حكايات اهلنا

عالم آخر

في البادية كانت هناك امرأة عجوز لديها اربع اولاد متزوجين وكانت كناتها يخدمنها مع اعمالهن واضافة الى رعاية ابنائهن ولكن كانت هذه العجوز متسلطة وبخيلة وكان اولادها لايغضبون امهم ولو على حساب انفسهم. فكانت لا تدع كناتها يشبعن بطونهن وكانت تخفي عنهن الطعام من دقيق ورز وغير في صناديق مقفلة ويبقين الكنات متحملات هذا الوضع رغما عنهن فأزواجهن لا يجرؤون بالكلام مع والدتهم خوفا على غضبها

في احد الايام افلتت بقرتها من مربطها وهربت فرأتها العجوز وركضت خلفها لترجعها فبقيت البقرة تركض والعجوز تلحقها حتى حلول الظهيرة عندها رأت بقرتها وقد دخلت في كهف فلحقتها ودخلت خلفها وعندما امسكت البقرة سمعت اصواتا واضوائا فدنت لترى
رأت مجموعة من الناس يجلسون حول مائدة كبيرة بعضهم امامه طعام كثير والبعض قليل جدا والبعض لا يوجد امامه طعام والبعض امامه طعام لاكثير ولا قليل والكل يأكل من طعامه ولا يعطي بعضهم لبعض الطعام وخاصة اؤلئك الجائعون الذين ينظرون للطعام الكثير امام غيرهم بحسرة. عندها تسائلت العجوز من هؤلاء الناس وماذا يفعلون ولماذا لا يساعد بعضهم البعض اجابها صوت من خلفها فالتفتت فرأت رجلا لا تستطيع تمييز ملامحه وقال لها: انظري ايتها العجوز لهؤلاء فهم ليسوا من هذا العالم وكل واحد يجزى بما فعله فمن ترين امامه الطعام الكثير فهذا كان ممن يطعم الطعام على المساكين والفقراء وكان سخيا ومن ترينه دون طعام فهو كان لا يمد يد المساعدة الى احد ابدا وكان بخيلا وكل واحد من هؤلاء يعطى على قدر ما اعطى
قالت العجوز هل يعني اني مت قال لها: لا لقد اعطيتي فرصة اخرى فأذهبي وصححي اخطائك
رجعت العجوز مع بقرتها فوجدت ان الظلام سيحل قريبا
وعندما عادت وقبل دخولها المنزل سمعت كناتها يقولن ان حماتنا ربما ماتت فاولادها يبحثون عنها ولم يجدو لها اثر فاجابت احداهن ذلك افضل فلنرتاح منها فقد اهلكتنا بالجوع ونحن نتعب كثيرا وفينا من هي حامل او مرضع فقالت لها الأخريات كلامك صحيح
عندها قالت العجوز يبدو انني قد ظلمت كناتي كثيرا الى درجة انهن يتمنين ان اموت كي يشبعن فدخلت البيت وسلمت فتفاجأن كناتها وقلن لها اين كنتي يا حماتنا لم تجب العجوز وذهبت لتنام وعندما عاد ابنائها لم يوقضوها وتركوها تحكي اين كانت في الصباح
وفي الصباح سألوها ابنائها اين كنت يا امنا العزيزة قالت انها تبعت البقرة وتاهت ثم هداها الله الى الطريق. ومنذ ذلك اليوم بدأت العجوز بتغيير طبعها مع كناتها وفتحت لهن الصناديق ولم تبخل عليهن بعد ذلك بينما اولادها وزوجاتهم في استغراب شديد وقد تغيرت معاملة كناتها لها وفي يوم سمعتهن يتكلمن عنها بالخير فعرفت العجوز انها كانت مخطئه
العبرة ما تفعله في دنياك من عمل صالح او سيء فستقطف ثماره عاجلا او اجلا بعد الموت فلا شيء يفوق عدالة الله التي لا تترك صغيرة ولا كبيرة الا احصاها