صباح يومٍ جديد، خرجت من باب شقتها وهي ترتدي حقيبتها الصغيرة، ثم اتجهت إلى باب شقته لتقوم بدقه بهدوءٍ، ومن ثم عادت مرة أخرى إلى شقتها تحمل بتلك الصينية الكبيرة تتجه بها نحوهه أثر علمها بأنه سيأخذ بعض الوقت لكي يفتح باب الشقة، وقد كان عندما فتحه تزامناً مع خروجها واقترابها منه وهي تبتسم قائلة بنبرة هادئة:
-" صباح الخير".
استمع هارون إلى صوتها بعدما فتح الباب، ليتحدث قائلاً بنبرة تماثلها أظهرت قلة حيلته مما تفعله:
-" صباح النور".
وجهت حورية نظرها نحو الصينية من بين يديها وهي تقول بنبرة سريعة:
-" أنا عملت لحضرتك غدا قبل ما أروح الشغل".
تحدث هارون يقول بجدية وكأنه يُحاول وضع حد لما يحدُث:
-" يا حورية أنا قولتلك مش محتاج حاجة والله، متتعبيش نفسك والست ثُريا خلاص قربت تلاقي حد".
رفعت حورية حاجبيها بغيظٍ له وهي تقول بتلقائية:
-" أنا بعمل كدة علشان أكسب حسنات".
لم يُعقب هارون على كلماتها بعدما شعر بعدم الفائدة من الحديث معها، ليستمع إليها تقول بنبرة هادئة بينما تنظر للسفرة من الداخل:
-" ممكن أدخل احطهم على السُفرة".
أزاح لها هارون الطريق بصمت، لتمُر هي من جانبه تُسير خطواتٍ بسيطة نحو السُفرة. قامت بوضع الصينية عليها ثم تحركت بنفس خطواتها نحو الخارج وهي تنظر له قائلة بنبرة سريعة:
-" أنا عملتلك رز وبطاطس بالفراخ علشان أنت بتحبها، الصينية على السفرة لما تحب تتغدى هتلاقيها موجودة".
رفعت حاجبيها قليلاً أثر صمته المُعتاد، لتلوح برأسها حتى كادت أن تُخبره بذهابها، ولكنه باغتها بقوله بعد مُدة من الصمت يقول:
-" شكراً يا حورية".
تحولت نظراتها إلى أخرى مُستنكرة، ثم ضيقت جفنيها وهي تُطالعه قائلة بدرامية مرحة:
-" ألف سلامة عليك".
ضحك هارون على قولها، ولأول مرة يضحك بوجهها أو معها هكذا! وذلك ما فاجئها، وجعلها تتحدث بتلقائية من وسط ابتسامتها التي توسعت عندما رأت ضحكته:
-" وكمان بتضحك؟ لأ دة إحنا نقيم الأفراح بقى!".
سُرعان ما رفعت حاجبيها وهي تُشير له بأصابعها بعشوائية بينما تقول بنبرة مرحة:
-" يعني يا هارون بيه بعد شغل سبع شهور بحسب سنانك واقعة فيهم، تقوم ضاحك دلوقتي؟ لأ وبتشكرني؟ كان فين الشكر دة وأنا واقفة بعملك فطار وغدا في نفس الوقت!".
أنت تقرأ
حارة اللحام.
Aventuraتفاصيل صغيرة، وغير مُهمة، كحُلم أردته دوماً ولم تحصُل عليه، إنقطعت آمالك بمُطالبته مجدداً، كأن روحك أصبحت خالية من شعور التمني. تقف فوق رأسك بومة يأس، تبعث لك الشعور بالظلام، الذي إذا نفد، ستُحاول شرائه بماء العين. شعور بالغُربة وسط تكدس، كأنك تدور...