رومانيا 1805 م
لم تكن خطة ماركوس بلا شائبة كما اعتقد فخطته لم تتضمن دومينيك يبحث وراءه ونورا , فدومينيك لم يكن كغيره فهو حاد الذكاء بل الأكثر ذكاءاً بعد الكونت ولطالما كان يغار من ماركوس لأنه الأقرب إلى الكونت ولطالما رآه غير جدير بتلك المكانة .
لقد أحب دومينيك الكونت كثيراً واعتبره أخاً عزيزاً قد يموت من أجله إذا تطلب الأمر ذلك يوماً .
مرّ قرابة العام على أختفاء الكونت وبالتحديد 300 يوم . عائلة الكونت بحثت عنه في كل أوروبا وبعض الأماكن الأخرى دون أي أثر أو شهود . كان دومينيك على عكسهم يعلم من أين يجب أن يبدأ , كان يعلم أن ماركوس لم يكن موجوداً في رومانيا ليلة إختفاء الكونت لكنه لم يشك للحظة أنه لم يكن متورط في الأمر، فكان يعلم أن اللغز يبدأ وينتهي بماركوس ونورا..
لم يكن يتقصّى دومينيك أثر الكونت فلم يكن له أثر بل تقصّى أثر ماركوس وهو يعلم أنه سيجد إجاباته حيث ذهب الأخير تلك الليلة.
استطاع أن يحصل على بعض المعلومات من خادم ماركوس - بالثمن المناسب بالطبع – أنه كان يراسل صديقاً له في الشرق لبعض الوقت حتى سافر إليه ذات ليلة وكان ذلك قبل الليلة المشئومة لإختفاء الكونت ببضعة ليال. لم يحتفظ ماركوس بأي من تلك الخطابات منعاً لأي خطأ قد يحدث لخطته فقد تسقط في اليد الخطاء ويُفضح أمره، لكن بالثمن المناسب استطاع خادمه أن يتذكر أنه سمع سيده يتحدث إلى السيدة نورا عن صديق خيميائي له في مصر لكن لا يعرف اسمه.
لم ييأس دومينيك، بدأ يسأل البحارة الذين ابحروا إلى مصر تلك الليلة حتى توصل إلى قبطان يدعى (لوكاس أنطون) كان قد أبحر تلك الليلة إلى مصر. حاول دومينيك تذكيره بماركوس فأخبره أنه يتذكره بالفعل وأخبره أنه كان كريماً معه حيث أعطاه أكثر مما اتفقا عليه كي يوصله بسرعة، أخبره أيضاً أنه أوصله إلى ميناء الإسكندرية وأنه طلب منه دليلاً ليأخذه في جولة فأوصى بصديق له يدعى (شوقي) وبذلك انتهت مهمته ولم يتدخل فيما لا يعنيه.
أشرق وجه دومينيك، يبدو أن مهمة القبطان ستبدأ من جديد، فطلب منه أن يوصله إلى حيث أوصل ماركوس وأن يعرّفه على صديقه السكندري ذاك.
لم يشعر دومينيك بطول الرحلة. السماء صافية والجو معتدل. لطالما اختلفت سماء البحار عن غيرها، لطالما بدت وكأنها قد انشقت عنه ليفصل بينهما ذلك الخط الرفيع الممتد على مرمى البصر. لقد انشغل دومينيك معظم الرحلة بالتخطيط لخطوته القادمة. وصل أخيراً إلى ميناء الإسكندرية ليلاً، ثم ذهب مع القبطان (لوكاس أنطون) إلى أحد الخانات حيث عثرا على ذلك الدليل السكندري(شوقي) صديق القبطان، كان الرجل يجتمع مع أصدقاء له هناك. ألقى عليه القبطان التحية وعرّفه على دومينيك ثم تركهما ورحل عائداً إلى سفينته بعد أن أنهى مهمته.
سأل دومينيك الدليل عن ماركوس وإذا كان يتذكره، أخبره الدليل أنه لم يشعر بالإرتياح لمقابلته، لقد كان الرجل سخي أكثر من اللازم، تعرف الرجل الكريم بعطاءاته الكثيرة لكنه لم يبدو كذلك، بدا أنه مبذّر سفيه أكثر منه كريم، كما أنه لم يطلب اصطحابه في جولة بالمدينة كما يطلب الزوار عادةً بل طلب زيارة مكان واحد بل شخص واحد. فسأله دومينيك منفعلا عن ماهيته فأخبره أنه طلب اصطحابه لمقابلة سعدون الخيميائي. فقال له دومينيك منفعلاً
- أين هو؟ أين الخيميائي هذا؟ خذني إليه على الفور
- تريدني أن أصطحبك إليه كما اصطحبت صديقك الـ..
فقاطعه دومينيك قائلا
- إنه ليس صديقي بل أشك بل متأكد أنه وراء اختفاء صديق لي
- أعتذر، لكن ماهي قصتكم أيها الرجال الغرباء؟ لما كل هذا الإقبال وتلك العجلة لمقابلة سعدون الخيميائي؟
- لقد أخبرتك للتو، أنا أبحث عن صديق لي وعندي إحساس متزايد أن لزيارة ماركوس هذا إلى ذلك الخيميائي لها دخل باختفاء صديقي , فقط خذني إليه ثم أحصل على كل ما تريد
- ...............
لن نستطيع أن نصف مقابلة دومينيك مع الخيميائي بالنجاح الباهر , إستطاع الحصول على ما أراده وعلم أن ماركوس وراء أختفاء الكونت لكن على عكس ما توقع فهو لم يسترح بعد ما علم بما حدث للكونت بل بدأت الدماء تغلي في رأسه فصاح بالخيميائي غيظاً لكن الخيميائي أخبره أن الأمر ليس شخصياً وأنه فقط يقوم بعمله إلى جانب أنه عملياً على قيد الحياة فلم يعط ماركوس ما قد يقضي على الكونت في ثوان على الرغم من أن لديه مخزن بالكامل من العقاقير والمشروبات التي تؤدي ذلك الغرض ببراعه .
كان من الممكن أن يعود دومينيك إلى بلاده والأطاحه برأس ماركوس ونورا ولن يلومه أحد لكن هناك ما هو أهم , أقسم دومينيك ألا يعود بدون الكونت ولو لم يكن الأمر في غاية الأهمية أن يبقى هنا لإخراج الكونت لذهب وأنضم إليه حيث هو الأن ..
سأل دومينيك الخيميائي عن طريقة لأخراج الكونت فقال له مؤكداً أنه لا أحد يعرف أين يذهب من يختفون بالضبط ولم يعود أحدهم ليحكي أين ذهب .
لم ييأس دومينيك وبدأ يبحث عن خيميائيين أخرين قد يحصل منهم على أي معلومة مفيدة وأخذ يتنقل من خيميائي لأخر بحثاً عن إجابات .
أنت تقرأ
أبيسوس
Fiction générale،أبيسوس هي مكان حيث الأبرياء والخاطئون يدفعون بالتساوي ثمن أشياء سواء ارتكبوها أم لا ....هاوية حيث يتمنى الأحياء أن يموتوا ويتمنى الموتى ألا يكونوا كذلك ( يالها من مهزلة ! وقتي ينفذ ولا أبالي , وحدتي تمزق الساعات إلى ثوان , ما الذي أفتقده ؟ .. لا ش...