الهفهفه السابعة والعشرون
أسفل شجرة الدردار جلست حليمة والراوي أمام الدار
في صمت كلاهما يتابعان الأقدار
وبعينيهما يسبران الأغوار
طريقاً مليئا بالنسيم والأنوار وآخر محفوفاً بحفر من النار
ومن اللاقرار يتسائلا هل هناك مخرجاً دون انكسار ؟
..............................شقة فريدة
استيقظت على صوت المنبه لهاتفها
أغمضت عينيها تفتح نصف واحدة منهم وهي تتمطأ تفرد ذراعها لتأخذ الهاتف تطفأه فقطبت للساعه المشيره للسادسة والنصف
جلست نصف جلسة فيلفت نظرها تلك الورقة مكان الهاتف فأخذتها تقرأ ما فيها بنبرة أجشه اثر النوم
"أنا أسف يا فريدة اضطررت للنزول باكراً اليوم لأنهن هاتفوني أن أحد أصدقائي حصل له حادثاً لم اشأ أن أقلقك فتركت لكِ الورقة
لن أوصيكِ على ريان "
رفعت فريدة حاجبيها لأعلى وقد طار النوم والكسل من عينيها
منذ اتفاقهم وهم لما يحرزا تقدما يذكر حتى ريان هو الملزوم به ولم تتقدم نحوه خطوة واحدة
شعرت بشئ من المسؤوليه يدب بأعماقها وهي تتحرك ناحية المرحاض لتنهي طقوسها الصباحية وبعد دقائق طويلة كانت تقف بالمطبخ شاعرة بالفشل وهي لا تعرف أي شطائر تصنعها للطفل
زفرت بنزق تخرج من المطبخ تتجه لغرفته ببطأ وهي تفتح بابها وتدخل بحذر فتوقفت مسمره لما رأته
لقد كان ينام مجاوراً للباب بزاوية بعيده عنه يجاور خف أبيه ويحتضن صورة أمه
يبدو أنه قلق من النوم بوقتاً وحين لم يجد أحد خاف وبكى حيث أن اثار الدموع على وجهه فغلبه النوم في جلسته
مسحت عينيها من الدمع الذي تجمع فيهم وقد أوجعها قلبها شاعره بانفجار الحنان في قلبها لأجله
بحق الله كيف كانت تراه شيئاً يقل كاهلها
كيف كانت تتضايق منه وتكره ما يفعله وماهو سوى طفلاً لا حول له ولا قوة
يتيماً فقد أمه قبل أن ينعم بوجودها
هي التي تموت على طفلاً كيف لها ألا تتقي الله فيه؟
هاجساً مرعباً يمر بقلبها فيقبضها
ماذا لو انجبت وحان أجلها هل تترك طفلها ليكون حاله كحال أخيه ؟
لحظة ؟
لحظه
هل قالت أنجبت وأخيه هل أصبحت نفسها راضيه أن تنجب طفلاً من عمرو
هل نست عبيدة ؟
يلفها التشوش وحنيناً كالنسيم يمر بخاطرها فتبتره ونفسها تبلور احتراماً لأول مرة يظهر بحنايا روحها لأجل عمرو
لا تعلم لما
لكن ربما لأن كل ما صدر منه كان رجولياً إلى اللحظة
تنهدت وهي تعود بعينيها وفكرها لريان فتتوكل بعزم وهي تجثوا على ركبتيها أرضاً تحاول أن تيقظه
مرة والثانيه ثم ارتعد مبتعداً فور أن أدرك أنها هي
تنقلب شفتيه بخوف وحزن اذ أن أبيه ليس هنا ولن ينقذه أحد منها كما أخبرته جدته
أخذ يشهق دون صوت كابتاً خوفه وحزنه الطفولي فابتسمت فريدة بحزن شاعرة بالعجز وهي تقول بحنان :-
" لا تخف مني يا حبيبي وتعالى إلى ؟"
هز ريان رأسه نفياً بقوة وابتعد بجسده للخلف فكادت ملامحها أن تتغضن بيأس إلا أنها نهضت وقد لمعت عينينها بتذكر
تحركت للخارج مسرعه تجلب علبه من (الكاندي) أعطتها لها احدى صديقاتها بالأمس بالمشفى
عادت له وهي تقول بحماس تفتحها أمامه تحاول أن تغريه بالألوان :-
" إنها جميلة أي لون تريد
أم تريد أن تأخذها لك "
لمعت عينا ريان بحاجه طفوليه إلى أنه عاد وهز كتفه يعاند فتحركت فريدة ببطأ لتجلس أمامه بحذر وهي تقول بينما تأخذ واحدة تأكلها :-
" على راحتك سأكلها وحدي "
حين لم يرد عليها كادت تيأس إلى أن نظرت عينيه الجانبيه جعلتها تعود لتحاول من جديد فلفت نظرها أنه يرمقها بجانب عينيه
ابتسمت فريدة تسمح لنفسها بتأمله بفطرة أم لأول مرة
طفلاً جميلاً ببشره بيضاء وجنتين ممتلاتين ورموشاً كثيفه لعينين سوداوتين
" ماشاءالله أنت جميل جدا يا ريان "
نظر لها ثم عاد وخفض أهدابه فمدت كفها له بالحلوى مرة أخرى لكنه رفضها فقالت باحباط :-
"ألست جائعاً ؟"
لمعة عينيه أنبأتها بالرد فمطت شفتيها بقنوط صامته حتى ملت ثم عادت تحاول مرة أخرى :-
" ما رأيك ألا ننزل اليوم ؟
أنت لا تنزل إلى الحضانة وأنا لا أذهب إلى العمل "
انتباهه المهتم جعلها تضحك فسألته بترقب :-
"هل تريد ألا تنزل للحضانة ؟"
أومأ برأسه موافقاً فقالت بمقامرة :-
" على شرط "
الترقب كان من نصيبه هذة المرة وهو ينظر لها بفضول فابتسمت وهي تقول تتمنى منه الموافقه:-
" ما رأيك أن نصنع لنا فطوراً سوياً ؟"
صمت ريان طويلاً حتى يأست ثم خرج صوته الجميل لأول مرة لها دون عداء وهو يقول :-
" ولن تجعليني اذهب إلى الحضانة "
أومأت فريدة مسرعه وهي تقول :-
" وعد لن تذهب اليوم ولن اخرج أنا أيضا"
أومأ ريان بموافقه فتنهدت فريدة وهي تنهض تمد له كفها بدعوة فنهض هو الأخر يتحرك معها دون أن يمسك كفها لكن كان لها أكثر من كافياً
بعد وقت طويل غلبها فيه ليتناول طعام إفطاره وقد أغرته بتقطيع الطعام على أشكال مختلفة هي ما جذبته بدلت له ملابسه بعد وصله من العناد والرفض وهاهما أخيراً ينزلا سويا للأسفل
منذ أيام تتلاشى النزول إليها لكن أمها عنفتها أنها سيدة كبيرة بالعمر ورغم كل شئ هي أم زوجها
دخلت من باب الشقة المفتوحه على الدوام فأبصرتها تحية التي كانت تجلس أمام التلفاز ولوت شفتيها وهي تبصر ريان مجاوراً له فغمغمت دون نفس:-
" تعالى يا فريدة "
ثم نظرت لريان وهي تبتسم تدعوه :-
" تعالى يا حبيب جدتك "
ركض ريان ناحيتها وجاورها فاحتضنته ثم نظرت لفريدة التي جلست هي الأخرى وقالت بوجهاً مقلوباً :-
"لم نرى وجهك منذ أيام "
استغفرت فريدة بسرها وقالت :-
" اعذريني يا أمي كنت مجهدة "
لوت تحيه شفتيها وهي تنظر لشاشة التلفاز وعمهم الصمت الذي قطعته فريدة :-
" هل تريدين أن أساعدك بشئ ؟"
" وهل تأتِ منك المساعدة ؟"
همست تحيه بنفسها ثم نظرت لها وقالت بمسكنه لفت فريدة بالتشوش لا تعرف من تلك المرأة حقاً :-
" يعني إن كنتِ تريدين
أنا لم أطلب منكِ شئ
لكن إن تريدين ادخلي لتغسلي الصحون ثم قومي بحشو الباذنجان والكوسة بالثلاجة "
أومأت فريدة وهي تنهض لتفعل وكعادتها حين تدخل المطبخ تشعر بالسأم والغضب :-
" بحق الله هل يدخرون الصحون حتى تنزل
انها صحون اسبوعاً تقريباً"
تأففت وهي تتحرك لتفعل على مضض ثم حين انتهت فتحت الثلاجه تظن أن المحشي جاهزاً على الحشو لكنها تفاجأت أن كل شئ كما هو حتى أن الباذنجان والكوسه لم يتم تقويرهم
بحق الله هي حتى لم تصنع غداءها وليست متفرغه
خرجت من المطبخ تتحرك نحوها تقول بضيق صادف دخول عمرو :-
"أمي أنا ظننت أن المحشي جاهزاً على الحشو
لكني لست متفرغه لتقويرهم وصنع التخديعه والحشو وخلافه
المحشي يحتاج مجهوداً لما لم تخبريني منذ الصباح , أجليه ليوم العطله حتى أن الكمية كبيره "
شهقت تحيه تقاطعها تقول بنبرة المغلوب على حاله :-
" وهل طلبت منكِ شئ بالأساس
سامحك الله
لا أريد محشي ولا شئ أن أقضيها بلقمة جبن "
" لكنكِ قلتِ ...."
" قلت ماذا يا ابنتي أنتِ لستِ خادمة عندي "
لوت فريدة شفتيها بضيق من تلك المرأة التي لا تفهمها ولم تبصر بعد عمرو الذي يقف مراقباً للوضع بصمت
تنهدت وهي تقترب منها تقول بتردد :-
"أردت أن أخبرك بشئ أخر
الصحون تعفن حين لا تغسل يوماً بيوم
لقد انقسم ظهري حرفيا في غسلهم "
"أي صحون يا ابنتي لقد كانوا صحنين هل تعايرينا
نورهان بارك الله فيها تجعلني لا احتاج لشئ واسألي زوجك فهو يقابلها يوميا"
نظرت فريدة ناحية ما أشارت حماتها فتوترت لوجوده الصامت شاعره بالحرج
حين أبصرته تحرك هو للداخل يقبل رأس أمه وكفيها يسأل عن احوالها فلفت نظرها الاجهاد البادي على وجهه بدرجه ملفته حتى نهض قائلاً بخفوت :-
" هيا لنصعد للأعلى "
حين تحرك للخارج كان هو يمسك هاتفه قائلاً لأمه :-
"أمي لقد طلبت لكِ طعاماً من الخارج سيحضر بعد قليل "
حين صعدا سوياً للأعلى وجلس ريان أمام التلفاز تحدثت بتوتر وهي تتحرك وراؤه ناحية الغرفه :-
"عمرو لا أريدك أن تفهمني خطأ "
حين لم يرد عليها تحدثت بانفعال زاد الطين بله :-
" ليس علي أن أخدم أمك بالأساس "
" وهل طالبتك ؟"
زعق عمرو بغضب فارتجفت لوهله إلا أن العند يركبها معه لا تعلم لما فانفعلت أكثر قائلة :-
"يكفي أن تقلب وجهك لأعلم ما تريد "
خلع عمرو قميصه فظهر جزعه عارياً ولأول مرة تتأمله بعين زوجه دون شعور لكنها انتفضت على اقترابه منها بغضب قائلاً :-
" ويا نبيهه ألم يأتِ في بالك أني لم أرضى طريقتك في الحديث لأمي
هي تعاملك بكل طيبة وحنان وأنتِ انظري لطريقتك
كان يمكن أن تطلبي مني أنا خادمة لها ولم أكن أردك "
" طيبة وحنان "
صرخت بذهول جعله ينظر لها قائلاً بتحذير :-
" ماذا
أخرجي ما بداخلك لا تكتمينه"
" وهل لو اشتكيت سترى أمك مخطأة قط ؟"
" لا تعيشي الدور يا فريدة أي شكوى بحق الله أنتِ لم تنزلي للأسفل لأكثر من اسبوع "
أنهى حديثه وتحرك خارجاً نحو الحمام
وبعد وقت كان يدخلك تلك الغرفة التي تخص زواجه الأول يغلق على نفسه فتحركت لتجاور ريان وكلاهما يلفهما الصمت حول طرفهم الصامت
ليلاً
فتحت عينيها وقد غلبها النوم مكانها فوجدت ريان هو الاخر نائماً على ساقها دون قصد
حركت كفها بشعره الناعم بحنان
أغرتها وجنته لتقبله فأوجعها قلبها وهو يدفن جسده الصغير فيها يتلمس فيها حناناً تجوع روحه الطفوليه له ويأبى عناده عن طلبه
أخذته بأحضانها بعض الوقت ثم أدخلته غرفته وانتظرت قليلاً حتى لا يقلق
ثم خرجت بعزم ناحية غرفة أبيه وتوقفت مذهوله متسعة العينين لما سمعته
لقد كانت شهقة رجوليه مختنقه أوجعت قلبها وجعلتها تدخل دون طرقاً للباب
وبركنا قصياً على ضوء القمر وجدته جالساً يسند ظهره للفراش رأسه مدفونه بين ساعديه الساندين لركبتيه
تحركت بذهول تجاور جلسته تهمس مشدوهه
" عمرو ماذا فيك ؟"
رفع رأسه له فهالها لون الدماء بعينيه المحتقنتين بينما يهمس بضعفا وكأنه عارياً اللحظة من كل شئ:-
" لقد ماتت زوجة صاحبي وطفله ولم يتبقى سوى هو
حين استيقظ وعلم الخبر انهار"
حانت منها نظرة نحو الصورة الموضوعه أرضا جواره تلك المرأة التي أخذت قلب الرجل وطفله فهمست دامعه بتأثر
" هل تذكرتها ؟"
"أنا أسف يا فريدة لم يكن يصح أن تشاهديني بهذا الحال "
النبرة الضعيفه والضائعه التي همس بها شحذت عاطفة لا تصنيف لها تجاهه وهي تضم رأسه لصدرها هامسة :-
" ليس عليك الاسف
أي أحد مكانك كان ليضعف بموقف كهذا "
حين ارتكن لها برأسه همس بنبرة حزينه مستها وأعلمتها كيف أنه ليس برجلاً بارداً كما ظنت :-
" اليوم كان عصيباً
حين أبلغونا عن موتهم فقدت وعيي وأنا استعيد اللحظة لم استطع أن افرق أو أن اقف ثابتا
لقد سمعت بأذني خبر وفاتها للمرة الثانيه "
" لما تكتم حزنك عليها بقلبك يا عمرو بذاك الغلاف البارد "
" تركت لي طفلاً لا حول له ولا قوة
إن لم يجد حضني ملجئاً له فلمن سيلجأ
يكفي أنه فقد أمه"
"أنت أب رائع يا عمرو "
حين صمت دون رد همست :-
" لكن أظننا اتفقنا على عهد صداقة أظن أنه أن أوان تفعيله
بالأمس لم يكن هناك من تشكو له لكن أنا هنا اليوم اسمعك "
تركته يفضي بعض الثرثرات الغير مترابطة لها كلها كانت حول تعثره بريان وحده طويلاً حتى تصلبت على تغير لمسته لظهرها فهمست اسمه بخجل ونطق هو بحاجة :-
"انا أسف يا فريدة لكن أنا احتاجك اللحظة بشدة "
صمتت حتى ظنها ترفض وكاد أن يبتعد لكنه تفاجئ بمبادرتها في القبول ولأول مرة كانت تعطيه من روحها بسخاء وكأنها تريد أن قلل وجعه ولأول مره تلمس من عمر المتبلد عاطفة مميزة ربما لا تصنيف لها لكن اللحظة كتب لهم رابطاً جديداً من القدر
...........................
أنت تقرأ
رواية هفهفت دِردارة الجوى
Romance_الرواية بتتكلم عن رشدان المالكي صاحب مزرعة المواشي والجزار المعروف ف البلدة الريفية وهو من كبارئها وأولاده عبيدة وهاشم وسلمان ومودة _عبيدة اللي اكتشف أنه مش بيخلف وزوجته فريدة رغم حبها ليه أمومتها تغلبت عليها _هاشم ومراته حبيبة اللي بيعشقها لكنها...