الهفهفة الثانية والعشرون

713 32 11
                                    

الإشراقة الثانية والعشرون

أسفل شجرة الدِردار جلست حليمة والراوي أمام الدار
تقص عليه اليوم باعتياديه أن كان ياما كان وتبدأ تسرد له حكايا الزمان
تسأله هي اليوم عن صمته المجهول
فيشاكسها بغموض أن كل شئ له مدلول
لوت حليمة شفتيها متشدقة أن الآثام  أكلت الأرواح و العقول
سألها الراوي بخوف :_  "هل ممكن  أن يكون الذنب مغفور ؟"
فتنهدت حليمة  وقالت بتأكيد:_
" فقط لو أن التوب كان مبرور "
....................................

بيت منصور المالكي - شقة رنوة

عاطفته تلك المرة كانت مجنونة حد عدم قدرتها على التصدي لها وهي تذوب بلهيب لمساته التي ترسل الحمم الساخنة لجسدها الجائع للعاطفة فكيف بعاطفة محرمة وقعت فيها بمغبة تيهها
الذنب كالداء إن لم تتصدى له بالدواء قضى عليك ك شر البلاء
وذنبها هي كالمرض العضال ينهش فيها وكأنها مازوشية الهوى استعذبت الألم منتظرة الموت

"روحي
عشقي
ملاكي "

تتسارع همساته مع لهيب لمساته وكله يعتصرها نهماً للحصول عليها  فيها وجوعاً شرساً للتوحد فيها
هي امرأة عاطفتها جدباء فكيف لها أن تصد شربة مائها وهي اللاهثة من الظمأ
هي روحاً طال عظيم انتظارها لغزل يحي أنوثتها
هي أنثى بأوج شبابها تحتاج للشعور بأنوثتها
وهي محبة سقطت بالعشق المحرم على غفلة من تيقظ القلب
ارتحل الضمير وتوهجت الشهوة بوقع اللمسات التائقة
هو رجل يعرف كيف يذيب المرأة بين يديه فكيف بأنثاه التي يشتهي
رجل حار تحتاج كل أنثى بلهاء لوجوده ليروي أنوثتها فكيف بمن تاقت طويلاً لتلك العاطفة

"جميلة
ناعمة
اشتقت لكِ حبيبتي اشتقت لكِ "

تغيب عينيها بالعاطفة وتهمس بضعف ونعومة  وأنفاس مسلوبة :-
"وأنا اشتقت لك يا زين
اشتقت لك "

واندلع الحريق وكل منهم يسرق ما يتوق له من الاخر بنهم حد تغيب العقول والتلاشي حد السكر
وفجأة يضئ الوهج بروحها حين لمست جسده العاري ووعت لقرب عري جسدها فتجزع بهلع وهي تبعده عنها بعنف لا تعرف من أين حصلت عليه وقد كانت ترتعش بخضم عاطفتها الملوثة
الجرح في عينيها أشعل غضبه وهو يهدر فيها بلوم :-
" لما يا رنوة لما ؟"
يعود ليقترب منها وبلهيب أنفاسه يضعفها بتوسل :-
"سأموت لنيلك حبيبتي سأموت "
لوهلة
لوهلة فقط كادت أن تسقط دون عودة إلا أنها هزت رأسها نفيا بذعر وعينيها تدور بحثاً عن بلوزتها لترتديها
وبأيدِ مرتعشة تسحب قميصه لترميه عليه آمرة بعينين جامدتين :-
" ارتدي قميصك وانزل من هنا "
" رنوة " قالها بعذاب فهدرت بعذاب مضاعف :-
"أنزل من هنا يا زين أتوسل إليك "
رماها بنظرات غاضبه وهو يغلق قميصه راحلاً فتركض نحو حمامها وشهقاتها تسبقها لتفتح المياه تاركه نفسها أسفلها وتنهار
الذنب يجلدها وهي لا تصدق أي دونية هي فيها وأي قذارة  سقطت بها
تجزع بعينيها وتنهمر دموعها كشلالاتِ غزيرة والحقيقة تلمع أمام عينيها بلا تزييف
لقد كادت أن تكون زانية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى
ومع من ؟
ومع من ؟
مع أخو زوجها
رباه رباه رباه
تشهق حد زهق الأنفاس وهي تدعك جسدها وكأن بهذا تتخلص من لمساته التي أوهنتها ولوثتها
كراهية تتشعب بروحها له ولها  وشعورها اللحظة مرعب
هل تعرف الشعور ؟
تماماً كمدمن للأثام اكتشف جرمه لكنه عالق لا يعرف من أين سبيل التداوي وقد وصل لخط اللاعودة
هي التي
فتحت بابا للشيطان
طردت من رحمة السكينة وكتب عليها شقاء العذاب
دقائق وكانت تخرج من الحمام ترتجف بعنف وتتحرك ناحية مطبخها لتشرب بعض المياه فتقع عينيها أسيرتي نصل السكين الحاد
والشيطان هنا منذ الثانية الأولى بالأساس فلا حاجة لوسوسة تحض عن قتل النفس هي فقط تشحذ طاقة كفر روحها يأساً منها لتأخذ الخطوة فترتاح
ترتعش وهي تسحب السكين ولم تكد تفعل حتى سقط منها للنبرة العميقة خلفها باستغراب
" رنوة "
التفتت بجزع لا تصدق أنه هنا أمامها
أحمد لا سواه
زوجها هنا أمامها ؟
زوجها كان على بعد دقائق من وجودها بحضن أخيه
هل عرف؟
هل عرف شئ؟
هل كان هنا لحظتها ؟
ارتعاش الدموع بعينيها وهي تهز رأسها نفياً بهستيرية أقلقه وهو يتقدم منها قائلا بقلق :-
" رنوة ماذا فيكِ لما ترتعشين هكذا ؟"
"أحمد " تهمسها بجنون فيقطب وهو يصطحبها للخارح متسائلاً :-
" هل أنتِ مريضة ؟"
رغم أن نبرته عادية لم تركن لتطمأن بل سألت بارتعاش :-
" منذ متى وأنت هنا ؟"
لتوي أتيت فقط جلست مع أمي وأبي بالأسفل قليلاً
أخبرتني أمي أن زين هنا وهاتفته لأفاجئه ليخبرها أنه خرج لتوه فصعدت لكِ "
أومأت برأسها  مراراً وهي تأخذ أنفاسها بتنهيدة بها من الراحة ما يوازيها من الجلد وبصحوة تنظر له مرة أخرى ذاهلة :-
" أحمد أنت هنا حقا ؟"
ضحك أحمد وهو يقول :-
"أه أنا هنا حقاً واستقبالك لي كان عجيباً "
لكن العجيب حقاً كان ارتمائها بأحضانه وهي تنهار باكية بتوسل :-
"خذني من هنا يا أحمد اتوسل إليك خذني معك للخارج"
................................

رواية هفهفت دِردارة الجوى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن