صُدم كلاً من جِياد وجلال، ليترك جلال ما بين يديه على حين غفلة حتى أتجه إلى خارج الورشة يذهب نحو مقدمة حارة اللحام، كذلك كلاً من جِياد وقدورة اللذان تبعاه مُسرعين.
وصل ثلاثتهم إلى موقع الشجار الذي كان هادئاً إلى حدٍ ما، ليجدون حماصة يجلس على الأرض بمنتصف الشارع وهو يضع يده على وجهه الذي كان يملئه الدماء بكُثرة، سُرعان ما أقترب منه جلال يهبط إلى مستواه على رُكبتيه، ليمسك بيديه يرى ما بوجهه مُتسائلاً بنبرة سريعة أظهرت غضبه وإنفعاله من مظهره:
-" مين اللي عمل فيك كدة!".
رفع حماصة رأسه قليلاً ينظر إليه، ليدنو بها مرة أخرى مُحاولاً عدم ملاقاة نظرات عينيه معه وهو يضع يده فوق ذلك الجرح الذي تشكل أسفل عينه، ليصرخ به جلال قائلاً بنبرة غاضبة هزت أرجاء المكان ليجتمع الناس مرة أخرى من حولهم:
-" مـا تنطق يالا".
أمسك جِياد بذراع جلال ليقول بجدية يشوبها الحذر أثر طريقته الغاضبة:
-" جلال مينفعش كدة، براحة عليه".
عاد جلال بنظره مرة أخرى إلى حماصة الذي كان ومازال صامتاً، لينتبه كلاً منهم إلى قدورة الذي عاد إليهم راكضاً وهو يقول بنبرة سريعة من بين اتخاذه لأنفاسه:
-" أنا عرفت مين العيال دي".
أعتدل جلال في وقفته بعدما طالعه بنظرات عينيه التي أظهرت رغبته بالذهاب نحو مكانهم، ولكن استوقفه جِياد الذي تحدث قائلاً بنبرة مُحذرة:
-" أوعى تعمل مشاكل، أعرف الأول إيه إللي حصل، وأنا هاخد حماصة اوديه المستشفى".
نظر له جلال قليلاً، سُرعان ما ذهب من أمامه ليتبعه قدورة على الفور، حتى عاد جِياد بنظره مرة أخرى إلى حماصة، ليجثو على رُكبتيه يمسك بذراعه وهو يجعله ينهض برفق، وسط نظرات الناس لهم وعدم تدخلهم بالأمر وكأنه شيئاً عادياً، ليستوقفه حماصة بعدما نهض يمسك بيده قائلاً بجدية:
-" متودينيش المستشفى".
لوح جِياد برأسه وهو يقول بجدية أظهرت تعجبه من حديثه:
-" إزاي يا حماصة؟ الجروح دي لازم نشوف عملت إيه في وشك".
إبتلع حماصة ريقه وهو ينفي برأسه، ليُجيب من بعد ذلك قائلاً بنبرة هادئة أمتزجت بتعبه:
-" وديني الصيدلية، مش عايز اروح المستشفى الله يخليك يا أستاذ جِياد".
طالعه جِياد قليلاً، ليتنهد بعمق وهو يمسك بذراعه يسنده أثناء اتجاهه به نحو الصيدلية.
مرت دقائق قد وصل بها كلاً من جلال وقدورة إلى تلك المنطقة، التي كان يقف بإحدى نواصيها مجموعة من الشباب المُتفاوت أعمارهم بين الصغير والكبير، ليقترب قدورة من جلال يقول بنبرة أظهرت غضبه ورغبته بأخذ حق صديقه:
أنت تقرأ
حارة اللحام.
Adventureتفاصيل صغيرة، وغير مُهمة، كحُلم أردته دوماً ولم تحصُل عليه، إنقطعت آمالك بمُطالبته مجدداً، كأن روحك أصبحت خالية من شعور التمني. تقف فوق رأسك بومة يأس، تبعث لك الشعور بالظلام، الذي إذا نفد، ستُحاول شرائه بماء العين. شعور بالغُربة وسط تكدس، كأنك تدور...