الفصــــل 5

78 10 2
                                    

الجميع يعمل في عمله المعتاد كيوم جحيمي عادي من أيام أبيسوس المرهقة. لكن الملفت هنا هو ذلك الرجل الغريب الذي يعمل وحده هناك بالقرب من الهاوية. يحمل أحجاراً ثقيلة وينقلها إلى مكان بعيد، ثم يقوم بتكسير الأحجار الضخمة المبعثرة بالقرب من الجسر الغربي. لما هو معزول في عمله عن البقية؟ ولما هو الوحيد الذي يقوم بأكثر الأعمال شقاءاً؟...لا أحد يعرف لكنه هكذا منذ وقت طويل.

يرتدي معطف وسروال جلديين أسودين اللون يغطيهما التراب. ممشوق القوام وشعره أسود مسترسل على عينيه وأذنيه ويغطي مؤخرة رأسه ويلامس كتفيه. عيناه حادتان تحملان حزن عميق لكنه يحتفظ بملامح صارمة ومتجهمة طوال الوقت...

من بعيد يبدو من وسامته أنه غير حقيقي أو أحد شخصيات الرسوم المتحركة التي تتمتع بوسامة لا تشوبها شائبة.

تبدو عليه سمات النبلاء، من الممكن أنه كان كذلك في يوم من الأيام، فجميع من هنا بالمدينة كان لديهم حياة بالخارج قبل أن ينتهي بهم المطاف في تلك البؤرة الجحيمية مجهولة الأصل والمكان. لا أحد يعلم من أين هو أو أين يقضي ليلته..

هناك آثار ندوب وجروح على صدره تظهر بين فتحات قميصه الممزق البالي، يبدو وأنه يتم تعذيبه بقسوة، ترُى من هو؟ لا بد وأنه يحمل في صدره سر عميق يثقل عليه التنفس أحياناً.

ضُرب جرس انتهاء العمل وحل الظلام ليغطي كل شئ بطبقات مضاعفة من الظلمة والوحشة وهنا جاء حارسان لإصطحاب الرجل الغريب، لا يبدو وكأنه سيقضي ليلته كالآخرين أو أنه سيرتاح ولو قليلاً.

سار الرجل وإلى جانبيه الحارسان في شوارع المدينة الطويلة مارين بالميدان ذو التمثال الغامض الضخم، بدأت السماء تمطر مطرا جحيمياً لازعاً.

ساروا لفترة طالت أم قصرت لم يعطي لها بالاً. فقط استمر في شروده وصمته وتجهمه. أخيراً وصلوا إلى منزل الحاكمة وهنا سلمه الحارسان إلى آخرين عند باب المنزل من الداخل وعادا أدراجهما. رافقه الحارسان في صمت، عبروا قاعة فسيحة بها الكثير من الأنتيكات والمقاعد والتحف...عبرها يوجد درج يقود للطابق العلوي. ضوء الشموع والمشاعل يدهن كل شئ باللون الأصفر الكئيب. لم يتأمل الرجل أي شئ في ذلك المكان أو حتى يعطي له بالاً. قابلهم الخادم وطلب من الحارسين اصطحاب الرجل و التوجه للطابق الأول العلوي والإتجاه يميناً إلى حجرة المكتب الخاصة بالحاكمة وعلى الفور انطلقا بصحبة الرجل إلى هناك.

بينما يندفع الأبن الأكبر للحاكمة خارجاً من حجرة مكتبها كاد يصطدم بالرجل فوقف يحدق به للحظة معلقاً.

- ڤكس! إنه أنت..ما يثير دهشتي هو كيف تفعل ذلك؟ أنا ابنها وأخشى أن أعصي أي من أوامرها...مما أنت مصنوع أيها الغريب؟

- .........

نظر له ڤكس للحظة ملتزماً بصلابته وعبوث ملامحه ولم يردّ، لم يكن معروفاً عنه أنه يتحدث كثيراً..

أبيسوسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن