الفصل التاسع ( شوقٍ مُحرم )

2.3K 140 176
                                    

عادة اعتادت عليها كُل يوم بنفس الميعاد، خرجت من المطبخ تتجه إلى الصالة مُباشرةً وهي تحمل بيديها صينية بها طعام الفطور، ثم تركتها على الطاولة لتتجه من بعد ذلك إلى غُرفته تقوم بدق بابها، لتقف تنتظر قليلاً حتى يفتحه لها بعد دقيقة لا أكثر، سُرعان ما تتحدث هي بكلماتٍ اعتادت على سردها بنفس الطريقة ولكن الفارق هو نوع الطعام التي تصنعه من أجله:

-" الأكل جاهز، وكنت عايزة أمشي دلوقتي علشان ورايا مشوار".

وكعادته هو التي تجعلها تطالع أثره بغيظ وغضب يتملك منها، تركها ليذهب نحو الصالة مُتجاهلاً إياها! وسط نظراتها له التي لم تتغير، حتى جلس هارون على الأريكة بعدما أدرك موضعه أثناء قوله بآلية:

-" روحي بعدها".

عقدت حورية حاجبيها، لتلوح برأسها قائلة بجدية:

-" لا إزاي هاجي على هنا علشان احضر الغدا، أنا لسة محضرتهوش".

تنهد هارون بعمق وهو يستمع إلى كلماتها بعدما شعر برغبته بعدم الرد عليها وكأن حديثها له يجعله غير قادراً على النقاش معها على وجه الخصوص، ولكن تحتم عليه الرد وهو يقول بجدية تماثلها:

-" هيحصلك إيه لو سمعتي كلامي من سُكات يا حورية؟ هيجرالك حاجة لو قولتيلي حاضر؟".

أومأت حورية برأسها بتأكيد وهي تُجيب بنفس نبرته التي ازدادت صرامة:

-" أيوة أصلك هتتغدى إيه يعني؟".

أجاب هارون بنبرة هادئة للغاية وكأنه ينتظر منها الذهاب والتوقف عن الحديث:

-" نُصير جاي".

رفعت حورية حاجبيها وهي تومىء برأسها بعدما تفهمت، لتُقلب عينيها بالفراغ، سُرعان ما عادت بنظرها إليه، لتجلس على المقعد وهي تضع يدها على وجنتها تطالعه مُضيقة جفنيها وهي تتساءل:

-" هارون بيه، عايزة اسألك سؤال".

إبتلع هارون ما بفمه بملل أثر عدم ذهابها، لتتفهم حورية قبوله، لتُضيق جفنيها أكثر وكأنها تقوم بإستجوابه أثناء قولها بدرامية أظهرت فضولها الشديد:

-" أنا بشتغل هنا ليا شهرين، ومفيش ولا مرة شوفت حضرتك فيها خرجت برة البيت، دة أنت حتى مش بتخطي عتبته، ليه بقى؟".

صمت هارون لثانية، ورُبما أكثر أثناء استماعه لكلماتها، ليُباغتها بسؤاله قائلاً:

-" جيتي ليه من الصعيد لحد هنا علشان في الآخر تشتغلي الشغلانة دي؟ أي حد غيرك مكنش هيوافق، بس أنتِ وافقتي وأجرتي كمان الأوضة إللي قصادي يعني معندكيش حد تقعدي عنده، ليه بقى؟".

ليميل بجزعه العلوي قليلاً يضع الخُبز على الطاولة أثناء قوله بنبرته الهادئة للغاية وكأنه يعلم بالضبط تأثير كلماته عليها:

حارة اللحام.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن