بإحدى المكتبات الكبيرة، كان يقف يمسك بيده سلة صغيرة من المعدن، وهي أمامه تُطالع الأقلام من بين يديها ومن أمامها بتفكير. التفتت حينها تنظر له ثم عادت بنظرها مرة أخرى إلى الأقلام تسأله بنبرة أظهرت حيرتها:
-" جِياد أنهي أحسن، أنا مبعرفش أكتب بالخط الرفيع".
أقترب هو ليمسك بالأقلام من بين يديها يُطالع أنواعهم، ثم ركز بإصبعه على واحداً منهم وهو يُجيب عليها قائلاً بنبرة هادئة:
-"هاتي دول، خطهم حلو وحبرهم كويس مش بيطبع بسهولة".
أومأت له ليال برأسها، لتقوم بوضع الأقلام بالسلة التي بيده، ثم تنهدت بسعادة وهي تُسير بجانبه إلى وجهةٍ أخرى، حتى توقفت أمام صفٍ معين بينما تلتفت تنظر له وهي تقول بنبرة مُتلهفة سريعة وكأنها رأت كنزاً ما:
-"جِياد ممكن أجيب من دول؟ دول إللي بنكتب فيهم الملحوظات ونلزقهم على الكشكول، بُص شكل الارنوب دة".
طالعها بنظراتٍ هادئة لم تُعرب عن رد، فقط حاول كبح ضحكته من الخروج وهو يلوح برأسه مُجيباً بنبرة هادئة بالرغم من ابتسامته التي ظهرت على وجهه حينها:
-" هاتيهم يا ليال".
اتسعت ابتسامتها أكثر بسعادة من موافقته وهي تسحب بعض الأشكال لتضعهم بالسلة، ثم عادت بنظرها إليه وهي تعد على أصابعها قائلة بنبرة سريعة:
-"بس كدة مش محتاجة حاجة تاني، لسة نوع الألوان والكشاكيل هما هيقولوا عليها تقريباً، فاضل بس اللانش بوكس وازازة الماية".
رفع جِياد حاجبيه وهو يتساءل بجدية أظهرت دهشته من حديثها:
-" لانش بوكس؟".
أومأت ليال برأسها بتأكيد وهي تُجيب عليه بجدية:
-"أيوة علشان أخد معايا أكل من البيت، أكيد أكل الجامعة غالي، أنا فاكرة على أيام ما سمر كانت لسة بتروح الكلية كانت بتجيب حاجات غالية، ومرة دوقتني كريب مكنش طعمه حلو".
لم يرغب جِياد بالإعتراض على أي شيء تريده، خاصةً بعدما أقنعه حديثها، ليومىء برأسه لها قائلاً بنبرة هادئة:
-"ماشي يا ليال هاتي، بس بردوا أبقي جربي يعني أول ما تروحي يمكن تلاقي حاجات تعجبك".
ليتودد إليها بعينيه وهو يُحادثها بنبرته اللينة يقول:
-"وبعدين أنتِ لازم تستغلي سنين الجامعة كويس وتعيشيهم صح علشان لما تخلصيهم تشتاقي للأيام دي، يعني جربي أماكن الأكل هناك، جربي تتعرفي على بنات زيك وشبهك، جربي تخلي لوحك وشغلك إللي هترسميه مهم في الكلية علشان يكون ليكي لافتة كويسة قدام الدكاترة بتوعك".
ابتسمت ليال بإتساعٍ وهي تستمع إلى كلماته لها قبل أن تُجيب بنبرتها الحماسية تقول:
أنت تقرأ
حارة اللحام.
Adventureتفاصيل صغيرة، وغير مُهمة، كحُلم أردته دوماً ولم تحصُل عليه، إنقطعت آمالك بمُطالبته مجدداً، كأن روحك أصبحت خالية من شعور التمني. تقف فوق رأسك بومة يأس، تبعث لك الشعور بالظلام، الذي إذا نفد، ستُحاول شرائه بماء العين. شعور بالغُربة وسط تكدس، كأنك تدور...