الفصل السادس عشر

815 30 14
                                    

الهفهفة السادسة عشر

أما عن الاستهلال ، فقده أسرده أنا لكم دون طول البال
تركت حليمة الدار
وتدلت أوراق الدِردار
اليوم لم يسأل الراوي ولم تقص حليمة الحكايا فقد كان أبنائها يقعون بشر البلايا ..
.................

والطير على افئدة الحضور
الجمع حاضر والموقف مهيب والقادمين على أسنة اللهب المتأهبة للالتهام
للطعن في أنفس لم ترتكب من الخطيئة سوى ظاهرها
ووللدهس في أرواح لم تطأ ل الإثم موضع
عبيدة الذي ابتلع ريقة وقد بلغ من القلق أعظمه حد شحوب الوجه وهو ينظر للحشد أمامه حتى زاغت عينيه بين أبيه وأخويه ثم أستاذه
جميلة التي ارتعدت برعب وقد زحفت روحها الفتية بعيداً فور أن رأت وجه أبيها المفزع
أما هذا لم يكن شئ جوار ما تشعره رضا
رضا التي استشعرت سريرتها قرب الموت أو حضوره في انتظارها
هذا الجمع ليس بجمع خير
هذا الجمع جمع خراب سيسرق بصيص الأنفس التي تتشبث بقيدها للحياة
تعالت الهتافات المستنكرة والمثبتة عن الأقاويل
كون الجاني يسوق ضحيتيه معاً فيتجمعون من حولهم
وصوت أحد كبار الرجال يصدح مهيباً مرعباً للنفوس المتأهبة :-
" هل وصل بك الفجر يا بن رشدان للدخول علينا هكذا ؟"
وعبيدة المالكي قد ينأى عن سب وشتم لكن أن ينعت بالفجر لهو الهلاك وعينيه تبرز عروقها احمراراً
صوته يخرج عالياً وكأنه يزأر لشئ أكبر من أن يفهمه أحد :-
" اتقي الله يا حاج ابراهيم اتقي الله
ليس عبيدة المالكي من حج بيت الله شابا من يكون فاجراً
والله لا أسامحك أبداً ولو كان بينك وبين مسامحتي الجنة "
" قالوا للحرامي اقسم "
" لا أصدق بجاحتهم "
" انظر انظر وكأنه معه الحق "
تتعالى الهمهمات والاستنكارات فيكسرها النبرة التي لم تُحنى لها هامة فوهنت
نبرة رشدان المالكي الذي كان ينظر لعبيدة بتوسل وذهول يسأله والحديث مشروخ :-
" وماذا يفعل عبيدة الذي حج بيت الله شاباً يا بن رشدان ؟"
" أبي ؟"
" يا حاج رشدان ؟"
الأولى مستنكرة من سلمان والأخرى قلقه من هاشم وعبيدة كاد أن يبكي, يقترب من رشدان يشد رأسه له فيقبله باجلال  وتضعف نبرته لوهن أبيه فيقول بنبرة صدق أراحت قلب رشدان وأشاعت بها فزع الخوف في نفس الأن :-
" والله لا أغضب ربي والله لا أحني هامتك "
ينظر لهم ثم ينظر ل أستاذه فتتعالى ضربات قلبه ألماً لنظرة الخذلان التي لم يفهمها وكل هذا وأدريس مسمر بنظراته على ابنته في هلع ولم يقوى على الاقتراب
يخشى السؤال ولا يقدر على التفسير لكنه أكيد من هلاكها حتى وإن لم يذر قلبه ذرة شك لعفتها أو نزاهة عبيدة بن رشدان
يقترب طارق من رضا يحاول احتضانه
يسأله بقلق عن ماذا فيه ولما يرتعد هكذا
يريد أن يطمأنه ألا يخشى شئ
تقع عينيه على كدمة أسفل رقبته ومع ضوء الليل لا يتبين الصفع على وجهه
تتسع عينا طارق بجنون والشيطان يحضر لما سمعه من أهل البلدة فتحين عيناه بنظرة اتهام لحظية إلى عبيدة
نظرة سرعان ما اندثرت بانكار لكنه تأخر فقد اخترقت قلب عبيدة كرصاصة حية وتبعثر الشعور على بزوغ نبرة صديق من العدم يقترب من رضا ويجعر :-
" ها هو بن أختي المسكين الذي يهمل فيه أبيه واخوته ويتركونه بين يدي هذا الخائن
هذا الذي تعدى علي في بيتي يا أهل البلدة " وكأن عبيدة كان ينتظر من يفرغ فيه شحنات غضبه
قلقه وخوفه فينقض عليه ضارباً والمنظر القريب لا يذهب عن باله
الهرج والمرج دب بين الرجال والأصوات تتعالى إنكاراً وشجاراً بين رافض وشامت
اقترب أيوب ليبعد عبيدة ويقف جواره فيفعل طارق المثل والاثنان يصدحان بخشونه ورجولة :-
" هل جننتم أتنهشون عرض بن المالكية ؟"
" والله لأصدقن فساد الأرض ومن عليها ولا يرتكب بن رشدان اثماً "
الأولى غاضبة من طارق والثانية مهيبة من أيوب والوضع يتفاقم
والحمل ثقل على كتفيه بقول صاحبية
إذ أنه مخطأ
"أبي " نطقتها جميلة بخوف طفولي كان الإفاقة لأدريس أن تشتد هامته
ينفض وهنه ويشدها لها بين ذراعيه قائلاً بغضب :-
" ابنتي كانت عند جدتها
وأن تعود مع عبيدة المالكي ورضا بن الدكتور نبيل أمراً لا يعيبها
هناك أمراً نريد أن نفهمه "
" انظروا انظروا ل الديوث "
" إذا فليتم طردك مع بن المالكية وأله "
" والله لن تنام البلدة وأنتم فيها بنجاستكم "

رواية هفهفت دِردارة الجوى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن