•
فإنَّ في كلَّ عاشِقٍ معنى مجهولاً لا يحدهُ عِلمٌ ولا تصفه معرفة، وهو كالمصباحِ المُنطَفِئ يَنتظرُ مَن يُضيئُهُ لِيُضيء، فلا يُنقِصه إلا من فيه قِدْحَةُ النُّورِ أو شرارةُ النَّار.
مصطفى صادق الرافعي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قامت ثُريا بوضع طعام الفطار على الطاولة وهي تبتسم قائلة بنبرة مرحة:
-" والله امبارح كان يوم حلو أوي.. وليال كانت مبسوطة والبنات كمان، والنهاردة بقى هتروح هي وحورية وزاد لبتاع كدة معرفش اسمه الحمام السخن ولا إيه ".
لم يُجيب جِياد أثر عدم رغبته بالتطرق إلى تلك الأمور وهو يأكل، لتجلس ثُريا من أمامه وهي تُضيق جفنيها مُتسائلة بنبرة خبيثة:
-" طيب مش عايز تكلمها؟".
نظر لها جِياد في تلك اللحظة، ليلوح برأسه مُتسائلاً بجدية أعربت عن تعجبه من قولها:
-" اكلمها ليه؟".
توسعت أعين ثُريا ببلاهة، لتُجيب بجدية تماثله تقول:
-" يابني مش بقت مراتك خلاص".
أعتدل جِياد في جلسته يُعدل حديثها قائلاً بنبرة هادئة للغاية:
-" هي مبقتش مراتي يا أمي من فضلك، تقدري تقولي الكلام دة بكرة بعد ما نكتب الكتاب مش دلوقتي".
قلبت ثُريا عينيها بينما تقول بنفاد صبر ظهر عليها:
-" يا سيدي مجازاً بقت في حُكم مراتك، كلمها بقى شوفها محتاجة لحاجة كدة ولا لا".
لوح جِياد برأسه وهو يستغفر ربه أثر حديثها الغريب بالنسبة له، لتعتدل ثُريا في جلستها تمسك بهاتفها، وسط انتباهه لها مما تفعله، سُرعان ما تساءل بجدية يقول:
-" بتعملي إيه يا أمي!".
لم تُجيب ثُريا عليه وهي تضع الهاتف على أذنها بعدما جاءت برقمها، ليترك جِياد ما بيده وهو ينظر لها بتحذير ألا تُحادثها.
على الناحية الأخرى قد خرجت هي من المرحاض، لتستمع إلى صوت هاتفها الذي يدق، حتى اقتربت منه لتقوم بفتح المُكالمة بعدما رأت اسم ثُريا. ابتلعت ريقها وهي تقول بنبرة هادئة:
-" السلام عليكم".
إبتسمت ثُريا بتلقائية وهي تنظر إلى جِياد قائلة بنبرة ودودة:
-" وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، إيه يا حبيبتي عاملة إيه؟".
صك جِياد على أسنانه وهو ينظر لها، ثم كاد أن ينهض، لتمسك ثُريا بيده بقوة وهي ترمقه بنظرات عينيها المُحذرة أثناء استماعها إلى رد ليال التي أجابت بنبرة تماثلها:
أنت تقرأ
حارة اللحام.
Phiêu lưuتفاصيل صغيرة، وغير مُهمة، كحُلم أردته دوماً ولم تحصُل عليه، إنقطعت آمالك بمُطالبته مجدداً، كأن روحك أصبحت خالية من شعور التمني. تقف فوق رأسك بومة يأس، تبعث لك الشعور بالظلام، الذي إذا نفد، ستُحاول شرائه بماء العين. شعور بالغُربة وسط تكدس، كأنك تدور...