أبيسوس
"قلمي الأزرق..يرسم زورق
وسماءِ بها شمس تشرق
قلمي الأحمر..أخذ المنظر
لوّن كل الورد الأحمر
قلمي الأصفر..نظر وفكّر
أين مكان اللون الأصفر؟"
صوت شاحب لإبنتها صوفي يغني تلك الأغنية التي اعتادت غنائها بينما ترسم أو تلعب في حضور والدتها. صوت تردد كصدا صوت في عالم فارغ، تستيقظ نادية فزعة من نومها تتصبب عرقاً وتلهث في فزع.
بدأ يوم عمل جديد. تعمل نادية في صمت وضيق وكذلك الآخرون؛ إرهاق ومشقّة لكن هذا هو الحال هنا. اقترب منها ذلك الرجل اللزج والذي يتودد إليها من وقت لآخر قائلاً
- مرحباً يا عزيزتي
- ألم تتعلّم شيئاً من صفعة الأمس؟ هل جئت من أجل المزيد؟
- بل جئت أخبرك أني اعلم ما الذي تخططين له أنت وصديقتك التي شقّت طريقها إلى الطبقة العليا
- ......؟
- ماذا؟ لم يعد لديك ما تقولينه؟ أما أنا فلدي ما أقوله. سأخبرك أمراً، سيكون مصيرك محكوم أنت وصديقتك وهو إلقائكما في الهاوية كما حدث مع من قبلكما ممن حاولوا الهرب أو حتى فكّروا في ذلك ولن تكونا استثناءاً.
- .......
- إليك ما سيعود عليّ من فائدة؛ إذا لم تنفّذي ما آمرك به سأبلغ الحاكمة وستقدّر مساعدتي كثيراً لتكافئني بكل ما أريد ومن يعلم، قد تجعلني من حاشيتها كما حدث مع صديقتك، إلا إذا كان لديك ما تقدمينه لي كي أبقي فمي مغلقاً...ولو لبعض الوقت
بدأت نادية تنهار فترقرقت عينيها قائلة
- حسناً..حسناً يا فريد. أنت تفوز، قابلني بعد الدوام في منزلي، فقط لاتخبر أحد بما عرفته...أرجوك
ثم بدأت تبكي. لم يبد الرجل أي شفقة بل علّق متشفّياً
- أخيراً نزلتي من فوق فرسك العالي، تتصرفين وكأنك أميرة..
ضحك ساخراً ثم قال مردفاً
- تخيلي ما أستطيع ن أجعلك تفعلينه بما لدي من امتياز..
- .....
حملت نادية الكوريك ثم عادت للعمل في رفع الأتربة الكثيفة وقِطًع الطوب المهشّمة ووضعها في قصعة وحملها بعيداً ثم العودة من جديد.
تقف زوجة فريد تحدّق بها في غيظ بعد أن تنصّتت إلى حديثهما.
كان يوماً طويلاً حقاً، كانت نادية مرهقة ومستنزفة تماماً بنهاية الدوام. عادت تجرّ قدميها في تعب، أسندت الكوريك على الجدار ثم تمددت على مرتبتها كي تقضي ليلتها ليأتي من يذكّرها بميعادها
![](https://img.wattpad.com/cover/149113287-288-k595900.jpg)
أنت تقرأ
أبيسوس
General Fiction،أبيسوس هي مكان حيث الأبرياء والخاطئون يدفعون بالتساوي ثمن أشياء سواء ارتكبوها أم لا ....هاوية حيث يتمنى الأحياء أن يموتوا ويتمنى الموتى ألا يكونوا كذلك ( يالها من مهزلة ! وقتي ينفذ ولا أبالي , وحدتي تمزق الساعات إلى ثوان , ما الذي أفتقده ؟ .. لا ش...