ولجت ميسون إلى أحد المقاهي، لتبحث عنه بعينيها، حتى رأته يجلس على طاولةٍ ما بإنتظارها، تحركت نحوهه بخطواتها الهادئة تزامناً مع نهوض كريم بعدما رآها تقترب منه قائلاً بنبرة حاول جعلها طبيعية أثر ذلك الموقف:
-" ازيك يا ميسون، اتفضلي".
جلست ميسون من أمامه لتقوم بخلع نظارتها الشمسية تضعها من أمامها أثناء قولها بصوتٍ هاديء:
-" بخير الحمدلله، أنت أخبارك إيه".
أومأ كريم برأسه وهو يتنهد بعُمق أظهر اضطرابه التي لاحظته هي وسط نظراتها المُبهمة له تنتظر منه الحديث، ليعتدل كريم في جلسته يبتلع ريقه بعدما استند بكفيه على الطاولة أثناء قوله بجدية وهو ينظر لها:
-" أنا عارف إنك دلوقتي بتسألي أنا كلمتك ليه وطلبت اقابلك".
تنهدت ميسون وهي تنظر للأجواء من حولها، ليلوح كريم برأسه بعدما لاحظ طريقتها التي أثبتت علمها بما يود قوله وهو يقول بنبرة مُتأسفة:
-" أنا عايز قبل أي حاجة اعتذرلك يا ميسون، آسف إني كنت بكدب عليكي في كل مرة تسأليني فيها عن شريف وأقولك إنه معايا، أنا عارف والله إني غلطان، بس صدقيني أنا مكانش بيعجبني حال شريف، وكنت عارف إن هييجي يوم ومش هتستحملي العيشة معاه، بس كنت بقول مليش دعوة.. أنا بس كنت حاسس بالذنب علشان بكدب عليكي، ومش طول الوقت كمان، يعني.. أنتِ فاهمة قصدي".
كانت ميسون تستمع إليه وتطالعه بنظرات عينيها الضيقة التي أثبتت عدم تأثرها بما قاله، ليلحظها كريم بحرج ظهر على معالم وجهه، حتى رفع رأسه مرة أخرى ينظر لها قائلاً بنبرة مُتلهفة لكي تكف عن النظر إليه بتلك الطريقة:
-" لما حصل إللي حصل آخر مرة، أنا فعلاً عيدت حساباتي مع نفسي، وعرفت إني كنت غلط من البداية وأنا شايف شريف بيغلط وسايبه على هواه، حتى النصيحة مكنتش بنصحهاله، وحسيت إن إللي حصل عقاب من ربنا علشان كنت دايماً ساكت عن الحق وبشجعه على الغلط بس، وعلى فكرة أنا طلقت دينا ونهيت شراكتي مع شريف و...".
كاد كريم أن يستكمل حديثه، ولكنها استوقفته عندما تحدثت برجاحة وإتزان تقول:
-" أنا معملتش كدة علشانك يا كريم، أنا كدة كدة عارفة إنك واقف دايماً مع صاحبك ومش هتفضحه قدام حد، لكن إللي عملته دة أنا عملته علشان نفسي.. علشان لما أبعد المرة دي واقرر اسيبه يبقى معايا حق مليون في المية من غير ما حد يقدر يغلطني، أنا مش فارقلي دلوقتي أنت شايفه إيه، أنا بس حبيت ابينلك حقيقة مراتك، وحبيت اوريك حجم الكسرة والخيانة إللي كنت بحسهم من شريف في كل مرة كنت بسألك فيها وببقى ناقص اترجاك علشان تقولي هو بيعمل إيه من ورايا وكنت بتبقى عارف ومداري عليه".
كان كريم يستمع إلى حديثها وهو يدنو برأسه بحرجٍ وخزيٍ من روحه أثر ما كان يفعله بعدما أدرك ما تشعر به هي، لتتنهد ميسون بملل من الحديث الذي لا يُفيد بأي شيء، ولكنها أعتدلت في جلستها لتنظر له قائلة بجدية:
أنت تقرأ
حارة اللحام.
Adventureتفاصيل صغيرة، وغير مُهمة، كحُلم أردته دوماً ولم تحصُل عليه، إنقطعت آمالك بمُطالبته مجدداً، كأن روحك أصبحت خالية من شعور التمني. تقف فوق رأسك بومة يأس، تبعث لك الشعور بالظلام، الذي إذا نفد، ستُحاول شرائه بماء العين. شعور بالغُربة وسط تكدس، كأنك تدور...