الهفهفة الثامنة والعشرون

502 32 5
                                    

أسفل شجرة الدردار جلست حليمة والراوي أمام الدار
يحكي لها ما رآه بالمكتوب
فتسأله ماذا حدث ل عاصفة الهبوب؟
ابتسم مذهولاً يقول :ـ
" هل تعرفين ما حدث ل المحبوب ؟"
ضحكت وقالت بثقة :ـ
" لا بل أن ما تقرأه هو المعيوب فليث بعد حديثي يُقرأ المكتوب "
.................................

حدث أول
بعض من أسرار مخبئه أسفل السطور

دخل إلى المشفى بخطوات مهرولة وخطواته تتسارع لوجهه معينة
أنفاسه مسلوبة لاهثة ينطق لتلك الممرضة بنبرة متهدجة :-
" هل هي بخير هل من جديد ؟"
نظرت له الممرضة نظرة مشفقه وهي ترمقه بتعجب وأسى
إنه على هذا الحال منذ أكثر من عام منذ أن جلبها هنا إلى مشفاهم تحديدًاً يومها كان كالمجنون الفاقد للأهلية يتوسل لعلمهم المحدود أن يفعل شئ لانقاذها
يحملها ك كنزاً ثميناً وكأنه يخشى عليها ذرات الغبار ويناظرها بلا تصديق وكأنها ستتلاشى من أمامه لو حملها أحدهم
لقد أخذوها من بين ذراعيه وكأنهم يقتلعون قطعة من جسده
هي تذكر تلك اللحظة التي تشبث فيها بذراعيها دون وعي ينطق بحشرجة ودموعه تهطل بلا رادع
شهقاته الرجوليه كانت تعلوا وعينيه تقسوان بجزع حد أنها كانت تنظر حولها بتوتر خوفاً من أن يفعل بها شئ لتجده يتوسل بضعف :-
" طمأنيني هل ستخرج لي
هل ستعيش ؟"
لم تحسب لتلك الدموع التي تجمعت بعينيها وهي تنظر بأثر الحالة التي أخذوها في الحال إلى العناية المشددة ثم ربتت على كتفه دون رد يذكر وهي تتركه وتذهب ورائهم
وقتها صوت جعيره الرجولي كان يتردد بصدى المشفى حتى اضطروا أن يحقنوه بما يفقده وعيه ليهدأ قليلاً ليستيقظ باليوم التالي مكتئباً مطفئاً وكأن الحياة منزوعه من عينيه حتى أنه أول ما نطق به لها روعها من يقينه اليائس :-
" هل ماتت ؟"
لقد كان يقرر الأمر وكأنه يحمي نفسه من السماع حتى أنه ذهب ولم يعد سوى بالليلة التالية ينشادهم كفاقد للأهلية ألا يخبروا أحد عن موتها وهو سيأخذ جثتها يتصرف بمعرفته
فيما بعد حين مر على الأمر شهور كانت قد تعافت سوى من غيبوبتها استغلت هي فرصة ملامحه الرائقة كما لم تراه قبلاً وسألته بفضول عن سبب قوله هذا لتفجعها الاجابة التي قيدتها لأن تراعي تلك الحالة بعينيها لأجله
" كنت سأعيش مع جثتها أو ادفن نفسي جوارها
المهم أن نكون معاً"
"ماذا حدث يا نورا أخبريني ؟" صوته الشاحب بقلق بدأ يظهر على أصابعه المرتعشة جعلها تنظر له بقلة حيله وهي تقول :-
" لا تخاف هي بخير
لا أعرف ما سبب شفقتي عليك بحق الله
لا والأدهى أتحمل صفاقتك وقلة حياءك وتكاد تقرب ابنائي عمراً"
تنهد براحه ثم ابتسم بامتنان لتلك السيدة الحنون التي يدين لها بالكثير قائلاً بمداعبه:-
" هيا يا نورا لستِ كبيرة لتلك الدرجة "
ابتسمت نورا بيأس ثم أشارت له ناحية الغرفة المعنية وهي تقول بعينين تلمعان:-
" هي بخير حال
بل أن الطبيب الذي أتى من الخارج أخبرنا أن مؤشراتها الحيوية تلك الفترة مبشرة بالخير و"
صمتت قليلاً فنطق بتلهف :-
"أكملي يا نورا "
تنهدت وهي تقول :-
"لا أريد أن أعطيك أملاً زائفاً لكن الطبيب يقول أن درجات استجاباتها تزيد
وطبقاً لوجودنا هنا فنحن نستنتج أن الأمر مرتبط بك"
ارتعشت شفتيه وتجمعت الدموع في عينيه فمسحهم بقوة هامساً بتهدج ولهفة  دون تصديق :-
" أنا كيف ؟"
رمقته بإشفاق وقالت وهي تسير جواره :-
" استجاباتها تزيد مع تكرار زياراتك كما أني صراحة
صار لي شهراً (أرش ) نوع عطرك بغرفتها والممرضة التي تبيت ليلتها معها تقول أن عينيها تتحركا حين أفعل هذا وكأنها ترى مناماً"
صمتت ثم استرسلت :ـ
" ربما هذا ليس له أساساً علمياً وربما تقول أني متأثرة بالمسلسل الشهير لكن قلبي يشعر هذا "
ارتجف قلبه بين صدره وقد اختلجت عضلة فكه بانفعالاً ثم همس بتهدج ونبرة مستسلمة :-
"أنا سأدخل لها "
فور أن دخل الغرفة شعر ككل مرة أنه يخطو إلى جنة تبقيه حياً
تحرك حتى وصل لفراشها وجثى على ركبتيه أرضاً أمامها يبتسم فتشوش الدموع عينيه عن رؤيتها ليمسحهم بقسوة
يملس على وجنتيها قطيفتي الملمس ويتأمل ملامحها بنهم بل بجوع سنوات
فقط لو تفتح عينيها فيراهم فيروى ظمأه منهم ويتعرف عليهم
عينيها اللتان ضن القدر عليه أن يعرف لونهم
شعرها الجميل مصفف بعناية وهي كلها تفوح منها رائحة الحياة
الحياة التي تسكن قلبه كلما أتى لها
رفع كفيها لشفتيه يقبلهم بنهم هامساً بشهقات خافته متهدجة :-
" متى ؟
فقط متى تشفقين على قلبي الموجوع وتستيقظي؟"
..............................

رواية هفهفت دِردارة الجوى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن