بأحد المقاهي، كان يجلس كلاً من جِياد وعيشة معاً، ليبتسم جِياد وهو ينظر للمكان من حوله قائلاً بنبرة مرحة:
-" فاكرة المكان دة؟ لما جيت اخدتك منه بعد عيد ميلاد صاحبتك، واصريتي تخلينا نقعد فيه شوية".
كانت هي صامتة تنظر للأرض من جانبها بشرود، لتنتبه له عندما تحدث مرة أخرى تُطالعه بطرفي عينيها أثناء قوله:
-" فاكرة طلبتيلنا إيه؟".
ابتلعت عيشة ريقها وهي تومىء برأسها بإضطراب بينما تُجيب بنبرة خافتة:
-" سموزي تين شوكي".
امتعضت معالم وجه جِياد عندما تذكر وهو يقول بنبرة ساخرة:
-" أيوة هو دة، ارغمتيني إني اجربه معاكي مع إني مش بحب التين إذا كان شوكي أو لأ".
كانت تستمع إلى كلماته بعقلٍ مُشتت وهي تنظر للأرجاء من حولها بعدم راحة، سُرعان ما عادت بنظرها إليه تقول بنبرة سريعة أوضحت توترها وارتباكها من أمامه:
-" ممكن نمشي".
طالعها جِياد بنظراته الهادئة وهو يُفكر بحالتها، ليُجيب عليها بنبرة تماثل نظراته حاول بها تجاهل حالتها وكأنه لا يراها:
-" حمزة زمانه جاي، وهو بقاله فترة عايز يقابلك.. مينفعش نقوم نمشي عيب".
نفت عيشة برأسها عدة مرات عندما استمعت إلى اسمه الذي زاد من حالتها أكثر وهي تتأهب للنهوض قائلة:
-" بس أنا عايزة أمشي".
استوقفها جِياد عندما أمسك بيدها، لتسحبها هي سريعاً بفزع، حتى أشار لها برأسه أن تهدأ وتجلس بينما يقول بنبرة هادئة مُطمئنة يبعث بها شعور الراحة إليها:
-" أهدي يا عيشة من فضلك، إحنا هنمشي أكيد مش هنفضل قاعدين هنا علطول! حاولي متفكريش في حاجة وبصي حواليكي، مفيش أي حاجة تدعي للقلق، أنا قدامك أهو مفيش حاجة هتحصل، اتكلمي معايا وشاركيني الحديث وحاولي تطردي أي تفكير يضايقك اتفقنا؟".
أخذت عيشة أنفاسها برويّة وهي تُطالعه بعينيها المُلتحمة بنظراتٍ خائفة من اللاشيء. جلست مرة أخرى وهي تنظر حولها بنظراتٍ خاطفة أثناء نظره إليها بهدوءٍ غلفه تفكيره الجاد بحالتها، لينتبه إلى النادل الذي جاء إليهم يقوم بوضع طلباتهم من أمامهم. ابتسم له جِياد وهو يشكره بإمتنان، ثم عاد بنظره إلى عيشة يقوم بتحريك صحنها من أمامها مُباشرةً بينما يقول بنبرة مرحة:
-" السينابون إللي بتحبيه أهو، وأنا قررت ادي للتين الشوكي فرصة علشان خاطرك".
رفعت عيشة رأسها تنظر له، ليُضيق جفنيه وهو يقول بنفس نبرته:
-" بس لو معجبنيش، هضطر اشاركك.. عندك مشكلة؟".
نفت برأسها وهي تنظر للفراغ بتيه، ليتنهد جِياد أثر مظهرها الذي حاول جاهداً تجاهله، حتى تودد إليها بعينيه ليقول بنبرة لينة:
أنت تقرأ
حارة اللحام.
Aventuraتفاصيل صغيرة، وغير مُهمة، كحُلم أردته دوماً ولم تحصُل عليه، إنقطعت آمالك بمُطالبته مجدداً، كأن روحك أصبحت خالية من شعور التمني. تقف فوق رأسك بومة يأس، تبعث لك الشعور بالظلام، الذي إذا نفد، ستُحاول شرائه بماء العين. شعور بالغُربة وسط تكدس، كأنك تدور...