الفصل الثلاثين ( قسوة من حيث لا تحتسب )

2.5K 194 163
                                    

خرجت من المكتب لتهبط بخطواتها الهادئة والمُعلنة لإنتصارها إلى الأسفل، لتستمع إلى صوته يستوقفها. أغلقت جفنيها بمللٍ بعدما عكر عليها صفو بالها، ثم التفتت تنظر له وهي تجده يقترب منها بعجالة بينما يقول بجمودٍ وتهكم ظهر على وجهه:

-" الورق إللي معاكي هاتيه، مش خلاص اتطلقتي!".

إبتسمت ميسون وهي تنظر له بسخرية من طريقته التي تغيرت تماماً عن سابقها، لتقوم بإخراج الاوراق من حقيبتها ببرود تعطيها له، ثم كادت أن تذهب من أمامه ولكنه استوقفها بعدما نظر بالأوراق قائلاً بنفس نبرته:

-" استني، أنا أضمن منين إنك مش معاكي غيرهم؟".

تذكرت ميسون في تلك اللحظة سؤالها الذي وجه إليه بنفس الطريقة عندما طلبت منه ضمان لطلاقهم ببداية الأمر، لتُضيق جفنيها وهي تنظر له قائلة بنبرة جادة من وسط ابتسامتها التي لم تختفي بعد:

-" مش أنا إللي الف وادور يا شريف، الشغل دة سايباهولك.. ورقك اخدته وملكش عندي أي حاجة تاني".

كادت أن تذهب من أمامه مرة أخرى تاركة إياه، ولكنه استوقفها عندما امسكها من ذراعها ينظر لها بعيناه التي نطقت بشرٍ مُتوعد يقول:

-" لو عرفت إن معاكي أي حاجة تخصني أنا هزعلك مني يا ميسون، والمرة دي هزعلك مني زعل جامد ومش هيعجبك، خافي على نفسك وعيالك علشان أنا لحد دلوقتي مش عايز أأذيكي".

سحبت ميسون ذراعها بهدوءٍ غريب وهي مازالت تطالعه بإبتسامة ساخرة، لترفع حاجبيها وهي تتحدث بطريقة لم تقل عن مظهرها:

-" ولا عمرك تقدر تأذيني! أخاف على نفسي وعلى عيالي منك أنت ليه؟ كنت مين يا شريف؟ أنت قبل كدة مكنتش حاجة في حياتي وحياة بنتي، ودلوقتي مبقيتش شايفاك أساساً، وچود الحمدلله بدأت تتأقلم على غيابك ومبقتش بتفكر فيك ولا حتى بتهتم تسأل عليك، ودة بالنسبالي المهم، وبحمد ربنا كمان إن إللي في بطني مش هيوعى عليك، علشان أنا مش عايزة أشوف وشك تاني، لأنك لو ظهرت قدامي ولو بالصدفة ساعتها أنا إللي هزعلك مني زعل مش هتتوقع إنه يطلع مني وأنت فاهم قصدي كويس".

قالت كلماتها الأخيرة بنبرة ذات مغزى التقطها هو على الفور بعدما تفهم عليها ما يُمكنها فعله، لتُضيق جفنيها وهي تُقدم له النصيحة بطريقة ساخرة لا تأبه به:

-" خليك في حياتك إللي تبيع نفسك علشانها، وإنساني أنا وعيالي، ومتقلقش أنا مش هفضحك علشان أنا مش قليلة الأصل، وللأسف عاملة حساب للأيام إللي كنت فيها مراتك وإللي الحمدلله اديها ولِت، بس بردوا هقولك تاني.. تفكر تظهر في حياتي، ساعتها مش هيكون عندي أي مشكلة إنك تشوفني واطية وبدوس على الأصل برجلي".

كان شريف يستمع إلى كلماتها وهو يصك على أسنانه بغضبٍ وصل إلى ذروته منها أثر طريقتها التي كادت تقتله، لتذهب ميسون من أمامه على الفور بعدما تنهدت براحة تخللت صدرها بالرغم من شعورها بالخوف الداخلي أثر طريقته وحديثها لها.

حارة اللحام.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن