الجزء الثاني من الهفهفة التاسعة والعشرين 🌱💚

482 27 2
                                    

الجزء الثاني من الهفهفة التاسعة والعشرين

البلدة
" من الملدوع يا حليمة ؟" هدر رشدان متسائلاً بغضب وهو يخرج من الغرفة نحوهم
التفتت ناحيته كل من هنية وحبيبة والبكاء يرسم ملامحه على وجوههم لكن البلاهة خطت عينيهم وهما لا يفهمان ما يقوله فنطق هاشم وهو ينظر ناحية أمة بتوجس :ـ
" الملدوع لا ينعوج "
" نعم جدتي قالت الملدوع لا ينعوج " قالتها نورين بفرحه وهي تحرك كفيها بتفاعل فشدتها هنية من أذنها متبرمة بغضب:ـ
" أنتِ يا ملدوعه هل قلت هذا ؟"
وبتدافع أنثوي كانت حبيبة تتدخل قائلة فيما بدا گ تصليح لكنه كان إغباء خالصاً:ـ
" حماتي لم تقل هذا لقد قالت المعووج لا ينعدل "
" سامحكِ الله يا حبيبة هل هذة أخر فضفضتي معك بكلمتين "
قالتها هنية بلوم مغتاظ وهي تنظر ناحية رشدان المتجهم بتوجس وبدهاء خذه بالصوت حتى لا يغلبك كانت تنفعل :ـ
" ماذا فيها يعني ؟
هل سأخاف أم ماذا انظر إلى فعلتك أنت وابنك
الابن يعيد أيام أبيه "
" أمي بحق الله أنتِ لا تعرفين الموضوع من الأساس"
" بل حكت لي زوجتك المكلومة گ حماتها "
وبانفعال كانت حبيبة تصيح:ـ
" نعم قصصت عليها خيانتك يا خائن حتى ترى ماذا يفعل ابنها المفضل التي تظنه فاضلاً"
" لا انتظري يا حبيبة حبيب أمه مفضلاً وفاضلاً وهل هناك مثل هاشم بالتأكيد تلك الجرباء هي من راودته "
" أمي" شهقت حبيبة بانفعال مذهول ومن بين أسنانها مالت عليها وهي تقول بغيظ :ـ
" هل لأجل ابنك نسيتِ ما فعله أبيه ؟"
عضت هنية شفتيها متأففة وهي تدفعها برفق بينما رشدان يضرب كفيه ببعضهم من هذا الجنون إلا أنه نطق بصرامة:ـ
" خذ زوجتك واذهب من هنا "
" أنا لن أجلس فيها يا أبي" قالتها حبيبة بحزن ثم من أسفل أهدابها كانت ترمقه بقلق وقلبها الخائن يلهف عليه فتسطع بتساؤل متردد:ـ
" بالتأكيد لم يخبرك شئ "
" بل أخبرني كل شئ"
شهقت حبيبة دون صوت وقلبها يتلوع عليه إلا أن وجعها منه كان أكبر فتنزل دموعها قائلة :ـ
" لكن هذا لا يعني أني سامحت والله لا أنسى ما رأيته
لقد كان يخونني"
" لم يخونك يا حبيبة وتعلمين زوجك أطهر من الماء"
" كانت معه"
همستها بتهدج ونبرة مرتعشة من البكاء جعلت رشدان يغمض عينيه بنفاذ صبر قائلاً:ـ
" اصعدا لشقتكم لتحلا مشاكلكم فيها فلا طاقة لي بكم
ما هذا الهم ياربي "
" هيا يا حبيبة " قال هاشم بصرامة مقتضبة وهزت رأسها نفيا بعناد وناصرتها هنية وهي تقول:ـ
" زوجة ابني وابنة صديقتي ستشارك مودة غرفتها حتى ترضى عنه"
" على راحتك " قالها هاشم بنبرة ضائقة غاضبة وقد تركهم وذهب تحت أنظارهم المذهولة فأمرها رشدان قائلاً:ـ
" اتركيني مع حماتك يا حبيبة "
" لا انتظري " قالتها هنية بطفولية جعلته يحدجها بغضب فتبرمت بصمت حتى ذهبت حبيبة وانتقل هو مجاورا لها قائلاً بنبرة غاضبة :ـ
" هل أنا معووج يا هنية ؟"
أشاحت هنية بوجهها دون رد فقال بانفعال:ـ
" أنتِ يا امرأة هل أنتِ مجنونة ؟"
" لا تقل عني مجنونة " قالتها بانفعال وقد عادت للبكاء مرة أخرى فتنهد رشدان بصبر قائلاً باقتضاب شابه بعض الرفق :ـ
" ماذا حدث لكل هذة الدراما يا هنية ؟"
ناظرته بجانب عينيها ثم بتهدج كانت تسأله :ـ
" هل عدت للجرباء وسلالتها ؟"
ابتسم رشدان رغماً عنه قائلاً بعتاب:ـ
" تصورين الأمر وكأني قمت بخيانتك"
" لكنك أوجعتني يا رشدان
حاشاك أن تخون لكنك سقطت بفخها وكادت حياتنا أن تنهدم حينها "
" لكن لم يحدث
الله كان رحيم وكشفها لي يا هنية وقد كنت أظنها امرأة مسكينة لا غانية
وصدقيني خضرة أنا رفضت وجودها منذ أن علمت به لكن ابنك تسبب بتأخر وجودها "
ناظرته هنية بتردد فأخذ رأسها ليقبله ثم أمسك كفيها قائلاً بدفء معاتب:ـ
" ما بيننا يا هنية أكبر من أن تقحميه بمشاكل ابنك وزوجته "
" أنا أسفة فقط لقد غرت عليك" قالتها بطفولية جعلته يضحك عاليا وهو يقول :ـ
" اقسم أنك ِ مجنونة"
" لا تقل مجنونة " قالتها بانفعال لذيذ واختارت نورين المتابعة للحوار من البداية التدخل وهي تقترب منهم قائلة بنبرة عالية متفانيه للدفاع عن جدها الحبيب :ـ
" لا يا ( تيتا) جدو لا يقول أنكِ مجنونة بل قال أنكِ قصيرة "
...........................
ألمانيا
اليوم مر عليه ثقيلاً أثقل من خروج روح كافرة لا تتقبلها سماء ولا يرضى عنها ثقب أرض
لقد قضى ليلته بغرفة مكتبه نائما ً على أريكته صافناً بالأعلى وجسده كله مكبلاً بأصفاد الصدمة
ناراً حارقه تنهش بجسده آبيه على روحه بضع لحظات من سكينة حتى النوم ضن عليه من الفعل وقد كره أن ترك لها الليلة تشاركه أنفاس المكان
مازال لا يفهم وعقله لا يصدق زوبعة ما حدث وكأنه ينتظر أن يفيق من هذا الكابوس فيجد نفسه بعمله الذي تغيب عنه لأول مرة منذ أن أتى لغربته منتظراً سلامة العودة بوجودها هي وطفليه
لكن الأحلام أصبحت ضبابية وواقع ما حدث يتبرهن من صوت بكاء طفليه بالخارج
بكاؤهم الذي شق صدره گ( بلطة )حادة لا زيف في انهمار الدماء منها عاتية ولا داعي لتذويق الألفاظ إذ أنها اللفظ الأقرب للشعور
يقسم على جسده أن يعينه على القيام أن يصل لهم فيخفي عنهم لحظة وجيعة لا تتحملها قلوبهم البريئة ولأول مرة يدرك أن أبوته على قلبه أغلى من العالم الأجمع
شهقات الصغيرة تصله مريعة والصوت متقطعاً فيمزقه ويصل لأذنيه عويلاً:ـ
" ماما لا تذهبي؟"
همسات لا يتبينها ويكره أن يفعل وصوت بكاءا مكتوماً منه جعلته يلعنها ويكاد أن يشدها من خصلاتها رمياً بالشارع لكن صوت بكاء صغيره الممزق يقطع عليه رغبته السريالية :ـ
" ماما
هل فعلنا ما نغضبك ؟ لا تتركينا "
" أنا أحبك يا ماما "
" نعم نحن نحبك يا ماما "
التاع لتوسل طفليه وانتفض بغضب أعمى لكن الدموع التي طفرت من عينيه لأجلهم أوقفته
مسحهم بقسوة مبتلعاً ريقاً أقسى من الأشواك وأشد مرارة من الحنظل وبجمود كان يفتح باب غرفة المكتب هادراً فيهم بصرامة أن يأتوا :ـ
" تعالوا هنا "
تمسكت بهم بين أحضانها وخزت عن رفع عينيها له لكن حين كرر أمره حاولت أن تبعدهم عنها فجزع قلبها وتفتت قلبه وهم يتمسكون فيها گ هرائر صغيرة لا يبصرون من الدنا سوى أثداء أمهم التي تهديهم الطمأنينة فيقترب منهم جاثيا على ركبتيه أمامهم يشدهم له بقسوة جزت قلبه يزرعهم بين أحضانه ويرفع عينيه لها بأمر الذهاب فتفعل ويعلو صياحهم باسمها وتخبطهم بين ذراعيه رغبة في الوصول لها لكنها بعينيه أقل من استحقاقها أمومتهم وهي تخرج من الباب مستديرة بكليتها ظهرها وحياتها بل عمرها كله تخلياً عن دموعهم وطفولتهم
..............................
شقة فريدة
" ماماااااااااا ماماااااااا"
انتفضا سويا على صوت البكاء والصراخ الطفولي وللمرة الثالثة على التوالي يحدث الليلة فيهرعا سوياً نحوه وهذة حالته منذ ثلاثة أيام على التوالي تحديداً منذ أن عاد من عند جدته
يرفضها
ينفرها
ويكره قربها وتعود لنقطة الصفر معه صاغره
تمرداً لا قبل لها على صده أو التعامل معه بالنهار وخوفاً مريعاً بالليل وأعصابها أصبحت على المحك
هي لم تعد تستطيع التحمل
نهضت خلفه وقد كان هو الأخر منفعلاً بغضباً مكتوماً
تعلم أنه ينتظر منها أن تتعامل هي من أجل عمله الذي يستيقظ له قبلها بساعتين وأكثر ولم يعد يهنأ بنوم
لكنها لن تفعل
هو ابنه ومسؤوليته وإن كان يغض تفكيره عن طارف الخيط المسبب هي لن تفعل
حين دخلت خلفه إلى غرفة الصغير وقد كان يحمله بين ذراعيه يهدأه يحاول أن يسأله عن ما فيه
لكن الصغير منكمش بين أحضانه يشهق بخوف وعقله الطفولي يضخم له كلام الجدة بشكلاً مرعباً
" لا تتحدث أمام بابا بشئ يا ريان
لا تخبره أنك لا تحبها
إياك أن تحبها يا ريان فماما لا تحبها
بابا لو علم شئ سيضربك ويغضب منك "
ترتجف شفتيه ويعاود البكاء وتشبثه بعمرو يكاد أن يصيبه بانهيار جعلها تشفق عليه فتقترب هي تحاول معه علها تستطيع استمالته مرة أخرى لكن نفوره الواضح منها مع وصلة صريخ حادة جعلت عمر ينفعل فيها غاضباً دون قصد
"اخرجي من هنا
اخرجي يا فريدة "
كبحت انفعالها وهي ترمقه بجانب عينيها
تتركهم وتخرج حتى غرفتهم لتظل تتحرك فيها دون هوداة وفكره واحدة تلمع بعقلها لو أن أحدهم أخبرها أنها هي فريدة لا غيرها ستذعن لها لاتهمته بالجنون
إذ أنها تفكر جدياً بتأجيل الحمل حتى ترى أين سترسوا حياتها
حين عاد إلى الغرفة كان متجهماً وهو يطفأ الأضواء يندس أسفل الفراش بصمت يخالف أنفاسه الهادرة فنطقت بانفعال :-
"أنا أريد أن أفهم ماهو سبب غضبك مني بحق الله"
"فريدة أنا أريد أن أنام لا أريد صوت " نطق بصرامة أغضبتها فخرجت وتركت له الغرفة وقد باتت ليلتها على الأريكة بالردهة
حين استيقظ لعمله وأدرك ما فعلت زاد غضبه منه وقد باتت تحركاته بالشقة متوترة فاستيقظت لتجلس على الأريكة تدعك عينيها تراقب تحركاته النزقة وهمساته اللاعنه بعدم رضا حتى زفرت وهي تقول بصبر :-
" عمرو لما لا تجلس لنتحدث دقائق "
لم يرد عليها وهو يرتب أوراقه وأشياؤه الخاصة فنهضت بانفعال متكتفه :-
" عمرو أنا لا أقبل عدم ردك علي "
"أنا لا أرد عليكِ حتى لا أنطق ما لا يعجبك يا سيدة فريدة "
نطق من بين أسنانه وتحركت لتقف أمامه قائلة بانفلات أعصابها :-
" لما تحملني أنا ما يحدث مع ابنك ووتتغاضى عن السبب الرئيسى قاصداً"
"أنا لم أحملك شئ يا فريدة أنتِ التي لا تريدين القليل من التفهم للضغط الذي أزرح تحته وأنا لا أفهم ابني ماذا فيه
قليل من الاحتواء يا فريدة "
" هل تتهمني أني لا أحتويه
هل تتهمني أني لا أحاول معه
ابنك لا يطيق النظر ناحية وجهي حتى بحق الله ماذا أفعل ؟" صرخت بانفعال وكاد يفعل هو الاخر إلا أن اثنيهم انتبها للصغير الذي استيقظ يناظرهم بفزع والدموع بعينيه وصوت الجدة يخبره أن تلك المرأة الشريره ستجعل أبيه يتركه وينساه كما تركته أمه
يدعك عينيه كاتماً بكاؤه مما لوع قلبها وهي تقترب ناحيته تنحني نحوه تحت أنظار عمرو المتعبة :-
" ماذا تريد يا حبيبي
أخبرنا وسنجلبه لك ؟"
إلا أنه هز رأسه نفياً بعنف يعرض عنها ويتحرك بخطواته الطفولية ناحية عمرو الذي حمله وجلس به بهم لا يعرف كيف يتصرف وقطع الجو المشحون صوت جرس الباب فنظرا لبعضهم وتحرك عمرو ليفتح فتفاجأ بنورهان ابنة خالته وزوجة أخيه
نورهان التي دخلت تنقل نظراتها بينهم ثم قالت :-
" صوت صراخ الصغير لم يجعلنا ننم طوال الليل "
وبمزاح سمج واصلت :-
" هل كنتِ تعذبينه أم ماذا يا فريدة ؟"
ابتسمت لها فريدة دون معنى وهي تقول بفظاظة ساخرة :-
" اعذريني يا نورهان فأنا لم أجرب الأمومة قبلاً على عكسك "
هزت نورهان رأسها بلا معنى ثم اقتربت من عمرو تمد كفيها للصغير تلاطفه حتى رضخ لها تحت إغراء الحلوى فحملته وهي تتجه ناحية الباب ناظرة ناحية عمرو قائلة بدفء :-
" لا تحمل همه يا عمرو وانزل لعملك
أنا سأبيت الليلة هنا أيضا "
شكرها عمرو بحرارة وبعد أن خرجت بدأ بتجهيز أشياؤه مره أخرى حتى قالت فريدة :-
"ألا تلاحظ سبباً لما فيه ريان "
هز عمرو رأسه نفياً وهو يقول ببديهية غبية :-
" طفلاً يريد احتواء أم وليس واحدة تراه كابنا لزوجها "
شهقت فريدة بغضب وهي تقول :-
" بعد كل هذا تراني لا أحتويه كأم "
صمت دون رد فنطقت بانفعال :-
"ألا ترى أن ذهابه عند جدته يفسده
الولد يعود كل مرة من هناك متغيراً "
" ما الذي تريدين قوله ؟" همس بغضب محذر فتكتفت قائلة بإصرار :-
"أقول ما تتعامى عنه يا عمرو
جدة الطفل تأثيرها سئ عليه "
"إياكِ إياكِ يا فريدة أن تشيري بالسوء لأي شئ يقرب أمه " هدر عمرو بغضب جعلها تناظره بذهول شاعرة بالجنون وهي تقول :-
"أي سوء بحق الله أنا أقول حقيقة "
" وأنا لا أريد أن أسمع "
" على راحتك لكن لا تحملني أخطاء غيري "
كان قد تحرك فعاد والتفت نحوها قائلاً بنبرة غاضبة قاسية :-
"أنا لا أحملك شئ بالأساس أنتِ لستِ أمه ولستِ مجبره على شئ يا فريدة لكن قبل أن تلقي خطأك على سيدة مكلومة على ابنتها فكري كيف ينفر منكِ بينما ببضع مداعبات من زوجة عمه ذهب معها "
..........................
العاصمة شقة رقه وسلمان

رواية هفهفت دِردارة الجوى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن