الخروج
وصلت المجموعة المتمردة أخيرا إلى باقي أهل أبيسوس الحائرين والذي تملكهم جزع لا يوصف. أخبروهم بأن المدينة تتداعى وأن أملهم الوحيد في الخروج هو ڤكس. فانقسم أهل أبيسوس على نفسهم. وجد الكثير من أهل أبيسوس صعوبة في تفهم ذلك الأمر فهم لم يروا ذلك الرجل يقدم على أي شئ كي يدافع به عن نفسه أمام الحاكمة ورجالها. إلا أن البعض الآخر لم ينسوا ما فعله لإنقاذ المجموعة المتمردة ووقوفه وحده أمام حراس الحاكمة والضرب المبرح الذي سدده لأبراكساس حتى أن البعض أقسم أن ذلك اللعين أبراكساس شعر بالخوف منه. كان عليهم اتخاذ قرار سريع فكان القرار هو الوثوق بڤكس وتنفيذ ما أمر به فاتجهوا على الفور إلى الجسر المحطم وهناك وقفوا في انتظاره شاهرين أسلحتهم للدفاع عن أنفسهم ضد تلك المخلوقات الهاربة من الهاوية حتى يحضر الغائب ومعه مفتاح الخلاص.
الإنتظار طال قليلاً فبدأ الشك يطرق على كل باب. قد لا يأتي الغريب أبدا. قد يكون كاذباً أو مخادعاً. من الممكن أنه قد مات بالفعل وهم في انتظار شبح لن يأتي أبداً. ساعدهم مواجهة مخلوقات الباڤين القليلة التي تناور وتهاجمهم من وقت لآخر على قتل الوقت. الموجة الثانية لهجوم أعداد ضخمة من مخلوقات الباڤين لم تأتي بعد لكنها تقترب. أصبح الآن هناك سباق بين النهاية و ڤكس، تُرى من سيأتي أولاً.
وأخيرا ظهر ڤكس من خلف الغبار المتطاير من انهيارات مباني أبيسوس المتلاحقه وخلفه ماجي ونادية. هلل أفراد المجموعة الهاربة محتفين بهم بينما يترقب الباقين اقترابهم ومعرفة ما يجب فعله بعد ذلك. لكن الكونت والسيدتان لم يكونوا الغائبين الوحيدين الذين ظهروا على تلك الساحة. لقد تفاجأ الجميع بظهور الحاكمة مع المزيد من الحرس لا يعلموا من أين حصلت عليهم. كان الكونت أقرب إلى الجسر. ركضت ماجي ونادية نحو الجسر إلا أن الكونت واصل السير بكل هدوء وثبات حتى وصل إليهم. الحاكمة تقترب أكثر بجنودها، لم تكن خائفة من فرارهم فهي تعلم أنه من المستحيل أن يكتشف أهل أبيسوس طريقة الخروج. إلا أن الكونت بدا واثقاً مما سيفعله ، فأمرت جنودها بالركض نحو الجسر للقبض عليهم.
ينظر الجميع للكونت بقلق متسائلين عما يجب فعله بعد ذلك حتى أن البعض بدأ يفقد أعصابه. لم يعلّق الكونت وسار يخترق الحشد حتى وصل لمقدمة الجسر وبكل هدوء جرح كف يده بسيفه ثم رسم الرمز الذي علمه إياه رمزي وعلى الفور إلتحم الجسر. تفاجأ الحشد فاقتربت ماجي من الكونت في دهشة
- هل..؟
فقاطعها دون أن ينظر لها ويبدو عليه الضيق الشديد قائلا
- لا،لم أكن أعلم بذلك الأمر منذ البداية..
- لكن كيف؟
- ستعلمين لاحقاً
ركض الحشد إلى الجانب الآخر من الجسر ويتبعهم نادية وماجي والكونت وهو آخر من عبر. اختفى الحشد خلف الضباب الكثيف الذي يخيم على الجانب الآخر. ربّت جمال على كتف ڤكس معبراً عن امتنانه ثم نظر نحو ماجي ونادية وأومأ لهما برأسه تحية ووداعا وامتناناً ثم ركض بدوره نحو الضباب واختفى عن الأنظار.
وصلت الحاكمة وجنودها أخيرا إلى الجسر كان من الممكن أن ينهي الكونت الأمر على الفور لكنه تريث قليلاً حتى أن ماجي ونادية الواقفتان إلى جانبة تعجبتا من موقفه. وقفت الحاكمة عند الجسر فلم تستطع أن تطأ بقدمها عليه فقط وقفت هناك تحدق بالكونت بينما يحدق بها رجالها منتظرين الأمر بالعبور. فقال
- لا تستطيعين أليس كذلك؟ لقد بعت روحك لذلك المكان الشيطاني والآن ابقي هنا مع السفينة بينما تغرق في بحر بركاني
- .......
طال الإنتظار على رجال الحاكمة. لقد علمو للتو أنها عالقة هنا وأن المدينة تتداعى فلا داعي لإتباعها بعد الآن فتركوها وركضوا لعبور الجسر وعلى الفورأخرج الكونت سيفه وحكّ الرمز المرسوم من جهته فتحطم الجسر من جديد فيسقط في الهاوية بعض رجال الحاكمة بينما علق الآخرين معها في الجانب الآخر.
وصلت أخيراً الموجة الثانية لمخلوقات الباڤين وبدأت تلتهم حرّاس الحاكمة، ملأ صراخهم الكون. لازالت تقف الحاكمة هناك عند الجسر في صمت، تسمع صراخ رجالها ولا تبالي ولم تلتفت فقط وقفت هناك تنظر له للمرّة الأخيرة. اقترب منها أحد الوحوش فالتهم جزء من ذراعها. حاولت التماسك ولازالت تعلق نظرها على الكونت. أخذ الوحش يلتهم المزيد ثم جاء المزيد من الوحوش لمشاركته وجبته وبدأوا يلتهمونها حيّة. تماسكت قدر المستطاع محدّقة إلى الكونت ودموعها تنهمر في صمت حتى انهارت أخيراً وشرعت تصرخ وتصرخ بينما تكالبت عليها الوحوش والتي انتشرت في كل مكان ولم تبقى على أي شئ في المدينة.
وقف ڤكس على الجانب الآخر ينظر إلى المدينة متأملاً
(لم أظن أبداً أني يوماً ما سأنظر للمدينة من هذا الإتجاه..)
وقف الثلاثة يتأملون ذلك الكبوس ينهار أمام أنظارهم، لحظة بالكاد حملت في طياتها نصراً، فالألم والعذاب الذي تعرضوا له كان أكبر لصّاً سرق منهم أي شعور بالبهجة أو الإنتصار، لكن ذلك لم يمنعهم من العثور على بعض مشاعر الإرتياح فالكابوس أخيرا قد انتهى.
انتبه ڤكس إلى صوت ماجي لينتزعه برقة من شروده
- والآن، ما العمل؟
إلتفت الكونت إليها ومد يده ليداعب وجنتها فأراحت وجنتها على راحة يده وأغلقت عينيها. فقال بهدوء
- الآن ستكونين بخير..الآن سأتمكن من الراحة
- .........
سحب يده برقة ومسح على شعرها وابتعد نحو الضباب ثم التفت لينظر إليها للمرّة الأخيرة فسقطت دمعتها مودعة إياه ثم التفت واختفى خلف الضباب فركضت خلفه فيخطفها الضباب إلى المجهول.
أنت تقرأ
أبيسوس
Fiksi Umum،أبيسوس هي مكان حيث الأبرياء والخاطئون يدفعون بالتساوي ثمن أشياء سواء ارتكبوها أم لا ....هاوية حيث يتمنى الأحياء أن يموتوا ويتمنى الموتى ألا يكونوا كذلك ( يالها من مهزلة ! وقتي ينفذ ولا أبالي , وحدتي تمزق الساعات إلى ثوان , ما الذي أفتقده ؟ .. لا ش...