الفصل الحادي عشر ( وقعت بمكيدته )

2.1K 134 30
                                    

بدأت آية بالصراخ بصوتٍ مُرتفع وهي تستنجد بمن بالمدرسة لكي يأتوا، وسط وقوفه هو يُحدق بها بصدمة غير مُدركاً لما يحدث أو ما تفعله، شعر بتوقف عقله عن التفكير أو أخذ أي رد فعل، كما شعر بحال جسده الذي تسمر وثُبت بموضعه، وقدميه التي علقت بالأرض الصلبة وكأنها شدّته إليها، لحظاتٍ كانت مرورها على عقله جديدة تماماً لتجعله لا يملك أي فكرة عما يجب عليه فعله.

لم يدري بكم الثواني التي مرت عليه يُطالعها فقط مُغيباً عن أي شيء، لم يسعفه عقله بأن يأخذ أي خطوة لكي يُدافع عن نفسه أمامها، فقط شعر بأن عقله مُكبل تماماً ليمنعه من أي حراك داخلي أو خارجي.

تزحزح رغماً عنه عندما اصطدم به مُعلم من المُعلمين والمُعلمات الذين ولجوا إلى الغرفة بعدما وصل صوت صراخها إلى المدرسة بأكملها، سُرعان ما أقتربوا جميعهم من الفتاة ليقومون بتهدئتها، بعدما جثت مُديرة المدرسة على قدميها من أمامها وهي تُحاول تهدئتها عندما رأت دموعها التي تلاحقت وتناثرت على وجهها بلحظةٍ جعلت صدمته تزيد لتظهر على وجهه واضحة، ولكنه أخيراً شعر بالإنتباه بعدما فاق عقله على كلماتٍ التقطها خرجت من وسط إرتجافها، لتتلفظ بها بصوتٍ مُتقطع وهي تنظر له بعينيها الضبابية:

-" كان عايز.. يتحرش بيا.. خليه يمشي يا ميس".

وجهوا جميعهم نظرهم إليه في تلك اللحظة، وسط صمته هو بعدما علقت الكلمات بحلقه لتصنع حاجز جعلته غير قادراً حتى على التلفظ بأي شيء، فقط ما يظهر على وجهه هي علامات الصدمة والدهشة وعدم الاستيعاب مما تقوله تلك الفتاة، لينتبه إلى المُديرة التي أقتربت منه لتصرخ به قائلة بنبرة غاضبة:

-" بقى هي دي الأمانة يا أستاذ يا محترم؟ تعمل كدة في طالبة عندك".

ملامح وجهها الغاضبة جعلته الآن قادراً على التحدث بعدما أدرك كلماتٍ لا تمت له بصلة، حتى كاد أن يتحدث ويُدافع عن نفسه، ولكن تحدثت آية بنبرتها الباكية وهي ترتجف من بين يدي مُعلماتها قائلة:

-" هو من بدري بيحاول يعمل معايا كدة.. خليه يمشي يا ميس أنا بخاف منه".

نفى جِياد برأسه على الفور وهو ينظر لها بصدمته المهولة، ليعود بنظره إلى المُديرة مُتحدثاً بنبرة لا تقل عن مظهره والتي لم تساعده بالشكل التام على الدفاع عن روحه ولو قليلاً:

-" أنا معملتش حاجة، ولا جيت جنبها.. أنا.. أنا معرفش...".

حاول جِياد إستكمال كلماته العشوائية والتي لا يعلم كيف خرجت هكذا، مُشتت عقله وتائه هو أثر عدم فهمه لما يحدث الآن، هل تلك الإتهامات مُوجهة له هو؟ ذلك ما كان يدور بباله ليجعله غير قادراً على ترتيب كلماته، ولكنه بالتأكيد لن يترك حقه، ولن يترك من يبتلي عليه بكلماتٍ باطلة أثناء وقوفه هو من بينهم وكأن لا حول له ولا قوة.

حارة اللحام.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن