الهفهفة السادسة والعشرون
أسفل شجرة الدردارة
جلست حليمة والراوي صامتان عن الكلام يسمعا حكاوي الجار والجارة
نضبت طاقتها عن القصص المشهود
وخبى وهج فضوله في انتظار اليوم الموعود
.......................ألمانيا
" لا أريد صوتاً عالياً لقد سأمت
ارحموني قليلاً" صرختها رنوة بنبرة عالية غاضبة جعلت الطفلين ينكمشا مكانهم وهما ينظرانها بخوف
نبرة وصلت لذاك العاكف في مكتبه على مذاكرته فاستفزت بروده المتأصل من عمليته وهو ينتفض متحركاً للخارج حيث يجلسون
نظر للطفلين المنكمشان بذعر من غضبها الذي أصبح غير مبرراً وتحرك ناحيتهم رابتاً عليهم وهو يأمرهم بهمس أن يدخلا غرفتهم وتابعهم بعينيه حتى فعلا ثم توجه ناحيتها
نشبت أظافره في ذراعها فكادت أن تطلق تأوهاً منفعلاً إلا أنه حدجها بنظرة قاسية وهو يأخذها معه حتى غرفتهم وفور أن فعل نفضها عنه قائلاً بانفعال منفلت :-
"أنتِ ما حكايتك ها ؟
أخبريني ماهي حكايتك منذ أن أتينا منذ أكثر من شهر وأنتِ حالتك هذة لم أعد أطيق صبرا عليها
غضب دائم وانفعال على الأطفال بلا داعي
انسحابك من فراشنا ليلاً وبكاؤك ماذا فيكِ ها ؟"
وقع قلبها بين قدميها وكأنه قبض عليها بجرماً مشهوداً وهي ترمش بعينيها ذعراً وضربات قلبها تقرع بين جنباتها كعويل الجرم
رباه هل هي مكشوفة لهذة الدرجة؟
هل هو يلاحظ ما فيها من انهيار فقدها لأخيه حد الجنون ؟
هل يشعر ببكاؤها ليلاً
رباه أتراه علم بشئ ؟
تشعر ببروده تلم بأطرافها فتبلع ريقها وهي تقول بأنفاس متلاحقه :-
" أحمد تعلم الغربة ليست أمرا سهل " ضرب أحمد على الباب جواره قائلاً بغضب متفاقم :-
"أليس هذا ما كنتِ تُلحين عليه
أليس هذا سبب مشاكلنا هو ابتعادي
سفري وبرودي واهمالي
الان الغربة صعبه ؟"
" وهل تنازلت عن برودك هل تنازلت عن اهمالك
انت ضفت لغربتي غربة بعمليتك المفروطة
برودك وعدم اهتمامك بشئ عدا مذاكرتك وعملك
حتى امتحان المعادلة الخاص بعملي لم تقدم لي فيه حتى هذة اللحظة فأكاد أن أجن من جدران البيت " صرخت رنوة بانفلات فاشتعل أكثر هو الاخر قائلاً :-
" ولمن هذا ها ؟
لمن كل هذا اليس من أجلكم ومن أجل أن نعيش في هذا الزمن الذي لا معالم له
أنت فارغة يا رنوة تريدين تدليلاً طوال الوقت ولم يعد فينا العمر لهذا
لستِ بالعروس الصغيرة ولست أنا الشاب الغير مسؤول نحن أبوين أفيقي يا بشمهندسة لدينا طفلين يحتاجا لأن نفكر فيهم قبل أنفسنا "
خرجت منها شهقة لا توصيف لها شاعرة بضغطاً موشك على الانفجار تهمس :-
" لأنفسنا علينا حق
كيف لك أن تطلب مني أن أعيش كالاله جوارك "
" أنا لم أطلب منكِ هذا يا سيدة طلبت منكِ أن تنضجي قليلاً"
زفر بغضب وواصل بتحذير :-
" اخر مرة
اخر مرة يا رنوة اسمع صوتك عاليا هنا أو أجدك ترهبين الأولاد بهذة الطريقة "
أنهى حديثه ورماها بنظرة ناريه ثم خرج من الغرفة مغلقاً الباب خلفه بقوة جعلتها تتنتفض فتحركت لتجلس على فراشها بانهيار جعلها أشبه بمهووسه فاقدة لجرعة المخدر السامة التي تبقيها على قيد الحياة حتى تقتات على ما تبقى منها
رباه منذ متى لم تسمع صوته وتنعم بعاطفته
تشقيها الفكرة وتصرعها الهوة التي تسوقها نحو الشوق إلى عاطفته الهادرة
تلك النيران التي رماها بها باخر لقاء بينهم ثم تركها محمومه دون أن يطفئها
لقد حرمها حتى من رؤيته عند سفرها
اختفى كفصاً من الملح ذاب بماء عكر ولم يتبقى سوى العكارة المرة
شوقها له يفجعها في نفسها
هي تشتاق لما دار بينهم اخر لقاء فتكاد أن تشمأز من ذاتها انهياراً
لم تعد تطيق جلوسها هنا ولم يعد بها انشاً صالحاً للتفكير فيما عداه
تسحب هاتفها بلحظة ضعف عازمة على هد ما بنته منذ أن سافرت مع زوجها ثم بهلع تتذكر رعشتها بين ذراعيه باخر لقاء فترمي الهاتف مرتعدة لدرك السقوط
وكأن روحها منقسمه نصفين
نصفاً يتحرك نحو مصير مجهول
تائهة لا تعرف أين هي
ونصفا عاهرا يتوق للسقوط بمغبة الإثم
........................
مصر
" الولد في عينيك يا عمرو والله لو اسمع أنها نظرت له برمش أهد الدنيا ومن عليها "
قالتها جدة ريان بتحذير شديد اللهجة حوى من الضعف والوجع ما كان كافيا ليطفئ غضب عمرو عليها وخاصة أنها لم تسمح له بأخذ ابنه رغم محاولاته العديدة سوى الان
رسم عمرو ابتسامة باهتة على شفتيه وهو يربت على كتفها مائلاً ليقبل رأسها قائلاً بهدوء :-
" هل تأمرينني بشئ قبل الذهاب ؟"
تعاود ضم حفيدها حد عصره بين ذراعيها ثم بعينيها الحزينتين تنظر له وهي تقول بخفوت :-
" لا يأمر عليك عدو فقط لا تنساها يا عمرو "
الغصة احتكمت بحلقه وحانت منه نظرة لصورها التي تملأ الردهة فهمس باختناق :-
" لا ينسى المرأ روحه "
الوجع الذي ضج من حروفه ربت على قلبها الجزع لفقد ابنتها فعاودت ضم حفيدها مرة أخرى وهي تودعهم مع الاف التوصيات
بعد مرور بعض الوقت
كان ريان يجلس جواره في السيارة وقد غلبه النوم فمال على الكرسي برأسه بينما نظر له هو بنظرة حزينه توجع قلبه كلما فعل
طفلاً لا يعرف من الدنيا شئ يفقد أمه ويبقى لطمياً لا وجدان له
حتى فريدة التي تزوجها متأملاً في أمومتها المبتورة أن تصنع سرباً صغيراً لأجل طفله لكنها خذلته
منذ ما حدث اخر مرة والعلاقة متوترة بينهم حتى الحديث يكاد أن يكون معدوماً
وعلى عكس ترويه يجد نفسه فاقداً صبره معها فيتخذ العند هو الاخر فيتركها لأفكارها دون رادع
علاقته بفريدة الضد من ما كانت عليه علاقته بأم ريان
علاقته السابقة كانت هادئه يغمرها الحب والتفاهم
أما علاقته بفريدة مزيج من الاشتعال العصبي والبرود العاطفي
هل تعجل بزواجه منها ؟
ألم يعطيها ويعطي نفسه فرصة التقبل ؟
صف سيارته أمام البيت وبعد دقائق كان يصعد السلم حاملاً ابنه ومتعلقاته عارجاً على شقة والدته المفتوحه فوجد نورهان زوجة أخيه تدلك لها قدميها
أنزل ريان بين ذراعيه والدته ثم نظر لنورهان قائلاً باستغراب :-
"أرى أن حبك لبيت خالتك زاد هذة الأيام "
ابتسمت نورهان بنعومة وهي تتنهد قائلة :-
" ماذا أفعل يصعب علي تعبها ولا يسأل أحد فيها "
" لا داعي لهذا الحديث يا نور" قالتها أمه بحزن فتسائل بفضول :-
"ألم تنزل فريدة اليوم ؟"
" وهل تنزل زوجتك أصلا ؟" قالتها نورهان ساخرة فزجرتها حماتها قائلة بنبرة طيبه:-
" نورهان قلت لا داعي لهذا الكلام "
تظاهر عمرو بعدم الفهم وهو يحمل ريان مرة أخرى قائلاً :-
"ريان متعب من الطريق سأصعد به كي يرتاح قليلاً "
حين دخل من باب الشقة تصادف بها في طريقها لفتحه وبيدها شئ ما نظر له بتساؤل فرفعته بكفها قائلة :-
" انه مرهم ساحب للالتهاب كنت سأقوم بتنزيله لوالدتك "
شعر عمرو بالحيرة فأومأ برأسه وهو يدخل قائلاً :-
" لا داعي فنورهان معها "
أومأت فريدة وهي تغلق باب الشقة ورائهم وحانت منها نظره لجلسته المتعبه وريان الجالس بين احضانه ينظر لها بعينين ناعستين متوجستين
تنحنحت وهي تتحرك لتجلس على الكرسي المجاور لأريكتهم وهي تقول بلطف :-
" كيف حالك يا ريان
لقد اشتقت لك "
لف ريان وجهه عنها يدفنه بحضن أبيه دون أن يرد عليها مما جعلها تلوي شفتيها باستياء محبط لمحه عمرو وأساء فهمه
فنهض حاملاً ريان الى غرفته
بعد وقت كان قد ساعد ريان في الاغتسال وحين رفض الأكل معهم ظل جواره حتى نام ثم بدل ملابسه هو الاخر وخرج ليجدها تجلس متربعه على الاريكة ترتدي منامة باهته لا معالم لها فمط شفتيه بقنوط ثم جلس هو هذة المرة على الكرسي عازماً على ما انتواه
تنحنح عمرو وهو ينظر لها قائلاً دون مقدمات :-
" فريدة أصدقيني القول ولا تحملي هماً لقرارك بل سأقف معكِ فيه أياً كان "
شعرت فريدة بالتوتر من نبرته ونظرته الحازمة فقطبت حاجبيها تهز رأسها بتساؤل
تنهد عمرو قائلاً دون أن يتراجع :-
" هل تريدين الطلاق ؟"
تلك اللحظة التي نطق فيها سؤاله لا تعرف ما الذي اعتراها لكنها اهتزت
جف حلقها ومست القشعريرة جسدها شاعرة بالعجز عن القرار أو الحديث لكن ماهي أكيدة منه أنها لا لا تريد
هي لا تريد الطلاق مرة أخرى
صحيح أنها تشعر نفسها هنا دون روح كما كانت مع عبيدة لكنها منذ أيام وهي انتوت العيش دون مشاعر علها تستطيع الفصل بين ما فات وما هو أتٍ
لما لا تفهم نفسها ؟
هي لا تحبه
لا تحب هذا البيت
ولن تنكر انها اعتادت عليه قليلاً لكن ليس هناك شئ يدعوها بالتمسك فقط هي رافضة للفكرة ولا تريدها
الحيرة التي تقع بين براثنها أشرس من قدرتها على الفهم فترفع عينيها له هامسة بتساؤل قلق :-
"هل تريد أن تطلقني ؟"
زفر عمرو بغضب ثم حك ذقنه قائلاً بنبرة متعبه :-
"أنا لم أتزوج من أجل الشجار بين كل يوم والثاني يا فريدة
لم اتزوج لأجل اللهو تزوجت لأجل الاستقرار
لم أخفي عليكِ رغبتي في أن تكوني أماً لابني واشهد الله أني عزمت أن أكون لكِ رجلاً وقتما تحتاجينه تجديه
لكني لا أجد منكِ سوى نفوراً وتباعداً مني ومن ابني "
" ابنك هو من يكرهني ولست أنا " قالتها فريدة بانفعال جعله يغضب بالقول :-
"إنه طفلاً يا فريدة هل تسمعين نفسك حقاً "
أنت تقرأ
رواية هفهفت دِردارة الجوى
Romansa_الرواية بتتكلم عن رشدان المالكي صاحب مزرعة المواشي والجزار المعروف ف البلدة الريفية وهو من كبارئها وأولاده عبيدة وهاشم وسلمان ومودة _عبيدة اللي اكتشف أنه مش بيخلف وزوجته فريدة رغم حبها ليه أمومتها تغلبت عليها _هاشم ومراته حبيبة اللي بيعشقها لكنها...