الهفهفة الثالثة والعشرون 🌱💚

820 36 7
                                    

الهفهفة الثالثة والعشرون

أسفل شجرة الدِردار جلست حليمة والراوي أمام الدار
تقص عليه أن كان ياما كان
بزمن من الأزمان
رضخ الإنسان إلى الشيطان
أمارة السوء تغريه أن يحمل من الذنوب أطنان
لوامته تحذره أن كل من عليها فان
لكنه ابتلى بأضعف الإيمان فيكن نصيبه شقاء الحرمان
..........................
المشفى

حين أفاقت من التخدير واطمأن عليها الأطباء ابتسمت بتعب وهي تبصر طارق وغرام يدخلان عليها وعينيهم تلمع بالقلق
تحرك طارق ليقترب منها مقبلاً جبهتها بحنان يتسائل :-
"أنتِ بخير حبيبتي ؟"
أومأت بعينيها فأمسك كفها بين كفيه وهو يطمأنها قائلاً :-
" لقد طمأننا الطبيب عليكِ "
ابتسمت ثم نظرت لغرام بامتنان ودارت عينيها بينهم متسائلة :-
"هل نجحت العملية ؟"
أومأ طارق يخبرها :-
" تماماً حتى أن الأطباء مبهورين بنتيجتها انه لطف الله بكِ "
بينما مالت غرام عليها وهي تهمس بشقاوة :-
" نجحت يا وقحة يا صاحبة الخيال المتيقظ "
ابتسمت رضا وزجرتها بعينيها فيتهامسان  ليصدح صوت طارق من بينهم بفضول :-
" فيما تتهامسان "
انتفضت غرام تنظر له بغيظ متأففه من مقاطعته لهم وهي تقول بنزق :-
" حقا يا طارق أنفك كبير بما يكفي لتشحره بيننا "
" احترمي نفسك أنا لم أحاسبك عن ما حدث بالخارج بعد"
أشاحت غرام بوجهها ممتعضه عنه بلامبالاة ثم التفتت لرضا تغمزها بشقاوة وهي تشير لها ناحية الخارج
توعدها طارق بعينيه بينما نقلت رضا نظراتها
بينهم متسائله :-
" ماذا يحدث ؟"
ابتسمت غرام وهي تعاود غمزها ثم تميل عليها لتهمس :-
" الموز بالخارج يا ابنة المحظوظة "
غار قلب رضا بين جنباتها باضطراب لذيذ مشتاق فتهمس لها بتهدج وتمني:-
" من ؟"
" من يعني ؟
ومن سواه الشيخ يا وقحة "
" عبيدة ؟
عبيدة هنا ؟" قالتها رضا بتلهف خرج عالياً لتستقيم غرام وهي تنظر لها بغيظ هاذرة من بين أسنانها :-
" منكِ لله يا رضا يا غبية سيبتلعنا ؟"
لم تكد تنهي جملتها حتى كان نبرة طارق المهتاجة جوار أذنها بتوعد
"سأفصل جلدك عن لحمك يا غرام "
رفرفة غرام بعينيها وهي تميل له تضم شفتيها باغراء هامسة بمرح :-
" هل عملت جزاراً من قبل يا هندسة ؟"
جز طارق على أسنانه واخترقتهم رضا بسؤالها المتلهف :-
" هل عبيدة هنا حقا ؟"
ضغط طارق على ساعد غرام بغضب وهو ينظر لها بتجهم قائلاً بتململ منفعل :-
" نعم هنا لما كل هذة اللهفة لا أفهم"
" واحدة وزوجها لما تحشر نفسك بينهم ؟" همستها غرام بذهول من حشريته المفرطة حتى قسى بقبضته على ساعدها فتنظر لرضا بغيظ وهي تقول  بنذالة :-
" صحيح أخيكِ معه حق لما كل هذة اللهفة تحشمي يا امرأة "
" يا نذلة " أخبرتها رضا بعينيها فتلوي غرام شفتيها نزقاً ويصدح صوت هاتف رضا مقاطعاً برقماً تسري المكالمات بينهم يومياً
رقم جميلة ابنة الدكتور إدريس
............................
ضواحي البلدة النائية  ـ بيت عمرو

منذ أيام وهي أصبحت زوجة وصاحبة بيت آخر غير الذي تمتلكه
رجل آخر تشاركه حياتها وتخفي عنه مكنونات قلبها فزعاً من أن يكتشف بكاؤها لسواه
أمها عنفتها لأنها لم تملكه منها حتى الآن ، وإخوتها حذروها ملله فالرجل وإن طال صبره يضجر
حماتها سألتها عن الأمر وقد أوصاها قبلاً ألا تخبر أحد ففعلت هذا مع أمه ولم تستطع الإخفاء عن أمها
اليوم أول يوم له بالعمل بعد أجازة زواجهم التي قضياها في مشاركة ودية للطعام والتلفاز وبعض الثرثرات العادية
واليوم أيضا سيأتي ب ابنه الصغير
تلك المهمة الشاقة التي تشعر بالرعب منها ولا تظهر له هذا
هو الذي يعاملها بتهذيب ولطف ويراعي راحتها حتى أنه لا يرهقها بأبسط طلباته ك كي الملابس وخلافه من أشياء أخبرها ذات ثرثرة
" طالما هناك من يقوم بالمهمة (كالموجي )فلما نقسم ظهورنا "
هذا غير تكريمه لها أمام أهله فكيف بعد كل هذا تبوح له بعدم تقبلها طفله الذي أوصاها به منذ أول مقابلة بينهم الأمر ليس عدم تقبل تحديداً لكنه الخوف من أن تخفق في احتواؤه أو محبته ك ابناً لها وهي التي لا تشعره كذلك ؟
رنين الهاتف الأرضي لشقتها جعلها تتحرك نافضة أفكارها لترد عليه ولم تكن سوى حماتها التي تدعوها للنزول
بعد نصف ساعة
كانت تلقي السلام على تحية التي لوت شفتيها جانباً دون أن تظهر لها هذا بينما تلتفت تسألها :_
" كل هذا لتنزلي يا فريدة ؟"
" اعذريني كنت استحم قبل أن أنزل هل تريدين شئ؟"
قالتها فريدة بتهذيب فضربت تحية باطن كفيها بظاهر الآخر على بطنها وهي تقول دون رضا فقد تسبب تأخرها بفوران اللبن :_
" سلامتك
لقد فار اللبن وانتهى الأمر"
مطت فريدة شفتيها بأسف وهي تقول بعفوية:_
" لا يهمك سأجلب لكِ كيسا من الأعلى"
" كيس ؟
هل سأفتح كيسين لبن بنفس الليلة ؟" شهقت تحية بالقول فقطبت فريدة دون راحة وقد انتوت الصعود مرة أخرى إلا أن تحية صدمتها بالأمر :_
" ادخلي إذا لتغسلي الصحنين وتمسحي البوتوجاز من اللبن الذي فار بسبب تأخرك "
رفعت فريدة حاجبيها بضيق لكنها كظمت غيظها احتراماً لعمر المرأة تقول:_
" من عيني يا ماما "

رواية هفهفت دِردارة الجوى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن