الأب

86 9 2
                                    


كان يحكيها لنا والدي كالعادة

يقال ان رجلا اخذ عائلته لزيارة ضريح الأمام الكاظم عليه السلام
وعند انتهاء اي شخص من الزيارة يجلس في استراحة تسمى بالصحن الشريف وكان هناك حمام ينزل ليلتقط ما يسقط من طعام الزائرين او ما يرمونه لهم فكان لهذا الرجل ولد عمره ٣سنوات
يذهب للحمام ركضا ككل الاطفال فيطير الحمام فيتمتع الطفل بطيران الحمام ثم يبتعد لينتظر الحمام حتى ينزل للأرض فيعاود تطييرها وكان فرحا بذلك وكان كلما ابتعد عن الحمام يقترب من ابيه ليسأله بابا ماهذه فيجيبه ابيه: يا عزيزي انها حمام
الطفل: هااا حمام
ثم يذهب ليطير الحمام ويعود مرة اخرى ليسأل ابيه ماهذه
فيجيب الاب ياحبيب قلب ابيك انها الحمام
وكلما سأل الطفل ابيه اجابه باحلى الكلمات قبل الاجابة مرة يقول ياروحي ومرة روحي فداك واستمر الولد بسؤال ابيه بما يقارب العشرين مرة او اكثر
لم ينسى الأب ذلك الموقف لأنه كان بالنسبة اليه يوم مميز برفقة عائلته وفي مكان روحاني

مرت السنوات وكبر الولد واصبح شابا  بينما الأب فقد رفيقة عمره وافترقت عائلته ليكون كل فرد منهم حياته الخاصة ومنشغلين عنه ماعدا ابنه الاصغر الذي كان يطير الحمام في صغره
والذي تزوج حديثا وكان ابيه مرتاحا معه

وفي احد الأيام وكعادة الأب يجلس في حديقة المنزل وكان ابنه جالسا بالقرب منه يقرأ كتابا نزلت حمامة فتذكر الاب ذلك الموقف فأراد ان يختبر ابنه
فسأله :ماهذه ياولدي
الابن :انها حمامه يا ابي
سكت الاب لحظة ثم اعاد السؤال: ما تلك يا ولدي
الأبن بانزعاج: ابي انها حمامه مابك الا تراها
سكت الاب قليلا ثم اعاد السؤال: ما تلك يا ولدي
ضرب الابن الكتاب الذي بيده على الارض وصاح: قلت لك هذه حمامه الا تفهم هل خرفت  ، وبدأ يتأفف
نظر الأب اليه نظرة حزينة وصاح بابنه :كيف تجرؤ لتقول لي اني خرفت انا بكامل قواي العقلية وما فعلته كان امتحانا مني لك لكي اعرف الفرق بين اجابتي واجابتك
فعندما كنت صغيرا سألتني اكثر من عشرين مرة ولم اشعر بالملل وكل مرة اجيبك بحب وحنان وانا مستمتع بك بينما انت سألتك ثلاث مرات وجزعت من سؤالي وتململت فعرفت الفرق الشاسع بين حب الاب للأبناء وحب الأبناء للوالدين
نحن نتحمل ونتمنى لكم خير والصحة في حياتكم فأنتم فلذات اكبادنا التي تمشي على الأرض وستعرف ذلك عندما تكون ابا
اما نحن عندما نكبر ونعجز تتمللون منا بسرعة كأنكم نسيتم اننا سبب وجودكم بهذه الحياة وربيناكم وكبرتوا حتى امتلأت رؤسنا شيبا

دمعت عين الشاب واحتضن ابيه وقبل قدميه واعتذر منه وقال :لقد علمتني يا ابي درسا عظيما

فما اعظمك من انسان ايها الأب الحنون
فأنت لا تقدر بثمن

حكايات اهلناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن