بيومٍ جديد، بدأ بخروج ذلك الشاب التقي من المرحاض بعدما توضأ وهو يتشهد بخفوت أثناء فرده لأكمام قميصه التي كانت مرفوعة؛ تحرك إلى غرفته ليؤدي السُنة والفريضة، حتى انتهى بعد مرور دقائق رُبما تعدت الخمسة عشر دقيقة أثر تضرعه وخشوعه دوماً بصلاته لوقتٍ لا بأس به؛ أعتدل في جلسته وهو مازال يجلس على سجادة صلاته يتنهد بعمق بعدما أغلق جفنيه بسكينة تخللت قلبه.
نهض بعد مرور دقائق أخرى من مكوثه كما هو يدعي الله ويذكره مِراراً، ليتجه إلى مكتبه يمسك بكتابٍ ما يقوم بفتحه على صفحة مطوية يقرأ بها شيئاً قد ظهر مُهماً أثر نظراته المُعلقة على الكلمات المُجاورة لبعضها البعض، حتى انتبه إلى باب غرفته الذي دق، ثم فُتح بواسطة ثُريا التي نظرت إلى ما يفعله، لتتساءل بنبرة مُتوددة:
-" هتفطر معايا؟".
نظر لها جِياد في تلك اللحظة بتلقائية مُتناسياً حِدة حديثهم وهو يقول بنبرة سريعة:
-" آه يا أمي من فضلك وكوب من السحلب".
إبتسمت ثُريا وهي تنظر له، لتُجيب قائلة بنبرة مُتلهفة:
-" من العين دي قبل العين دي، يلا سيب إللي في أيدك واطلع أقعد معايا في الصالة".
أومأ لها جِياد برأسه وهو يبتسم لها، لتخرج ثُريا من أمامه تزامناً مع دق هاتفه، ليتجه إليه يقوم بسحبه أثناء مُطالعته لذلك الرقم الغريب عليه، ثم رفع الهاتف نحو أذنه يُجيب برسمية:
-" السلام عليكم".
أتاه الرد من الجانب الآخر، والذي أستمر لثوانٍ قبل قول جِياد بنبرة أظهرت غرابته:
-" أيوة.. من حوالي أسبوع تقريباً".
صمت قليلاً يستمع إلى حديث الآخر، لتنبت إبتسامة تلقائية على ثغره عبرت عن راحته التي تخللت صدره مُنذ مدة، ليوميء برأسه ببلاهة وهو يقول بنبرة هادئة:
-" أكيد إن شاء الله، وعليكم السلام في حفظ الله".
أغلق الهاتف بعد ثوانٍ وهو يحمد الله على عوضه له، ليخرج إلى الصالة من بعد ذلك وعلى وجهه مازالت إبتسامة الرضا مرسومة، لتلتقطها ثُريا التي عقدت حاجبيها وهي تقترب تجلس من جانبه تقول:
-" دة إيه الضحكة إللي من الخد للخد دي؟".
انتبه لها جِياد، ليلوح برأسه قائلاً بنبرة هادئة ومازالت إبتسامته تُزين ثغره:
-" لا شيء، فقط حصلت على عقد عمل بإحدى المدارس".
عقدت ثُريا حاجبيها بتعجب ودهشة من حديثه، ليتحدث جِياد سريعاً يشرح لها الوضع وهو يقول بنبرة أظهرت راحته:
-" منذ مدة وأنا أشعر بعدم الراحة لتدريسي بمدارس الفتيات، لذلك قمت بتحويل ملفي لبعض مدارس البنين، وحصلت على عقد عمل بواحدة منهم الحمدلله".
أنت تقرأ
حارة اللحام.
Adventureتفاصيل صغيرة، وغير مُهمة، كحُلم أردته دوماً ولم تحصُل عليه، إنقطعت آمالك بمُطالبته مجدداً، كأن روحك أصبحت خالية من شعور التمني. تقف فوق رأسك بومة يأس، تبعث لك الشعور بالظلام، الذي إذا نفد، ستُحاول شرائه بماء العين. شعور بالغُربة وسط تكدس، كأنك تدور...