شيخة (1)

257 27 1
                                    

قصة قديمة في الهور
كان شيخ سالم يعيش في احد الاهوار وكان لديه بنت واحدة واسمها (شيخة) وكان كريما وابنته صغيرة بعمر العاشرة ولكنها ذكية جدا. وبما انه شيخ وليس لديه اولاد ولا أخوان طمع اولاد عمومته ان يأخذو الزعامة منه لانهم أخوة كثيرون. فبنوا مضيفا يستقبلون الضيوف فيه. وشيئا فشيئا قل ذهاب الضيوف والناس الى شيخ سالم فأحس سالم بالأهانة وانه مغلوب على امره لكونه ليس لديه اولاد ولا اخوة وقد خانوه عمومته بعد ان اصبحوا اغنى منه
فقرر في نفسه ان ينتقم فحمل عائلته وماشيته واثاثه الى مكان بعيد جدا لا يتوقع احد انه سيكون هنا ثم رجع في الليلة التالية واحرق مضيفهم وكل شيء يخصهم وهرب. ففزعوا اهل قريته واخمدوا النيران وقد كانت الخسائر كبيرة وجرح بعضهم. فعرفوا ان سالم وراء ما حصل فقررو ان ينتقموا منه وبحثوا عنه في كل مكان ولم يجدوه طبعا الهور كبير وفيه اماكن تكثر فيها الخنازير البرية الخطرة وبعض الحيوانات الضارية اضافة الى انه مليء بقصب البردي
فحددوا جائزة للذي يجد شيخ سالم وعائلته. والجائزة عبارة عن جاموستين

اما الشيخ سالم فبقي بعيدا وحيدا عن اقاربه اللذين غدروا به فقط زوجته الحامل وابنته شيخة
في موسم التزاوج للجاموس سبحت بعض جواميسهم طالبة قريناتها من جواميس سالم فكان رجل في قريتهم اسمه (سيد محيميد) رأى الجواميس تسبح بعيدا فتبعها وبقي يتبعها حتى وصلت الى ذلك المكان المنقطع فرأى دخانا فعرف ان احد يعيش هناك فأقترب ليرى وكانت المفاجأة انه الشيخ سالم
بينما كانت شيخة تغسل الأواني نادت ابيها  انه يوجد شخص غريب بالقرب منا اجابها ابيها :وكيف عرفتي قالت:من اندفاع المياه نحو مكاننا. قال ابيها: احسنتي يا ابنتي. وخرج الشيخ فوجد سيد محيميد فأستضافه وسـأله كيف وجدتنا اجابه: تبعت الدواب فقال شيخ سالم لسيد محيميد ارجو ان لا تخبر احدا عن مكاني وسأكافئك بثلاث من الجاموس
فرح محيميد وقال للشيخ اطمئن. وبقي تلك الليلة عند الشيخ وفي المصادفة جائت شيخة لأبيها تخبره ان امها تلد. وبما ان زوجة الشيخ ولدت لوحدها لم تستطع تحمل ذلك فأنجبت صبيا قوي البنية وتوفت بعد ذلك. فحزن الشيخ وابنته كثيرا. وفي صباح اليوم التالي اخذ سالم ومحيميد جثة زوجة الشيخ ليذهبوا بها الى المقبرة لدفنها بينما ترك ابنته برفقة اخيها الصغير.
وعند عودتهما. قال سيد محيميد: علي الذهاب ياشيخ فقد يفتقدوني. فغادر ومعه الجواميس التي اعطاها له الشيخ

بما ان شيخة لا تزال صغيرة ولا تعرف الاعتناء بالاطفال قامت بتخفيف حليب الدواب وارضاع اخيها ولكن بدأت تتدهور صحته وشيخة لا تعرف ماذا تفعل
عند رجوع سيد محيميد لقريته رأوه عمومة سالم وسألوه :اين كنت ?ومن اين لك هذه الدواب ? فلم يجبهم في باديء الامر ولكنهم اغروه باعطائه من الدواب اكثر من هذه التي جاء بها. فأباح بمكان الشيخ سالم واخبرهم ان زوجته قد توفيت بعد ان انجبت ولدا.
فقرروا ان يذهبون الى ابن عمهم لينتقموا منه على ما فعله وسيكون سيد محيميد دليلهم فذهبوا اليه بالقوارب وعند اقترابهم كانت شيخة جالسة قرب الماء فنادت ابيها ان قوارب كثيرة جائت نحوهم ويبدوا انها تضمر لهم الشر نهض سالم واحظر قارب ووضع شيخة واخيها فيه وقال اذهبي يا ابنتي الى شيخ كاظم والجأي اليه فاذا ابتعدتي وسمعتي اطلاق نار قولي انهم اشتبكوا فأن انقطع فأعلمي اني قد قتلت.  بكت شيخة على ابيها وذهبت ولما بدأت تبتعد سمعت اطلاقات نارية وبعد فترة هدأ كل شيء فعلمت ان ابيها ذهب دون عودة فبكت وهي تجدف بقاربها نحو قرية الشيخ كاظم وقد كانت الدواب تتبعهم ولما وصلت واستقبلها الشيخ كاظم حكت له ما جرى فقال لها الشيخ كاظم: ستعيشين معنا وسأعتبرك ابنتي وتحت حمايتي. اما بالنسبة لاخيها الذي اسماه ابوه(حسن) فقد كان مريضا جدا فجلب له الشيخ امرأة ترضعه وايضا قاموا بعلاجه. وبقيت شيخة واخيها هناك حتى مرت السنوات وقد كبرت شيخة واصبحت شابة في منتهى الجمال وايضا اخيها حسن الذي بلغ خمسة عشر عاما لكنه كان يسبق اقرانه كثيرا لأن بنيته قوية وضخم الجثة وقوي ايضا وهو لا يعلم بحكاية اهله كل ما يعلمه ان شيخ كاظم هو ابيه
وكان للشيخ كاظم ولد يكبر شيخة اسمه (جواد) وقد خطب شيخه مرارا دون ان يدري حسن  ولكنها لم ترضى لا لأنها لا تحبه او فيه انتقاص بل كان جواد في نظرها رجل بمعنى الكلمة ولكنها دائما تقول له انها لن تتزوج حتى تأخذ بثأر ابيها وتخبر حسن بما جرى لابيها. فما كان لجواد الا الانتظار فقد كان معجب بقوتها وصلابتها برغم الاحزان التي داخلها اضافة الى فراستها.
في احد الايام وبينما كان حسن يلعب مع الاولاد الذين في عمره تشاجر مع احدهم فقال له: اذهب من قريتنا انت غريب فيها وشيخ كاظم ليس ابيك فنهض حسن غاضبا وضربه وادماه وعاد الى اخته وهو غاضب

حكايات اهلناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن