بذلك الوقت من الصباح. والذي يكون فيه بعض الناس نيام. خرجت من باب شقتهم، لتهبط إلى الأسفل حتى تذهب إلى عملها، وجدت أمامها جلال الذي كان يقوم بفتح بوابة المدخل بمفاتيحه، ليلتفت بتلقائية إلى صاحب تلك الخطوات، ثم عاد بنظره مرة أخرى إلى الباب بعدما وجدها هي. كاد أن يخرج بعدما فتحه، ولكنها استوقفته عندما هبطت مُسرعة تقول:
-" جلال استنى ".
توقف جلال بمكانه بينما لا يرغب ببدأ يومه معها، ليلتفت ينظر لها وهي تقترب منه تقوم بتعديل حقيبتها. توقفت من أمامه وهي تبتسم له قائلة بنبرة هادئة تُناسب تلك الأجواء:
-" صباح الخير".
طالعها جلال وهو لا يفهم حقاً ما تريده، ليلوح لها برأسه بينما يُجيب بطريقة أظهرت رغبته بمعرفة ماذا تُريد:
-" صباح النور؟".
تفهمت زاد نبرته، لتبتلع ريقها وهي مازالت تُطالعه بنفس نظراتها التي وبدون دراية منها دارت على وجهه بتفحصٍ ولين، نظراته الناعسة المُلتحمة بسوداويتيه، ملامح وجهه الجادة وكأنه رجل لا يعرف المِزاح إلا مع إناسٍ معينين، ذقنه الخفيفة والمُلائمة مع طول وجهه، وآخراً هيئته الخارجية والتي دوماً ما تكون مُرتبة حتى وإن كان يرتدي ملابس عمله.
دنت برأسها للأسفل بعدما أدركت تطلُعها إليه بتلك الطريقة، لترفعها مرة أخرى بهدوء تنظر له وهي تتساءل بنبرة مضطربة بعض الشيء:
-" Can I ask you something? ( هل يمكنني سؤالك شيء؟ )، هو أنت ليه بتعاملني بالطريقة دي؟".
لم تتغير معالم وجهه وهو مازال يُطالعها بنظراته الثابتة، ليرمش بعينيه بتراخٍ وهو يُجيب بسؤالٍ آخر:
-" بعاملك إزاي مش فاهم؟".
رفعت زاد كتفيها وهي تمسك بحقيبتها علها تُقلل من توترها أثناء جوابها عليه بجدية أظهرت ضيقها مما يفعله قائلة:
-" يعني ممكن تشوفني تعمل نفسك مش شايفني، أو متسلمش عليا لو أنا سلمت عليك!".
لترفع رأسها تنظر إليه مرة أخرى وهي تتودد إليه بعينيها مُتسائلة بإهتمام أظهر رغبتها بمعرفة الإجابة:
-" هو أنت زعلان مني في حاجة؟".
قام جلال بوضع مفاتيحه بجيب بنطاله أثناء رسمه لإبتسامة على ثغره رغماً عنه أثر حديثها الذي أضحكه من داخله وهو يقول بنبرة حاول عدم مزجها بسخريته البادية أيضاً عليه:
-" ما أنا مش فاهمك والله المفروض اعاملك ازاي طيب؟".
انتبهت زاد إلى طريقته التي تُدل على السخرية، لتتساءل مرة أخرى بجدية تقول:
-" يعني أنت شايف إن دة طبيعي؟".
أومأ لها جلال برأسه بتأكيد، وهو يقول بنبرة مُركزة أظهرت عدم تفكيره:
أنت تقرأ
حارة اللحام.
Avventuraتفاصيل صغيرة، وغير مُهمة، كحُلم أردته دوماً ولم تحصُل عليه، إنقطعت آمالك بمُطالبته مجدداً، كأن روحك أصبحت خالية من شعور التمني. تقف فوق رأسك بومة يأس، تبعث لك الشعور بالظلام، الذي إذا نفد، ستُحاول شرائه بماء العين. شعور بالغُربة وسط تكدس، كأنك تدور...