الفصل الرابع ( رُبما لم تكن نصيبه )

3.1K 157 329
                                    

فعلٍ قد اعتادت عليه بحُكم عملها بذلك المنزل كل يوم، خرجت حورية من المطبخ وهي تمسك بين يديها صينية بها طعام الفطار، اتجهت بها نحو الصالة لتقوم بوضعها فوق الطاولة، ثم أعتدلت في وقفتها لتتجه نحو غُرفة هارون تقوم بدق بابها، حتى مرت دقيقة قد فُتح الباب بواسطته، سُرعان ما تحدثت حورية عندما رأته من أمامها قائلة بنبرة هادئة:

-" حضرت لحضرتك الفطار، يلا علشان ميبردش".

لم يُجيب هارون أثر طريقة حديثها التي يبغضها، وتجعله عاجزاً عن قول شيء بطريقة لبقة، وكأنها فقط تتعمد إظهار طريقته الفظة معها.

لتنتبه هي لعدم رده عليها، حتى رمقته بسخط وهو يُسير من أمامها، ثم بدأت برفع يديها تقوم بتقليد كلماته السابقة التي كانت تُثير غضبها وغيظها منه ومن عجرفته معها، ابتعدت عنه قليلاً من بعد ذلك وهو يُسير برفق، حتى تعرقلت قدمه بذلك المقعد، ليضغط على أسنانه بألم، سُرعان ما أقتربت منه قليلاً، ولكنها ابتعدت مرة أخرى عندما تحدث قائلاً بنبرة غاضبة:

-" إيه إللي جاب الكرسي دة هنا؟".

ارتبكت حورية أثر غضبه وصوته المُرتفع، لتبتلع ريقها حتى أجابت بنبرة مضطربة تقول:

-" أنا كنت بروق بس ولقيت شكله هنا أحسن".

صرخ بها هارون قائلاً بنبرة غاضبة تمكنت منه أثر ردها الأبله:

-" وأنتِ تنقلي حاجة من مكانها ليه! ما تسيبي كل حاجة في مكانها زي ما هي بتتصرفي من دماغك ليه".

شعرت حورية بالحرج منه، وبالغباء أثر ما قامت بفعله بعدما أدركت في تلك اللحظة حفظه للإتجاهات، حتى طالعته قليلاً بخوف، ولكنها انتبهت إلى نبرة صوته المُرتفعة معها مرة أخرى، لتتبدل معالم وجهها إلى أخرى غاضبة تماثله، حتى صكت على أسنانها تُحاول كظم غيظها، لتتنهد بعمق قبلما تُجيب بنبرة حاولت جعلها هادئة قدر الإمكان:

-" أنا آسفة، مش هعمل كدة تاني، هحط كل حاجة في مكانها".

دفع هارون ذلك المقعد عن طريقه بقوة جعلتها تبتعد عنه بخوف، لتتبع خُطاه بإرتباك، حتى وصل إلى الأريكة، ليجلس عليها وهو يضع يده على الطاولة، لتقترب تقوم بوضع الصينية من أمامه أثناء قولها بنبرة هادئة:

-" أنا عملت لحضرتك النهاردة سندوتشات جبنة رومي ولانشون، وكوباية شاي أهي، بس لسة سخنة متجيش جنبها دلوقتي".

شعر هارون في تلك اللحظة بإقترابها منه حتى وإن كانت بعيدة، ليشعر تلقائياً بالضيق الذي اعترى روحه، والذنب أثر ما تفعله كلما أقتربت منه وكأنها ظله الخفي، مازال يغضب كلما تذكر موافقته على وجودها بمكانٍ واحد معه، ولكنه لم يُدرك ما من الممكن أن يحدث، حتى شعر به الآن، ليجعله يود لو يوبخ نفسه على ما فعله.

حارة اللحام.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن