وكأن الله أراد أن يُقر أعين جيلنا الذي توالت أمام عينيه إخفاقات ونكبات؛ بنصرٍ عظيم وفتحٍ مُبين ما كنا نظن أن نرى مثله أبدا.
ويا الله.. إذا كانت هذه فرحتنا ودموعنا بدمشق اليوم، فكيف هي بالأقصى غداً!
اللهم فتحًا تتوالى بعده علينا الفتوحات، ولا يليه إلا عز الإسلام والمسلمين.
_أحمد العربي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صباح اليوم التالي، خرجت من المرحاض بصمتٍ وهدوء تام تُطالع الشقة من حولها بترقُب. تنهدت بخفوتٍ وراحة لتولج إلى المطبخ من بعد ذلك، ولكن سُرعان ما انتفضت بفزعٍ عندما وجدته يقف من أمامها يقوم بتحضير طعام الفطار. انتبه لها بالفعل عندما ولجت ليلتفت ينظر لها وهو يبتسم قائلاً بنبرة لينة أشرقت معها نسمات الصباح:
-" صباح الخير".
طالعته ليال قليلاً دون أن تتحدث، لتبتلع ريقها من بعد ذلك بإضطراب وهي تُجيب بنبرة خافتة:
-" صباح النور".
قد أنهى بالفعل ما يفعله، ليمسك بالصينية التي بها الصحون ليلتفت إليها مرة أخرى يُسير من جانبها خارج المطبخ وهو يقول بتلقائية:
-" تعالي يلا علشان تفطري".
طالعت ليال أثره الباقي وهو مازال يُسير من أمامها تراه، لتتحرك من خلفه حتى وجدته يجلس على الطاولة بعدما وضع الصينية من أمامهما، كذلك جلست هي من جانبه على المقعد وهي تضم كفيها إلى بعضهما البعض بخجلٍ ظهر عليها وهي تنظر إلى الطعام مُحاولة عدم النظر إليه:
-" أنا مش جعانة، عايزة بس أنزل أساعد طنط ثُريا زمانها بدأت في الاكل من بدري".
كان جِياد مُنشغلاً بصُنع شطائرها وهو يقول بجدية صارمة:
-" مفيش نزول غير لما تأكلي".
رفعت رأسها تنظر إليه في تلك اللحظة، ليرفع أيضاً عينيه يُطالعها كما رفع حاجبيه وهو يُحادثها قائلاً:
-" أمي قالت إنك مكنتيش بتاكلي، وأنا متأكد إنك مكنتيش بتعملي كدة فعلاً، يبقى لازم تفطري كويس".
عادت ليال بنظرها للطعام وهي تفرك كفيها بإرتباكٍ ظهر واضحاً على ملامحها، وسط نظرات جِياد لها وهو يبتسم على مظهرها، ثم قام بوضع الطعام من أمامها أثناء نظرها إليه تشعر بوجع معدتها الذي منعها من تناول شيء أثر توترها، لترفع رأسها تنظر له وهي تقول بنبرة مضطربة أظهرت ضيقها:
-" أنا ممكن أشرب شاي طيب أنا مش عايزة أكل والله".
تنهد جِياد بهدوء وهو ينهض من موضعه، ثم أقترب ليجلس على المقعد المُجاور لها بعدما قربه منها وسط نظراتها له، ليبدأ جِياد بأخذ الشطيرة يُقربها منها أثناء قوله بنبرة لينة:
أنت تقرأ
حارة اللحام.
Adventureتفاصيل صغيرة، وغير مُهمة، كحُلم أردته دوماً ولم تحصُل عليه، إنقطعت آمالك بمُطالبته مجدداً، كأن روحك أصبحت خالية من شعور التمني. تقف فوق رأسك بومة يأس، تبعث لك الشعور بالظلام، الذي إذا نفد، ستُحاول شرائه بماء العين. شعور بالغُربة وسط تكدس، كأنك تدور...