أسفل شجرة الدردار جلست حليمة والراوي أمام الدار
يقول لها كان ياما كان ويسألها عن الذي حدث بسالف الأزمان
يشعلان البخور وتجحظ عيناهم لما يشاهداه يحدث بين غياهب الأبخرة وتصاعد الدخان
وليس بينهم سائلاً اللحظة إذا اثنيهم كانا ذاهلان لما عرفاه ألم ينتهي زمان المعجزات ؟
ربما تكون لعنة وأصابت المالكية في ابنهم؟
أم هل حقاً ستشهد البلدة أمراً جللاً بمعجزة لن تطرأ على العقول ولن تصدقها الآذان ....
........................المجهولة
قلبها يبكي مثقل بالهموم
روحها موشومة بالأذى متشبعة بطعهم القهر والوجيعة
عينيها حُرم عليها ذرف الدمع ووجها كتب عليه اللاتفسير
تعيش
هي تعيش وتتنفس كبشر
لكنها تحيا كمجهولة
ارتطمت بالحائط بقوة إثر دفعت خالها لها
ذراعها المثني بينها وبين الحائط تشعر وكأنه تم كسره
تسحب ذراعها ببطأ حينما ابتعد عنها خالها بعدما ألقى تحذيره ثم ذهب وسبابه لها يتطاير بالأنحاء
تحاملت على نفسها حتى تقف وتوجهت ناحية المطبخ تشرب المياة
وهناك رثت كوب شراب أمها وصحن طعامها ثم تسحبت حتى صعدت للسطوح وجلست على الحافة نادمة فياليتها لم تطأ بيت جدتها اليوم
ليتها لم تأتي
لكنها فعلت هاربه منه ومن طيف قد تراه فيه
منذ يومان يوم انتشر بالبلدة خبر طلاقه من أجل كونه رجلاً منقوصاً كما يتغنون كان يوم كسرها الأكبر
إذ سهرت الليلة بطولها تبكي وهي التي لم تعرف وجنتيها ملمس الدمع إلا بصيصاً
ومن أغلى من عُبيدة المالكي ليُذرف الدمع من أجله
أخرى غيرها لكانت رقصت طرباً لأن فريدة اللطيفة تطلقت فأفسحت لها طريقاً لحبيبها
لكن طلاق عبيدة المالكي بقصتهم اللاوجودية سوى في قلبها ماهو إلا سياجاً مشيداً ليبعده عنها أكثر وأكثر
لتتوجع من أجل حبها أكثر وأكثر
إذ أنه قبلاً حين كان متزوج كان قلبها المخزي يرتدع لأجل عيني أنثى كفريدة
لأجل ألا تشعر نفسها شخصاً خائناً ولو بخيالها ومشاعرها
فكانت تلفظ حبه وهماً مرة حين لا تراه وحين تقع عيناها عليه تذوب بعشقه مرات ومرات
لكن الأن والطريق له ممهداً تشعر بالجنون
هناك شيئا ينبض في صدرها من وقتها بقوة
تتدغدغ شيئا عنيفاً بحواسها
حبها له الآن گشئ يرفرف في قلبها أشبه بولادة عصفور صغير نفض جناحه لأول مرة يريد أن يثبت للحياة وجوديته
حتى أن وسواساً عربيداً يتراقص بين خافقها اللحظة أن تفتش سرها ... تنقض عهدها ... تلفظ وعدا أمها ... تهتك عرضها !
ترتعب من نفسها الضعيفه لأجله
تخاف أن تفض وعدها لأمها وأن تنقض عهدها الذي قصمها
حتى أنها لهذا تعمدت إثارة غضب خالها اللحظة وكأنها تستلذ بضربه لها
وكأنها تتحين فرصة كانت هي من خلقتها لتجهر بحبها له
لكن كيف ؟
كيف وحبها أبتر الذراعين مربوط القدمين
لا سماء تتسع لأجله ليحلق ولا أرض له ليهرول
بل هو خلق ليموت
هي وحبها خُلقا ليموتا لا ليعيشا
بل ليحيا كمجهولين
جهلوا بالأرض وربما تضن عليهم السماء بالمعرفة فمن مثلها لا تأصيل لهم
تعود وتغمض عينيها دمعاً بحلماً وردياً يجمعها بين أحضانه
فقط يحتضنها ولتموت بين ذراعيه راضية
تتخيل شذا عطره الذي يكفي فقط أن يمر بالشارع ليفوح رامياً السلام على المارين قبل صاحبه وكأنه يتبختر كونه عطراً لعبيدة المالكي
عطراً مستحيلاً عليها أن تتدثر بصاحبه
تبكي ... وتبكي .. وتبكي
تشعر أن الخناق حولها يضيق فلا متسع بالكون ليأويها
ماذا تفعل ؟
أتطلب منه أن يرتل عليها الآيات علها تُشفى منه
أم لتقع فيه أكثر
وهل من رٌقيه قادرة على مداواتها أصلاً ؟
هي لم يصيبها مساً من جان لتعيذها أية
بل تمكن منها مساً من العشق
عشق عُبيدة المالكي الذي لم تخلق لأجله تعويذة شفاء
.......................
أنت تقرأ
رواية هفهفت دِردارة الجوى
Romans_الرواية بتتكلم عن رشدان المالكي صاحب مزرعة المواشي والجزار المعروف ف البلدة الريفية وهو من كبارئها وأولاده عبيدة وهاشم وسلمان ومودة _عبيدة اللي اكتشف أنه مش بيخلف وزوجته فريدة رغم حبها ليه أمومتها تغلبت عليها _هاشم ومراته حبيبة اللي بيعشقها لكنها...