القسم الرابع: الفصل الثالث

350 19 10
                                    

الفصل الثالث

انصرمت الأيام ولا تزال المجموعة تحتمي في شقة جاسم، ربما أملاً بعودته، لكن دانة كانت تتظاهر بعدم اهتمامها بفقدان أخيها لتكمل حياتها من دونه، حاولت أن تنساه كما فعل وتمضي بحياتها معهم، فهو لم يهتم بها وتجاهلها منذ انتشار المرض، لقد قرر السفر إلى الوطن متجاهلاً وجودها، فلم يتصل بها قبل أن تنقطع الاتصالات، لم يطمئن عليها كما يفعل كل اخ لأخته، ولم يفكر إلا بنفسه لقد كان أنانيًا منذ صغره، ورغم استقرار الجميع في الشقة إلا أن دانة كانت تصيبها الكوابيس منذ مقتل راشد أمام عينيها، لم تشعر بالراحة لتواجدها في موقع الجريمة، فهي تستيقظ يوميًا من نومها مذعورة، وكان الجميع يسمع صياحها ونحيبها قلقين عليها، رغم أنهم اعتقدوا بأنها ستتحسن وستنسى مع مرور الوقت.

أسرع مايكل إليها فور سماعه لصياحها ونحيبها، وجلست جايدا بجانبها تهدئ من روعها، تقدم مايكل منهما، كانت دانة ترتعش خوفًا وصوتها يرتجف معها:

- كان هنا، لقد رأيته واقفًا أمامي، كان يريد قتلي!

قالت جايدا لها بلطف:

- اهدئي يا دانة، إنه مجرد كابوس.

ثم وجهت حديثها إلى مايكل:

- حالتها تزداد سوءًا، فهي ترى الكوابيس يوميًا منذ مقتل راشد، يجب أن نرحل من هنا، لا أعتقد أنها ستنسى ما حدث قريبًا.

أومأ مايكل برأسه ثم اشار إليها بالخروج وتركهما وحدهما فخرجت جايدا من الغرفة، جلس مايكل أمام دانة، لاحظ إنها ترتعش رعبًا، فوضع كفيه على كفيها، نظرت دانة إلى كفيه، بينما اختلس مايكل النظر إلى عينيها اللامعتين ودموعها التي بدأت تتساقط، ثم تكلمت دانة بعد صمت:

- أريد الرحيل من هنا، لا أستطيع البقاء أكثر في هذا المكان، أكاد أجن.

- لكن، ماذا لو...

قاطعته:

- لن يعود، جاسم لن يعود.

- لكن المكان آمن هنا، قد لا نجد ملجأ آخر!

تطلعت إليه متوسلة:

- أرجوك!

سكت برهة يفكر بما سيقوله وما سيفعله ثم أجابها قائلا:

- اعطيني بضعة أيام، يجب أن نعثر أولاً على ملجأ آمن، فنحن لا نستطيع الرحيل الآن إلى المجهول، لن أخاطر بسلامتك أبدًا، أنت هنا بأمان، لكن عديني ألا تبكي مرة أخرى، لا أريد أن أرى الدموع في عينيك.

- لا أستطيع أن أعدك!

ابتسم لها قائلاً:

- إذًا عديني أن تحاولي.

أومأت برأسها دون أن تجيبه، وعادت لتستلقي فوق السرير، نامت ودموعها في عينيها، جلس مايكل متأملاً وجهها بحزن، ولم يتحمل رؤية دموعها على خديها، فمسح دموعها برفق، ثم خرج من الغرفة وتوجه إلى غرفة المعيشة ليخبرهم بقراره، البحث عن مكان آخر يلجئون إليه، اعترض ويليام قائلاً:

أحبك ولكن! حيث تعيش القصص. اكتشف الآن