الخامس
كانت تجلس على الأريكة بعد يومين في منزل شقيقتها بعد أن ألحت على والدها أن تذهب لرؤيتها لتطمئن عليها . كانت استبرق ترتدي قميص نوم شفاف طويل بحمالات رفيعة متآزرة بمئزر بماذر يشبهه . كانت وجنتيها محتقنه خجلا عندما وجدت شقيقتها هى من تطرق الباب و ليس زوجها الذي ذهب ليجلب لهم بعض الطعام الجاهز .. كان والديه قد تركا لهم المنزل لعدة أيام وحدهما مما جعلهم ممتنين لذلك . كانت استبرق تخفض رأسها بخجل شاعرة بالذنب من شقيقتها . اقتربت فاطمة منها ورفعت وجهها بأصابعها ل تنظر في عيناها قائلة برقة " حبيبتي أنا أسفة لوضعك في هذا الموقف . لم أكن أعرف أن أبي سيفعل ذلك و إلا كنت أخبرته أني لا أريد الزواج من نجم النجوم فقط و لا أورطك معي . هل أنتِ غاضبة مني لذلك .. هل الشهاب يعاملك جيداً . هل ثار غاضبا لفعلتي و أنتقم منك .. هل عاملك بعنف .. أخبريني و أنا سأقتله على الفور و أعيدك للمنزل "
قالت استبرق الذاهلة من حديث شقيقتها . سألتها باضطراب .. " ألم تعودي تحبين نجم فاطمة "
أجابت فاطمة بسخرية " و هل كنت أحبه من قبل . هذا الأحمق و من تحبه "
زمت استبرق شفتيها بضيق و قالت بحدة " فاطمة أنتِ تتحدثين عن زوجي الأن . و أنا لن أسمح لأحد بإهانته "
لوت فاطمة شفتيها بمكر و سألتها بخبث " هل وقعت في حب نجم النجوم استبرق "
ردت استبرق بارتباك " هو زوجي فاطمة و ليس علي أن أحبه حتى لا أسمح لأحد بإهانته فكرامته من كرامتي "
ردت فاطمة بملل " حسنا . هذا يعني أنك لست غاضبة منى صحيح و أنك موافقة على أكمال هذا الزواج "
ردت استبرق بخجل " لقد تزوجنا فاطمة و اتفقنا على البقاء معا لا أحد يستطيع أن يفرق بيننا الأن "
ردت فاطمة بمرح " هذا جيد .. و يعني أنك تسامحيني على هذه الورطة صحيح "
دلف نجم للمنزل و هو يقول بمرح " استبرقي . حبيبتي . لقد عدت إياك أن تكوني بدلتي ذلك القميص الساخ ...." نهضت استبرق مسرعة و هى تقول بارتباك " نجم فاطمة هنا .. أتت لتطمئن علي "
قال نجم بحنق و هو يضع الأشياء من يده جانباً و ينظر لفاطمة الزامة شفتيها بقوة كأنها تمنع نفسها من الضحك .. " أنتِ أيتها الحمقاء ما جاء بك هنا لا تظني أني سأعود إليك لقد تزوجت استبرق و انتهينا "
نهضت فاطمة قائلة بحنق " و من قال أني أريد العودة إليك بالكاد تخلصت منك "
رمقها بحنق فقالت لشقيقتها بسخرية " اعتني به حبيبتي ليخترق الغلاف و يحترق و يتحول لشهاب و عند وصوله للأرض لن يتبقى منه غير صخرة لن تنفع أحد و لا حتى أنتِ فليهدئ ليحترق مكانه"
فتحت الباب و التفتت إليهم قائلة " اعتنيا ببعضكما مبارك لكم "
خرجت من المنزل مغلقة الباب خلفها و هى تتنفس الصعداء و قد استراحت من هذا العبء . تتمنى فقط أن يتركها والدها في حالها و لا يقوم بالضغط عليها مرة أخرى ...
تلقفها بين ذراعيه و هو يقبل وجنتها قائلاً بحنان " نسمتي كيف حالك يا جميلة العائلة "
خرجت شقيقته ميار و هى تضمه قائلة بمزاح " هى فقط جميلة العائلة . أليس هناك جميلة أخرى في الجوار "
مط بيبرس شفتيه بحنق و هو ينزل نسمة و يخرج من جيبه عروس باربي صغيرة قائلاً " هذه لك شعر أشقر و عيون زرقاء "
أخذت نسمة العروس بفرح و هى تشد قميصه الأخضر لينحني قبلته بقوة على وجنته قائلة بفرح " شكراً لك خالو سأذهب لأجد لها مكان للنوم جوار الأخريات "
تركته مع والدتها ميار وذهبت لغرفتها . لفت شقيقته ذراعها حول ذراعه تقوده لغرفة الجلوس و هى تسأله " اشتقت إليك . لك شهرين كاملين لم أراك أين ذهبت مهمة جديدة . هل هناك خبر جديد عن صاحبة الصورة "
زم بيبرس شفتيه بضيق فمنذ وجدت صورة فاطمة في حافظته قبل عدة أشهر و هى تسأله متى ستراها . هل يعرفها هو ليأتي بها تتعرف عليها هى .. لم تصدق عندما أخبرها أنها كانت مهمة عادية و نسي أن يعيد الصورة لصاحبتها فقط . و رغم ذلك لم تصدقه و تظنه يخفيها في الجوار . هو حتى لم يسمع عنها شيء . ربما تزوجت الأن من ذلك الرجل الذي هربت من أجله بعد زواج خطيبها من شقيقتها .. قال بيبرس بملل " ميار أخبرتك أني لا أعرفها و هى فقط مجرد مهمة من ضمن مهامي . ثم هذه بالذات لا أظن أني سأفكر بها الفتاة هربت من عرسها من أجل رجل أخر و تسببت في فضيحة لشقيقاتها و عائلتها جميعاً . لا أظن أني سأفكر يوماً بالارتباط بمستهترة مثلها . "
نظرت إليه ميار بخيبة و سألته بحيرة " لم مازالت صورتها معك للأن "
قال بيبرس بهدوء مصطنع " لم تعد . لقد أعدتها لعائلتها منذ عدة أيام عندما جئت . " كان بالفعل قد أعادها للسيد قطب قائلاً أنه نسى وجودها معه و لكنه لم يخبره أنه أحتفظ منها بعدة نسخ و واحدة منهم تسكن جيب سرواله الجينز الخلفي مع أوراقه الثبوتية ..
ردت ميار بحزن " حسنا أخي ظننت أنك .. أنها جميلة بالفعل و تبدوا مرحة أظنها ستكون زوجة مناسبة لأحدهم إن لم يكن أنت . لن يهمه إذا ما هربت من قبل أم لا . فمؤكد لديها أسبابها لتفعل ذلك"
رد بيبرس بحدة " حسنا لا يهمني أسبابها ما أعرفه أنها فتاة مستهترة و لا أقبل بالتفكير بمن هى مثلها "
قالت ميار بخبث لعصبيته الغير مبررة " حسنا أهدئ عزيزي لم أنت عصبي هكذا . أخبرني الأن أين كنت هذين الشهرين "
أخذ نفس عميق قبل أن يخبرها عن الخطوط العريضة لمهمته الأخيرة متجاهلا كل التفاصيل كالعادة حتى لا تقلق عليه إذا علمت أنه كان في وضع خطر ..
قال صوت هادئ من خلفها يوقفها " آنسة فاطمة "
التفتت فاطمة لصاحب الصوت لتجد أمامها شاب في مثل طولها تقريباً أو يعلوها بإنشين أو ثلاثة شعره بني ناعم بتجعيدات طبيعية تحسده عليها الفتيات التي تذهب لمصفف الشعر لتكون مثله عيون سوداء واسعة و فم يعلوه شارب متصل بلحيته الخفيفة بلون شعره البني . كان بشوش الوجه و يشعرك بالراحة . سألته فاطمة بهدوء
" هل تعرفني سيد ؟؟"
قال الرجل باسما بهدوء " سيف سلام أعمل معك في نفس الشركة و لكن يبدوا أنك لم تنتبهي لي "
رفعت فاطمة حاجبها بتفهم " أسفة بالفعل لم انتبه "
قال سيف باسما " آنسة فاطمة أعتذر منك لحديثي معك بهذه الطريقة دون سابق معرفة . و لكن هل لك أن تحددي لي موعد مع والدك هناك شيء هام أريد الحديث معه فيه "
سألته بشك " شيء مثل ماذا ... "
قبل أن يجيبها جاءها صوت والدها الغاضب قائلاً " فاطمة . ماذا يحدث هنا . لم تقفين مع السيد على الطريق هكذا "
التفت سيف باسما لوالدها قائلاً بخجل " هل حضرتك والد الآنسة فاطمة . للتو كنت أعتذر منها لحديثي بهذه الطريقة "
سأله قطب بحدة " و ماذا تريد يا سيد ..؟"
قال سيف بهدوء " سيف سلام "
سأله قطب بنزق " ماذا تريد من ابنتي "
تحدث سيف و هو على نفس بسمته البشوشة التي لم تفارق محياه
" أريد الزواج بالآنسة فاطمة و كنت أريد أن أقابلك لأجل هذا "
و أسقط في يدها ...
**************’””
على صدر فخرية تبكي بحرقة قائلة " ماذا جدتي الن ترحموني من تحكماتكم ماذا أفعل الأن . كيف سأرفضه و قد فعلها و طلبني من أبي قبل أن يخبرني هذا الوغد . "
كانت فخرية تشعر بالحزن على حفيدتها و لكنها أجابت بجدية " حبيبتي . تعرفي عليه . ربما شعرت معه بالراحة . الرجل جيد بالفعل أنه لا يغضب أبدا و هذا شيء نادر . أنظرى لوالدك الذي يستشيط دون سبب . جيد ستحظين بزوج متفهم مثله "
قالت فاطمة باكية " بل سأشل بالتأكيد . أنا لا أريد زوج متفهم أنا أريد زوج أحبه مثلك أنتِ و جدي و مثل أمي و أبي و استبرق و نجمها "
قالت فخرية بحزم " حسنا عزيزتي معك فترة الخطبة يمكنك أن تظهري له أنكم غير متناسبين و تجعليه يرحل دون ضرر لأحد "
و لكن هل تستطيع أن تفعل ذلك ..
كانت فاطمة تعامله كما طلبت منها جدتها بقلة ذوق و عدم اهتمام عندما كان يجلس معها كان يظل ينتظر أن تنتهي من قراءتها لمجلة ما أو الحديث مع صديقتها براءة أو المجيء من غرفتها لتراه . كان ينتظرها بهدوء و هو يتعرف على العائلة . شقيقتها استبرق التي علم حكايتها مع نجم و فاطمة و ظنت أنه سيغضب و يثور و يتركها غاضبا و لكنه رأي الأمر رومانسي و أن فاطمة جمعت حبيبين . تأتي سندس تجلس معه تارة و تأتي جدتها تارة و شقيقها النزق نادر و حين تأتي متأخرة بعد أن أظهرت اهمالها له بكل الطرق تجد بسمته البشوشة لا تفارق شفتيه لحين رحيله . كانت أحياناً تريد النهوض لتمسك بعنقه و تزهق روحه الباردة و لكنها تعود و تصبر نفسها بهدوء إن أصبري فاطمة سيرى مساوئك قريبًا قبل أن يتورط . و كل ما تناله لصبرها عليه هو تقريع من والدتها و شقيقتها سندس التي تزجرها غاضبة لأفعالها قائلة أنها لو كانت مكانه لتركتها .. و اقترب موعد العرس الذي صدمها لم كل من يأتي يريد الزواج سريعًا ألا مكافح في الحياة ينتظر عشر سنوات ليكون نفسه و يعدها للزواج . يا ويلك يا فاطمة ..
ألقى الجريدة أمامه بحدة و هو يقبض على يده بقوة . إذن ستتزوج من الرجل الذي هربت من أجله ذلك اليوم و أخيراً ستفعل و تريح الجميع منها . أمسك بالجريدة مجدداً و هو يقرأ الخبر مجدداً بصوت خافت " زواج كريمة السيد قطب نصار من المهندس سيف سلام مدير الشركة الهندسية سلام للتعمير . و ذلك الخامس عشر من الشهر المقبل في فندق الأحلام . "
عاد ليقذف الجريدة مرة أخرى متمتما بحدة " مسكين لا يعرف حقيقتها بالتأكيد "
اعتدل في مقعده ليخرج حافظة نقوده ليخرج صورتها ينظر إليها بغضب لا يعرف سببه بسمتها الفرحة يراها كأنها شامته به و تخبره ها قد وجدت من يتزوجني ألم أكن لا أعجبك .. مزق الصورة لقطع صغيرة و ألقاها بعنف قبل أن ينهض ليخرج من المنزل لعل هذا الشعور بالضيق يتركه ...
" يا فخرية ماذا سأفعل دليني ألم تخبريني أنتِ أن أحاول أن أضايقه لعله يرحل . أنظرى ماذا فعل بدلا من ذلك لقد حدد موعد العرس و الكارثة أنه مدير شركتنا و لم أكن أعلم و أنا من أظنه يعمل معي أتضح أنه وريث الشركة ما هذا الحظ الذي لدي ظننت أنه سيظل سنوات ليجمع المال للشقة و العرس "
قالت فخرية بنزق " فاطمة فلتقبلي بالمسكين و انتهي من تجد عريس ثري هذه الفترة . لم أنت تبحثين عن الفقر بمنكاش "
قالت فاطمة بحنق " فقر ماذا جدتي . بالله عليكِ أنا لا أحبه لسيف الظريف اللطيف . أنه ظريف أليف أكثر من ما استحق . "
دلفت سندس قائلة بغضب " أنتِ هى من لا تستحق بالفعل . ليته يرى حقيقتك الشريرة و يتركك فهو يستحق الأفضل "
نظرت فاطمة لفخرية بغموض و عادت ترمق سندس الغاضبة .وجهها المحتقن يوحي بأنها تكتم دمعاتها بشق الأنفس بعد عن نفست بكلماتها الغاضبة .. سندس تشبه السيد قطب . الأقرب له في الملامح شعرها المسترسل على ظهرها يشبه أميرات الحكايات الخيالية . عينيها البنية الواسعة برموشها الطويلة تشبه عيون المها و هى أفضل ما بها من ملامح فمها واسع قليلاً و لكنه دوماً باسم لا تغضب أبدا ربما لهذا تتعجب كونها تشبه ذلك اللطيف و تتعجب من غضبها الأن . عادت تنظر لجدتها قائلة بغموض " سندس معها حق هو يستحق الأفضل و الأفضل أن أبحث عن ثوب زفاف مناسب لسيف الظريف جدتي أليس كذلك "
**★**★**★**★**★**★**★**★**★**★**