القسم الثاني: الفصل الثالث

572 27 3
                                    

الفصل الثالث

 رقد خوسيه على أريكة في غرفة المعيشة عندما صحى فزعًا من صوت ارتطام، لاحظ دانة مغشية على الأرض، فصرخ طالبًا للنجدة ثم حاول إيقاظها دون جدوى، اقترب ساراس وزوجته من السلم، ووقعت أعينهما على دانة فهبطا بسرعة، طلب ساراس من ماغي كأسًا من الماء، بينما دخل جايسون المنزل وخلفه مايكل وويليام، هرع مايكل إليها متسائلاً باهتمام:

- ماذا حدث؟

بينما ابتعد ويليام متجهًا إلى باب القبو دون أن يلتفت إلى دانة أو يكترث بما حدث لها، أجابه خوسيه:

- لا أعرف، استيقظت من النوم ووجدتها مغشية على الأرض.

قال ساراس:

- أعتقد إنه أغمي عليها من التعب فهي لم تأكل شيئًا بالأمس.

حملها مايكل بين ذراعيه متمهلاً ثم أنزلها على الأريكة، وساعده جايسون برفع ساقيها إلى الأعلى ووضع بعض الوسادات تحت قدميها، فحص ساراس وضع التنفس والنبض، وناولته ماغي كأس الماء فاستلمه مايكل منها على عجل، سكب قطرات قليلة من الماء على يديه ثم مسح وجهها برفق، طلب ساراس كولونيا لإفاقتها أو أي عطر متوفر، فأسرع خوسيه وبحث في حقيبته عن عطر فوجد عطرًا صغير الحجم، أعطاه لساراس فأخذه مايكل منه، رش بعض القطرات على كفه، ثم قرب يده من أنفها فاستفاقت دانة بعد فترة، وبدا عليها الخوف وهي تتطلع بهم مستغربة من تواجد الجميع حولها، سألتها ماغي:

- هل أنت بخير؟

- ماذا حدث؟!

أجابها خوسيه:

- أغمي عليك، لقد وقعت من على السلم.

وسألها ساراس:

- هل تعانين من مرض معين؟

- لا!

سأل جايسون ساراس:

- هل أغمي عليها بسبب التعب والإرهاق؟

- نعم، أعتقد ذلك، التعب وقلة الأكل، فهي لم تأكل شيئًا بالأمس!

قدم مايكل كأس الماء لدانة، حاولت أن تمسكه فارتجفت يدها، ساعدها على شرب الماء، ارتشفت الماء بكمية قليلة، ثم شكرته وشكرت الجميع على اهتمامهم بها، ابتسمت ماغي:

- استلقي سأبحث لك عن شيء تأكلينه.

وغادر الجميع المكان بعد اطمئنانهم عليها، توجه خوسيه إلى حديقة المنزل أستنشق الهواء، فتح علبة بيرة وارتشف القليل منها، لكنه توقف للحظات يحدق بالعلبة قبل أن يقذفها بقوة على عمود الشرفة، أطلق تنهيدة يأس محدقًا بالسماء، توالت صرخاته بينما كان يركل ذلك العمود:

- لا، لا، لا!

خرج من المنزل وأفكاره تتقاذف في عقله، جلس تحت إحدى الأشجار، ثم أخرج سيجارة وعود ثقاب من جيبه، وضع السيجارة في فمه وأشعلها، رفع بصره محدقًا إلى الأفق البعيد، وقعت عيناه على تلك الأجساد المتحركة ببطء شديد، كانت أعينهم ساهمة، اقتربت منه أكثر، تعثرت أمام عينيه، تزحف ببطء نحوه، أخرج سكينه اليدوي، وغرزه بين عيني ذلك الجسد، اقترب آخر منه فدفعه عنه ليقع فوق صاحبه، وغرز السكين على رأسه، حدق خوسيه بالجسدين فلاحت صورة أخويه المتحولان أمام عينيه، سالت دمعته على خده، فلا رغبة له بتذكر الماضي الآن، عليه أن يرمي الماضي خلفه ويمضي بحياته الجديدة، يجب أن يتأقلم مع هذا العالم الجديد، يجب أن يكافح للبقاء على قيد الحياة ولا يستسلم أبدًا.

أحبك ولكن! حيث تعيش القصص. اكتشف الآن