القسم الرابع: الفصل الخامس

340 17 3
                                    

الفصل الخامس

أحبت دانة مايكل ولا تستطيع أن تنكر هذا الحب الذي بدأ يظهر منذ فترة في اتساع عينيها وخفقان قلبها كلما أمسك بيديها أو ضمها إليه، أو تطلع إلى عينيها أو حتى وهو يحادثها ويضحك معها، تغيرت حياتها منذ أن ارتبط قلبها بقلبه ولم تعرف كيف تتصرف تجاه هذا الحب الذي بدأ يتوثق بينهما، لكنها لم تتمكن من أن تقول له كلمة (أحبك)، ورغم ذلك لم يساور مايكل أي شك بأنها تكن له حبًا كبيرًا لذلك كان يفكر جديًا بالارتباط بها، ولأول مرة في حياته يطرق الحب بابه ويفكر بالزواج والاستقرار، كان يشعر بحبها له وحاجتها الشديدة إليه لكنه متردد، فقد قالت له مرة (إننا خطان متوازيان لن يلتقيان أبدًا، فعقيدتي تمنعني من الارتباط بك) تتردد هذه الجملة على عقله كلما فكر بالارتباط بدانة أو تطوير علاقته بها، فلم يعد يعرف كيف يتصرف فهو لا يستطيع أن يتعدى على الخطوط الحمراء وإن تعداها سيهدم الثقة بينهما، ولا يستطيع أن يكف عن حبه لها الذي بدأ ينمو في ثنايا قلبه وروحه، فاعتزم أن يجازف ويقرر مصير حبهما دون أن يهتم بعواقب الأمور.

جلس مايكل بجانبها، اختلس النظر إلى عينيها الدامعتين وهو يعبث بشعرها البني الداكن، والصمت يسود بينهما، وبعد تردد وحذر ألقى سؤاله عليها بشكل مفاجئ:

- هل تقبلين الزواج بي؟!

استفاقت دانة من أحلامها الوردية معه، لتصطدم بواقع قد يكون بعيدًا تمامًا عنها، وتفاجأت بالسؤال الذي لم تتوقعه، فتساءلت في نفسها: ما نهاية علاقتي به؟! وأجابته بهدوء:

- قلت لك لا أستطيع، لا أستطيع، فأنا مسلمة وأنت مسيحي.

تجمعت دموعها في عينيها وبدأت بالانسياب منها، اكملت حديثها:

- أخبرتك بأن ديني وعقيدتي تمنعني من الارتباط بك.

قال بخيبة امل:

- أنا آسف، إنسي ما قلت!

نهض من مكانه، فمسكت دانه يده، قالت وقلبها يعتصر في مكانه:

- أرجوك، افهمني!

حاول أن يبتسم خافيًا حزنه وغيظه، وقال مستسلمًا:

- أفهمك!

ثم تركها وخرج من الغرفة، بكت دانة محتارة بين عقلها الذي يرفض زواجها من مسيحي فهذا الزواج محرم شرعًا في العقيد الإسلامية التي تؤمن بها، وبين قلبها الذي يميل إليه بشغف وهي بحاجة إلى الرجل الذي يغدق عليها بالحب والرعاية ويحميها ويهتم بها في هذه الظروف.

دخل مايكل الحمام وأقفل الباب خلفه، ثم وقف أمام المرآة، يتمعن النظر إلى ملامح وجهه والتجعيدات التي ظهرت حول عينيه العميقتين المختبئتين بمحجريهما، غطاء جفنيه العلويين يخيم على خط المحجر، وانتفاخ بسيط تحت عينيه الزرقاوين، وشفتيه الرقيقتين الهزيلتين ذات الزوايا المنخفضة، والخطوط المتمركزة في خديه وجبهته ورقبته، لمس رقبته بيده، وأمسك السلسلة المختبئة تحت قميصه، أخرجها وتأمل الصليب المعلق بها للحظات، ثم أعاده إلى مخبئه من جديد، حرك ناظريه إلى الأغراض المتكدسة على الرف الصغير فوق المغسلة، فلم يستطع أن يكتم ما في داخله أكثر من ذلك، ضرب بيده تلك الأغراض لتسقط مبعثرة على أرضية السيراميك، فانجرحت أصابعه وبدأت بالنزيف، سمع صوت أخته من خلف الباب:

أحبك ولكن! حيث تعيش القصص. اكتشف الآن