتيها ولم تنضب من يومها
أي شقاء وقعت به
أي ابتلاء هي فيه
كيف لها أن تدعوا يوميا أن يبتعد عنها بينما قلبها يرتعد هلعاً أن يفعل
تشعر أنها كالمدمنة كلما أرادت الابتعاد عن سُمها تجد نفسها تعاقره بنهم
كلما أصدر هاتفها صوتاً تنبيهياً ترتعد خوفاً أن يكون هو وحين لا تجده هو تنشطر ألماً لفقده
ما الذي تفعله؟
لقد فكرت مراراً أن تتخلص من نفسها أهون لها من ذنبها البشع في حب أخو زوجها لكن صورة طفليها تصفعها بحاجتهم لها
ما الذي تفعله؟
ترفع وجهها للسماء وقد كانت تصلي بالشرفة وتتنهد قهراً بينما الخزي يمنعها حلاوة مناجاة الرب
كيف لها أن تدعوا الله أن يشفيها منه وهي التي تموت فيه ؟
كلها يجتمع عليها حاجة لمسته التي منذ أن ذاقتها فتفتحت أنوثتها بلحظات مسروقة
كلها تمؤ شوقاً لسماع صوته والنوم على نبراته
وكلها يكرهها لهذا
هي تزدريها لسوء الدرك الذي وقعت فيه ولم تعد تعرف كيف الخلاص منه
لم تعد تعرف نفسها
لم تعد تعرف نفسها !
...................&..............
المحافظة الساحلية

" غبت غيبتك ثم عدت لي بامرأة في كفك
من هذة الحلوة يا هندسة"
لمعت عينا طارق بتحذير لم تأبه له وهي تناظر رضا التي مالت عليه بشرار تتابع همسها المتسائل برقة أحرقتها
" من هذة يا طارق ولما معك مفتاح شقتها ؟"
شهقت غرام شهقة عالية وهي تضع كفها في خصرها وصوتها يصدح ملوحاً باستنكار غاضب :-
" أنا ؟
أنا زوجته يا نور عيني "
" زوجتك ؟" قالتها رضا بذهول وهي تنظر له بتساؤل بينما تلك التي ارتدت جوربها المقلوب لم تمهله فرصة للرد وهي تشد رضا بعيداً عنه بفظاظة قائلة :-
" نعم زوجته يا عيوني "
ثم اقتربت منه هو لتسند مرفقها على كتفه وقبل أن تتحدث كان طارق ينفض ذراعها ويأخذها منه بقسوة يجرجرها للداخل قائلاً بأمر :-
" انتظريني هنا يا رضا "
" رضا وتنتظرك
اتركني إلى أين تأخذني " قالتها غرام بانفعال وهي تحاول التخلص منه بينما دفعها هو غاضباً لداخل غرفته وأغلق الباب خلفه فتوازنت غرام بغضب وقبل أن تنطق بشئ كان يصدح بحزم وعينيه تلمعان بالغضب :-
" أخرسي لا أريد أن اسمع منكِ كلمة "
دارت غرام حول نفسها شاعرة بالجنون من هذا الغشاش الذي كل يوم تخرج له امرأة من حيث لا تعلم ودون شعور كانت تلتقط قنينة عطره وتقذفه بها بطول ذراعها قائلة بانفعال:-
" يا غشاش وأنا الذي امنت لك
من قبل الافعى والان تلك الملونة وبعد ماذا بعد أن تركتني عروس ؟"
التقط طارق القنية قبل أن تلتصق بوجهه وعينيه متسعتين بذهول ثم همس بهسسيس غاضب :-
" يا مجنونة  ما الذي فعلتيه للتو ؟"
اقترب منها بتؤده والجنون انتقل له حتى أنها تقهقرت بوجل قائلة بانفعال صدح بنبراتها :-
"أنت يا رجل أنت يا مخادع
إياك أن تقترب مني أقسم أن أصرخ وأجعل الحارة كلها تقوم بتقطيعك
بعد أن تزوجتني وعدت لي بامرأة "
لكن قبل أن يصدح منها محض تأوه كان طارق يقبض عليها حاشراً إياها في زاوية ضيقة وجسده العريض يحاوطها مساعدة لضيق المساحة مع كفه الذي كتم فمها وبعينين مرعبتين نطق بغضب من بين أسنانه
"كلمة أخرى وسترين جنون طارق الذي لا تتخيليه بعمرك يا غرام فلا تستفزي شيطاني "
أومأت غرام برعب جلي من الجنون المتراقص بنظراته ثم عادت وارتعدت وهو يكرر نبرته الصارمة بحزم :-
" مفهوم أم ماذا "
أومأت غرام بعينيها الجميلتين بوداعة سلبت عقله وهو يتيه في جمالهم  لثوانٍ كانت كفيلة لجعله يبتعد متأوهاً وقد عضت كفه بشراسة أبعدته عنها ثم وضعت كفيها بوسطها وهي تلوي شفتيها قائلة :-
" ليس كل طير من يؤكل لحمه يا عسلية "
" هل عضضتني للتو ؟؟" همسها طارق بذهول من تلك الشرسة المجنونة وهو ينظر لكفه فاقتربت منه تمسك كفه بين راحتيها الناعمتين غير دارية عن تلك الرعشة التي اعترت جسده بغير رضا لشدة نعومتها التي ماثلت قولها بعيني وديعتين :-
"سلامة يدك يا عسلية "
ثم سرعان ما كانتا الوديعتين شرستين وهي تهمس بهسيس :-
"أخبرني من هي قبل أن اخرج لجلبها من خصلاتها "
حين داهمها صمته رفعت عينيها له فارتجفت لتلك الهالة المظلمة التي غيمت عليه وكللت نظراته وكأنه اخر
لقد خشيت غضبه قبل دقائق لكن اللحظة لا تعلم لما ارادت الهرب والاختباء خوفاً من تلك النظرة المبهمة التي لا تشبهه
نظرة جعلتها تتراجع خطوات حذرة سرعان ما وأدها وهو يقول بنبرة تشبه نظراته التي اندثرت وحل محلها الوجوم :-
"من بالخارج تكون رضا أختي الصغيرة "
" لقد أخبرتني أنك لديك أخٍ صغير وليس أخت ؟" قالتها باتهام وشك فزفر طارق بغضب وهو يتحرك ليجلس على فراشة قائلاً باقتضاب :-
" اجلسي لأشرح لكِ "
...........................

رواية هفهفت دِردارة الجوى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن