الخامس و الثلاثون & هاربة& صابرين شعبان

9K 426 135
                                    


الخاتمة


كان يعدل  من بذلته  و هو يستعد للذهاب  إليها  لم يكن  رائق المزاج  بعد مجيئها و رحيلها غاضبة  لا يعرف من أخبرها عن رفاء و ذهابه إليها جاء أنيس قائلاً " هل انتهيت . هيا بنا تأخرت على الذهاب  إليها . هل تريد أن تضايقها بتأخرك أيضاً "
التفت إليه بيبرس و رفع زجاجة العطر و رش في وجهه قبل أن يضع منه على ملابسه . سبه أنيس بحنق  و هو يفرك عينه " أيها الوغد ستسبب لي بالعمى "
قال بيبرس ببرود " هذا حتى تكف عن التذمر كالمرأة المطلقة  و تكف نق على رأسي . "
قال أنيس بغضب " أيها الأحمق ليتها تهرب و تتركك عقاباً أنت تستحق بالفعل "
وضع بيبرس زجاجة العطر و دفعه للخارج قائلاً "هيا يا ظريف و لا تزيد من تأخري "
وجدا عز الدين جالساً على الأريكة ممسكاً بطبق يحتوي على بعض الطعام و يتناوله بشراهة .. سأله أنيس بحنق " من أين أتيت بهذا "
رد بفم ملئ بالطعام " من ثلاجته .. من أين تظن "
قال بيبرس بحدة " و هل هذا وقت تناول الطعام أيها الوغد و تأكل طعامي الذي أعدته لي شقيقتي لزفافي "
قال عز الدين و هو يمسح فمه و يتوجه للمطبخ ليعيد الطبق " هذا احتياطي حتى إذا هربت العروس لن يكون هناك طعام "
عاد مكشرا عن أنيابه في ابتسامة مرحة   كأسد تناول وجبة دسمة للتو .. " هيا بنا مستعدون لليوم العظيم  هذا "
مط بيبرس شفتيه ببرود " أجل أيها الظريف هيا بنا و سأخبر زوجتك أنك تناولت طعامي ليكون يومك أنت أيضاً عظيم "
مط عز الدين شفتيه ببرود و خرج أمامهم " أنا في السيارة "
كانت رحلتهم لبيت فاطمة هادئة و أنيس و عز الدين ينظرون لبيبرس الصامت بوجه جامد . هل يا ترى يخشى بالفعل أن تفعلها و تهرب منه .  قال بيبرس بحدة كأنه يجيب تساؤلهم الصامت .. " ميار معها و براءة أيضاً لو كان هناك خطأ ما لهاتفاكم أليس كذلك "
همهم الرجلين مؤكدين بحرارة  " أجل أجل بالطبع "
عاد الصمت بعد جوابهم هذا و أكمل عز الدين الطريق بسرعة كبيرة حتى ينتهوا من هذا التوتر . وصلا إلى المنزل . فهبط أنيس الذي وجد براءة منتظرة في الخارج . ملامحها غامضة . أسرع بيبرس للهبوط بدوره و تجاهلها و هو يدلف للمنزل . كان نادر يهبط مسرعاً على الدرج قائلاً " أبي أمي فاطمة فعلتها مرة أخرى و هــــــــــــــــ"
تخطاه بيبرس مسرعاً للأعلى دون أن يلتفت لأي من الحاضرين . فتح غرفتها بعنف  و عيناه تمر بأنحائها بوجه شاحب وجدها تقف أمام النافذة متكتفة و على شفتيها ابتسامة ماكرة قالت بمرح
" أوقعت بك "
نظر إليها بشرر ثم أغلق الباب خلفه و توجه إليها غاضباً " أيتها الحمقاء الغبية "
كادت تضحك بمرح و لكنها قالت بغضب مصطنع " لا تسبني أيها الوغد لا تظن أنك ..... "
أمسك راحتها بعنف و وضعها على قلبه لتشعر بخفقانه القوى كأنه كان يركض .. نظرت لعيناه بشغف . خائف من فعلتها حقاً تمعنت في وجهه لتجده شاحب البشرة و وجهه مازال يحمل بقايا إرهاق . همست بخفوت " خفت أن أفعل... " ترك يدها و  أمسك بوجهها براحتيه و أسكتها بقبلة عنيفة تظن أنها نزعت حمرة شفتيها .. تركها ناظرا لها بتحدي فضربته بعد أن خرجت من صدمة قبلته " تبا لك بيبرس أنت أضعت قبلتي الأولي بهذه الغاضبة  . لم أكن أريدها هكذا ... "
أحاط وجهها مرة أخرى و أمتلك شفتيها برقة هذه المرة جعل خافقها يقرع كقرع طبول الحرب  هل هذا شعور القبلة فقط . تشعر كأنها طائر و حلق في السماء السابعة . . ابتعد ليجعلها تتنفس بقوة و استند بجبينه على جبينها قائلاً بغضب  " تبا لكِ و لم تفعلينه بي أيتها الهاربة "
أمسكت بيده لتخفضها عن وجهها  قائلة بخجل " هيا أتركني لأعيد حمرة شفتي فقد خربت زينتي بسببك "
رد بيبرس بعنف " لا . لن أفعل و ستأتين هكذا و زينتك لم تخرب بل زدت جمالاً وجاذبية "
أبعدته رافضة " لا بيبرس لن أخرج هكذا "
أخرج من جيبه شيء لامع لم تنتبه لهويته و لم تشعر إلا و هو يمسك بيدها لتشعر ببرودة المعدن على بشرتها . نظرت ليدها لتجدها أصفاد و قد وضعها في يدها كسوار و في يده وضع الأخرى . لم تصدق فاطمة ما فعل . و عجز لسانها عن النطق كما عجزت عن غلقه  . شدها لمقعد الزينة و أجلسها و هو يبحث عن لون الحمرة الذي تضعه و أمسك به و هو يقول أمرا " أغلقي فمك هذا بدلاً من غلقه لكِ مرة أخرى .. "
لم تستجب لأمره و ظلت تنظر للأصفاد في يدها مس شفتيها بالحمرة ليعيد زينتها ثم نظر إليها باسما بمكر " جميلة أريد قطفها مرة أخرى و لكن لا بأس سأنتظر لنعود لمنزلنا اليوم .  " أحمر وجهها و نهضت معه بصمت و توجه للباب ممسك بيدها و قبل أن تخرج استعادت رشدها و هى تقول بغضب " بيبرس أنزع هذه لن أخرج بها .. سنكون سخرية للجميع "
شبك أصابعه بأصابعها و قال و هو يقرب جسدها منه " هكذا لن يلاحظ أحد شيء أنا لن أجازف معكِ أيتها الهاربة و أصبح أنا السخرية  "
هبطت معه و هى تكاد تبكي غيظا . كان الجميع يراقب هبوطهم بملامح قلقة . ما أن رأوا ابتسامة بيبرس الهادئة حتى قالت فخرية بحزم " هيا . هيا ليتحرك الجميع لنذهب لدينا عرس أخير ننهيه "
خرج الجميع كل مع عائلته تركوا وراءهم بيبرس و فاطمة يصعدان مع أنيس و براءة و أخذ عز الدين زوجته و ابنته في سيارتهم التي أتت بها ميار اليوم. رمقت براءة فاطمة بتعجب " ما بكِ صامتة "
رفعت فاطمة يدها بعنف لترفع يد بيبرس معها و يروا الأصفاد . شهقت براءة بدهشة بينما أنفجر أنيس ضاحكا . " سيكون زفاف الموسم حقاً . مبارك لكم "
وصلوا لمكان الحفل فساعد فاطمة لتهبط فقامت بوكزه في معدته عقاباً . شهق بيبرس بألم و قال بحدة " حسنا هاربتي سأقتص لكل فعلة من أفعالك معي اليوم . "
قابلهم في دخولهم رامي الذي أتى ممسكاً بيد فضة المشرقة الوجه . سألت فاطمة بدهشة " متى أتيت "
قالت فضة باسمة بفرح " شكراً لك بيبرس كانت مفاجأة رائعة "
مد يده و لمس وجنتها برقة " كوني سعيدة يا صغيرتي "
قال رامي ممتنا " شكراً لتذكرة الطائرة "
أجابه باسما " لا داعي للشكر . كنت أريدك أن تحضر زفافنا أنت و زوجتك  معا حتى لا تكون وحيدة  "
نظرت إليه فاطمة بمكر و قالت هامسة لتغضبه بعد ذهاب فضة و رامي  " هل دعوته للزفاف . غريب هل دعوت خطيبي السابق لزفافي  .. و مهدى هل دعوته أيضاً أم نسيته "
وجدت أصابعه تضغط على أصابعها بقوة ألمتها لتعلم أنه غاضب منها و من حديثها . حسنا تستحق و أنت تربطني هكذا كاللص . همست بخفوت " فك قيدي بيبرس "
شدها للداخل و أتجه لمكانهم المخصص وسط الصخب .. وجهها للمقعدين المذهبين و قال ببرود " أجلسي فاطمة ليمر يومنا بخير "
قالت فاطمة غاضبة و لم تهتم بمن يسمع أو يرى غضبها " فك قيدي بيبرس اللعنة اليوم يوم عرسي ستفسده هكذا أنا لن أهرب "
قال بيبرس ببرود " أعلم ذلك "
" لم إذن " سألته بنزق
أجاب بحزم " الاحتياط واجب هاربتي "
جلست فاطمة بغضب و تطلعت للحضور تراقب عائلتها الفرحة و جدتها التي تبدوا كالفراشة تحط من زهرة لزهرة و هى تمر على المدعوين للترحيب .  أتى البعض لتهنئتهم فظلت فاطمة غاضبة بينما بيبرس يلقي بعض الكلمات الشاكرة . " أدعي السعادة عزيزتي حتى لا يظنون أنك مجبرة على الزواج بي "
قالت فاطمة غاضبة " فك قيدي أيها الوغد لأكون سعيدة هل تريد أن تفسد عرسنا بأفعالك المجنونة هذه "
رد بيبرس بسخرية " أفعالي أنا المجنونة .. و أنتِ أفعالك عاقلة سيدة العاقلين "
شدت يده مع يدها متكتفة بغضب . أتت ميار ناظرة  إليهم بخيبة قائلة " هل تتشاجران مجدداً "
قالت فاطمة بنزق " أنظرى لهذه . كيف تريدين أن أبدو . "
ضحكت ميار بمرح و مدت يدها في جيب شقيقها و قالت برقة
" حبيبي كفى عاقبتها على فعلتها . كانت تمزح معك فقط "
أخرجت المفتاح و نزعت القيد و أخذته قائلة برجاء  " هيا اليوم عرسكم لا تفسداه بالله عليكم "
لانت ملامح فاطمة و ابتسمت براحة حامدة الله أن لا أحد انتبه للأصفاد " حسنا من أجلك أنت فقط "
تركتهم و ابتعدت فنظرت إليه بمكر " ما بك كمن ضرب على رأسه . الست فرح بزواجنا اليوم "
التفت إليها ببرود " فرح بالطبع أعتقد أنت فرحة لوجود خاطبينك   السابقين جميعاً أليس كذلك "
ضحكت فاطمة " أجل بالطبع فرحة تعلم أنهم عزيزين على "
التفتت تنظر لشقيقاتها و أزواجهم و السعادة البادية عليهم . تحمد الله أنهم جميعاً يحبون شقيقاتها و أن لا واحدة فيهم بائسة . هى ممتنة لهم في ذلك . كانت دهب تنتظر طفلاً قريباً بينما سندس قد أنجبت فتاة جميلة مر الكثير عليهم في السنوات القليلة الماضية و ها هى و اليوم ستكون لها حياة جديدة مع فاتح القسطنطينية لا تريد أن تفكر في حديث جدتها عن ليلة الزفاف حتى لا تتوتر أكثر من هذا . تعلم أن بيبرس يحبها و سيكون الزوج الصالح لها رغم جنون تصرفاته أحياناً . شعرت بيده تضغط يدها تؤلمها فالتفتت إليه بتساؤل غاضب " ستحطم يدي . ما بك هل جننت "
قال بيبرس بصرامة  " أنتِ تنظرين إليهم هل تريدين اغضابي  "
ابتسمت فاطمة بمرح  و قالت ببراءة " أنا .. لا بالطبع "
عقد بيبرس حاجبيه بغضب و تمتم متوعدا " حسنا فاطمة سنعلم ذلك في منزلنا اليوم إذا كنتِ فعلاً تريدين اغضابي  أم لا .. "
نظرت لبراءة و أنيس الواقفين في جانب القاعة بعيداً عن الأعين . و أنيس يمر على وجنتها برقة و هو يحادثها كأنه يتغزل بها . كانت ترتدي ذلك الثوب الأزرق الطويل الذي يحدد مفاتنها كانت تعلم أن أنيس سيغضب عندما يراها ترتديه فهو يظهر ذراعيها و فتحته الطويلة تظهر ساقها حتى الركبة . و لكن يبدوا أنها استطاعت أن تلهيه عن الحديث عن الثوب أو ربما تحدث بالفعل عندما رآها . كم تفتحت صديقتها كالزهرة  على حب أنيس . فهو يهتم بها كثيراً . اليوم أخبرتها أنه حدد موعد العرس لبعد شهر من الآن .. اتسعت عيناها بفرح و هى تراه يلف ذراعيه حولها و يراقصها بخطوات هادئة كأنهم لا يشعرون بأي من المحيطين حولهم . لا يرون إلا بعضهم البعض يا إلهي صديقتها تذكرها بأميرات الحكايات الخيالية سنو وايت و سندريلا   . قالت لبيبرس أمرة " هيا لنرقص معا فاليوم زفافنا أيها السيد "
رد بيبرس ببرود " لا أريد ذلك و لا أريد لزوجتي أن ترقص أمام أحد يكفي أني  أجلس هنا يراقبوني بغرابة  كالوحش في القفص "
زمت شفتيها بضيق . حسنا  لن تسمح له بإفساد  يومهم هذا بعبوسه  نهضت و تركته متوجهة لمشغل الموسيقى و تحدثت معه و عادت ممسكة  بالميكرفون  و الموسيقى تصدح . نظر إليها بيبرس بتحذير هل ستغني له الغراب و اليمامة الأن .. هذه الهاربة تريد أن تعاقبه على رفضه الرقص معها .. نهض بيبرس مسرعاً ليمنعها من جعلهم سخرية عندما صدحت الموسيقي . شعر بالراحة و تنفس الصعداء وقف أمامها ينظر إليها بغضب  .. رفعت فاطمة الميكرفون و غنت قائلة  و هى تمر بأصابعها على جبينه ...
"يا عاقد الحاجبين
على الجبين اللُجين
إن كنت تقصد قتلي
قتلتني مرتينِ
قتلتني مرتينِ
يا عاقد الحاجبين
رفع بيبرس حاجبه بتساؤل ينفي التهمة عنه  و دنا منها يحيط خصرها بتملك . و الجميع في القاعة يراقبهم . و قد عم الصمت و لا صخب يستمعون لفاطمة تتغزل بزوجها على الملأ و هى تكمل قائلة
" تمرّ قَفْزَ غزالٍ
بين الرصيف وبيني
وما نَصَبْتُ شباكي
ولا أذِنْتُ لِعيني
و لا أذِنْتُ لِعيني
يا عاقد الحاجبين
أقترب منها و همس في أذنها بشغف . " كاذبة لقد نصبت لي فخا منذ سخرتِ من اسمي ذلك اليوم و من وقتها وقعت صريع هواكِ "
ابتسمت برقة و وضعت راحتها على قلبه قائلة بلوم
" تبدو كأنْ لا تَرَانِي
ومِلْءُ عينِكَ عيني
ومثل فعلك فعلي
وَيْلِي من الأحْمَقَينِ "
مرت بيدها على حاجبيه فاتسعت بسمته و رد نافياً " بل ويلي أنا منكِ أيتها الهاربة "
أكملت باسمة بنبرة درامية  ..
" مولايَ لم تُبْقِ منّي
حيّاً سوى رَمَقينِ
أخافُ تدعو القوافي
عليك في المشرقينِ "
مال على أذنها و لف ذراعيه حولها " بل أنتِ من سيفعل بقلبك الأسود "
توقفت الموسيقي حولهم ليعم الصخب مرة أخرى و يتعالى صفير الرجال و صريخ النساء حماسة و براءة تقول بحماسة " واحدة أخرى فاطمة هيا أنه عرسك اليوم "
رد بيبرس بحزم " لا . لن تفعلها ثانياً و إلا عاقبتها . هى لن تغني سوى لي "
قالت فخرية بحنق " يا لك من مغرور . يا رجل كف عن غرورك و تحكماتك هذه  "
قال بيبرس ببرود " زوجتي و أنا حر بها "
همست فاطمة في أذنه " أنت تتحدث عني ها لا تنس ذلك "
التفت إليها رفع حاجبيه بتحدي " ماذا تقصدين عزيزتي . هل تفعلين شيء دون إرادتي "
مدت يدها ثانية لحاجبيه و قالت بمرح " يا عاقد الحاجبين . على الجبين اللُجين "
أمسك بيبرس بيدها قائلاً بحزم " يكفي . لقد أقمت لكِ خطبة و زفاف كما. تريدين و ها هو الجميع قد حضر عرسنا و الأن أراكم بعد سنوات جميعاً "
وجدته يشدها ليخرجها من الزفاف بحزم وسط الصخب والحماسة قالت بخيبة " بيبرس العرس مازال في بدايته "
أجابها بنفاذ صبر " أما أنا فقد عيل صبري من كل هذا "
" توقف يا ولد و أترك حفيدتي " قالتها فخرية  أمرة
و لكن الجميع ظل يشجعهم على الرحيل فاستسلمت فاطمة و هى تخرج معه و تشير للجميع  مودعة كانت والدتها تقف بجانب والدها تبكي فرحا و جدتها تنظر إليها بحزن مودعة ابنتها و حفيدتها و صديقتها المقربة .. لمعت عيناها بالدموع و نزعت يدها من بيبرس قائلة بصوت مختنق " أنتظر قليلاً "
  عادت راكضة  لتضم جدتها بقوة قائلة " لن أغيب سأعود لأراكِ غداً صباحاً لا تقلقي "
قالت فخرية باكية " لا تعودي يا حمقاء . أخيراً تخلصت منك . عودي مع احفادي وقتها فقط سأراكِ "
كانت تبكي بحرقة على صدر جدتها لا تريد تركها . شعر بيبرس بالألم لمظهرها هذا و ود لو تركها معها حتى لا تتألم هكذا و ليتحمل هو الألم في بعادها و لكن فخرية حسمت الأمر و هى تدفعها قائلة بنزق
" هيا أذهبي و لا تعودي إلا إذا كان حفيدي على الطريق "
أحاط بيبرس بكتفيها و هو يقول برفق " لا تصدقيها سنعود لهنا و سترينها وقت تريدين لا تقلقي و لا تنصتي إليها "
نظرت إليه بوجه ملئ بالدموع " تعدني "
هل ظنت أنه ربما يمنعها عن عائلتها . هذه العنيدة من تظنه . " أعدك هاربتي "
عادت لتضم جدتها مرة أخرى و همست بصوت مختنق " سأعود فخرية و لن تمنعيني عن رؤيتك "
ربتت على ظهرها برقة " هيا أذهبي و عودي وقت تريدين هيا لا نريد أن يظهر جنون زوجك و يفسد اليوم "
أشارت إليها مودعة و أشارت للجميع قبل أن يمسك بيبرس بيدها ليخرجها من المكان لبدأ حياة جديدة ....
*************★
دلفت فاطمة للمنزل بخطوات ثابتة ظاهرياً و لكنها كانت ترتجف داخلها . هل حقاً أصبح لها منزل و زوج و حياة بعيدة عن العائلة الأن . هل سيكون بيبرس هو الأب و الأخ و كل العائلة منذ الآن . هل سيستطيع أن يعوضها عن عائلتها و لا يشعرها بفقدهم و هى بعيدة سمعت صوت غلق الباب فانتفضت لتلتفت و تنظر إليه بارتباك ..وقف بيبرس بينها و بين الباب و رفع وجهها بأصابعه ينظر في عيناها بهدوء " نحن معا الأن " كأنه يطمئنها و لكنه لا يفعل حقاً فقد شعرت بالتوتر من لمسة أصابعه على وجهها و التي تعد بلمسات أخرى أكثر حرارة و جرئة .. " بيبرس "
خرجت مختنقة مرتبكة كأنها تطلب العون ليساعدها في توضيح  السبب خلف هتافها باسمه . قال بيبرس برقة " أنا لست وحشا فاطمة لا تخافي " هل علم كل الهواجس التي تدور في فلك عقلها . ابتسم بيبرس بخيبة " حبيبتي أنتِ متعبة من الزفاف إذا أرادتِ الذهاب لغرفتك  للنوم الأن لا بأس "
ماذا يعني . هل لها غرفة غير غرفته . أحاط كتفيها برفق و قادها لغرفتها التي يقول عنها . فتحها لترى عرفة واسعة بسرير كبير مدثر بغطاء أبيض  مطرز و مذهب بخيوط ذهبية و فضية أنه فراش عرسهم الأبيض .. التفتت إليه بتساؤل " هل هذه غرفتي "
همس في أذنها " غرفتنا هاربتي . ما بك هل تخشين البقاء معي أيضاً " أضاف بنزق .تقدمت للداخل و توجهت للفراش تجلس عليه . قالت بتوتر " أنا لا أخشى شيئاً "
رفع حاجبه بمكر و تقدم ليجلس بجانبها قائلاً بلامبالاة " حسنا . هذا جيد "
رفع يده و مر بها على وجنتها و عنقها برقة . فانكمشت تبعد عنقها . سألها بصوت أجش " ألن تبدلي ملابسك "
همست بخشونة هربا من الخجل الذي تشعر به " كف عن الوقاحة بيبرس "
وضع رأسه على كتفها و هو يقترب منها أكثر قائلاً بحرارة " اه منكِ بطتي هذا بدلاً من أن تقولي لي أحبك  و تطالبي بحبي "
رفعت كتفها نافضة رأسه عنها قائلة بتوتر " بيبرس أبتعد أشعر بالحرارة "
ضحك بخفة " هذه حرارة شوقي لكِ هاربتي "
أضاف بخبث " هل أترك الغرفة لتبدلين ملابسك بشيء أكثر راحة "
قالت بتوتر " ألم تقل أني متعبة و علي النوم لأستريح "
أمسك بيدها و وضعها على قلبه " أجل  و لكني ظننت أنكِ استرحتِ"
نظرت لوجهه المسترخي عكس تقاذف قلبه تحت راحتها  كان حليق الوجه ربما من وقت طويل لم تره مرتبا هكذا بذلة سوداء قميص أبيض لامع من الحرير  و ربطة عنق و شعر مصفف بعناية . كان كأحد  عارضي الأزياء بجسده الرياضي هذا .. لا كأن كذلك الممثل الذي  في ذلك الفيلم العميل 007 جيمس بوند  .  لا لا هو كذلك الحارس الخاص .في فيلم الحارس الخاص .. لا أظن أنه يشبه ذلك المصارع الذي يقوم بالتمثيل أيضاً . لا بل  هو يشبه ... انتشلها صوته من أفكارها و تحديقها به .." أحبك هاربتي "
نظرت إليه بارتباك فقال برجاء هامسا " لا تفكري فقط . كوني على سجيتك معي أنا لن  أؤذيكِ "
سألت بصوت مرتجف و وجنتيها تشتعل خجلاً " كيف "
قال بيبرس برقة و هو يلمس وجنتها الساخنة " كما كنتِ اليوم في غرفتك عند مجيئي "
أغمضت عيناها و هى تتنفس بصعوبة من لمساته التي تركت وجنتها لتمر على عنقها لسحاب ثوبها تشعر بلمساته على بشرتها الحارة لاهثت قائلة بتوتر  " بيبرس ما رأيك في ثوبي أنت لم تقول عنه شيء "
كان يعلم أنها تشعر بالخجل منه لذلك تتفوه بأي شيء  تريد الهائه عم يفعل و لكنه لم يستجب لمحاولتها تلك  و هو يجيب بحرارة . رائع حبيبتي كصاحبته . جيد أنه محتشم و لم يظهر شيء حتى لا تخرج شياطيني يكفي غناءك اليوم على الملأ  " كان يمر بشفتيه على وجنتها و عنقها تقبيلا من بين كلماته و بدلاً من أن تلهيه و تبعده زاد قربا و أصابعه تعمل على نزع طرحتها  كيف يفعل كل هذا في وقت واحد يقبلها ينزع طرحتها بينما يده الأخرى تتحرك على جسدها بحرارة  حتى ما بات عقلها يركز على شيء منهما بينما جسدها ينصاع للمساته و يلين غصباً متعطشا للمزيد . هل  كان لديه علاقات من قبل مع النساء .. كانت ستسأله عن ذلك عندما دفعها لتستلقي على الفراش و ذراعيه حولها يمنع نهوضها و تحركها بينما شفتيه  تمتلك شفتيها برقة حتى طار من رأسها كل سؤال و فكرة كانت تتلاعب داخلها تستعد للخروج . لتجد أنها لا تريد أن تفكر إلا فيه و لا تشعر إلا به و لا تحب إلا هو و لا تتنفس إلا أنفاسه هو بيبرس تاج الدين أيوب ..
**********★
السعادة بيبرس
الرقة  بيبرس
الغضب بيبرس
الشغب بيبرس
الجنون بيبرس
الحب بيبرس
كل هذا يثيره بها و أكثر ثلاثون يوم و يوم سعادة معه منذ زواجهم  لم تكن تظن أنها ستكون سعيدة معه لهذا الحد  و رغم أنه يثير جنونها كالسابق أحياناً  إلا أنها أدمنت جنونه على اتزانه . تفاجأت في اليوم التالي و قبل أن تستيقظ أنه ذهب و جلب جدتها لمنزلهم ليكون أو وجه تراه صباحاً كما تعودت مما جعلها تبكي بفرح و هى تضم جدتها التي ظلت تسبه حتى رحلت لمنزلها محذره إياه أن يأتي و يجلبها مرة أخرى في الصباح الباكر . قائلة أنها امرأة عجوز و لا تتحمل الاستيقاظ مبكراً . بعد أن أوصلها و عاد إليها ارتمت بين ذراعيه باكية شاكرة و هى تغرقه بقبلاتها .. و لكنه يفعل ما يغضبها أيضاً عندما جئن شقيقاتها ليروها فرفض أن تستقبل أزواجهم الذي منعهم من الجلوس مع زوجاتهم و جعل كل منهم في غرفة قائلاً أنه لن يجعل زوجته تجتمع برجال العائلة في مكان واحد و أن هذا ما عليه نظامه في منزله إذا أحبا المجيء مع زوجاتهم عليهم الجلوس معه هو فقط .. كانوا شقيقاتها يسخرون من تحكمه  و لكنها رأت السعادة و الراحة في عيونهم أيضاً لأجلها .. و هذا ما عليه حياتهم ما بين هدوء و عواصف من تصرفاته و تحكماته و لكن كما يقولون على قلبها مثل الشهد . كانت تعد طعام الغداء بعد أسبوع أخر عندما جاء له اتصال هاتفي يطلبه في عمل .. دلف للمطبخ و هو يحيط خصرها من الخلف و يقبل عنقها قائلاً " سأذهب لعدة أيام فقط . هل ستكونين بخير هنا . أم تفضلين الذهاب لمنزل والديكِ  لحين عودتي "
التفتت إليه ترمقه بقلق " أنت ستكون بخير أليس كذلك "
ابتسم بيبرس بحنان و أحاط وجهها برقة "  من أجلك حبيبتي "
لفت ذراعيها تحيط عنقه و هى تقترب منه " ستهاتفني كل يوم أليس كذلك "
أكد ليطمئنها " سأفعل يا أميرتي أعدك "
قالت بخشونة "هذا العمل  لا نساء  به أليس كذلك " 
ضحك بخفة ثم شدها بقوة لصدره " حبيبتي الغيورة "
قالت بقوة " أنت لي أنا فقط بيبرس تاج الدين أيوب "
رد بيبرس مؤكداً بصدق " أنا لكِ فقط هاربتي "
و سافر ذات اليوم و لكنه كما وعدها كان يحادثها كل يوم أتت فخرية لتراها طالبة منها الذهاب معها للمنزل و لكنها لم تقبل مقررة أن تنتظره ليعود لترحل جدتها حانقة و هى تسبه مرة أخرى مما أغضب فاطمة فهو لم يفعل شيء هذه المرة. يبدو أن جدتها تغار منه كونه أستحوذ عليها بالكامل .. في اليوم السابع لغايبه جاءها طرد بعد أن ذهب الرجل دلفت لغرفتها و جلست على الفراش لتفتحه. وجدت به علبة صغيرة أمسكت بها بلهفة تفتحها لتجد بها خاتم بفص من الماس على شكل زهرة  و معه ظرف صغير فضته بلهفة و هى تقرأ ما دون به بشغف...
إلى هاربــــــــــتي
                 أكتـــــــــــــــــب
وعـــــــــدتك
نعم وأتذكر الوعــــــــد
وأذكر أني قطعت لكِ عهـــــــــد
بأنك يوما ستكونين لي يا هاربـــــــــة
وإلى دروب عشقي لكِ تمشين راغبة
وفي صومعة قلبي تصبحي له راهبة
وعدتــــــــــك
نعم وأتذكر الوعــــــــــد
وأذكر أني قطعت لكِ عهـــــــــد
بأنك لي برضا منكِ أو بتهديد السلاح
ففي الحب والحرب يا هاربتي كل شيء مباح
وأني دون قربكِ مني لن تهنا الروح أبداً وترتاح
أسيرك أنــــــــــا
فأحسنِ  معاملتي
وأسقيني من شهد شفاهكِ
فإنه في شرائع العشق والحب
يا منيتي كله متاح متاح
وعدتــــــــــــك
نعم وأتذكر الوعـــــد
وأذكر أني قطعت لكِ عهــــــــد
سيدتــــــــــــــــــي
أحتاجك نفسا عميقا أشهق فيه عطر روحك
أفتقدك جدا وأكثر من الكثير بكثير اشتياقي
استغرب كيف جعلتك نبضي ونظري وأنفاسي
وأنتِ لم تشعري يوما ما حتى باختناقي
يا جنة العشق ها قد سقطتِ في يدي
لغزا صعب على الغير حله أرحمي اشواقي
وعدتـــــــــك
نعم وأتذكر الوعــــــــــد
وأذكر أني قطعت لكِ عهد
أنك ستكونين حبيبتي
غصتي وبهجتي
روعتي وهمستي
ليلي ونهاري
ضعفي قوتي واقتداري
حياتي موتي واحتضاري
فالروح أنتِ وأنتِ الروح
           هاربتــــــــــــي
وعدتك وها أنا أوفي لكِ الوعــــد
           ملكــــــــــــــــتي
خاطرة الوعد
على  لسان بيبرس الى فاطمة بقلم سنين سنين

هاربةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن