الخامس و العشرون
كانت تستعد للذهاب لخطبة براءة عندما جاءها اتصاله . لا تعلم كيف تعرف أنه هو دون أن ترى رقمه . أمسكت بهاتفها و نظرت للاسم الظاهر بغضب . هل تترك منتظر . لم يهاتفها هذا الوغد لقد انتهوا و ما من شيء تبقي ليقوله . زواجها بعد أسبوع و ستسافر . هل يظن حقاً أنها ستهرب مرة أخرى . حسنا ليحلم بذلك . عاد صوت الهاتف يصدح مجدداً بعد أن توقف ففتحته ضاغطة على أسنانها جاء صوته البارد " قلب بيبرس إياك أن تجعليني أنتظر مرة أخرى لقد حذرتك من قبل هل تريدين أن تعاقبي "
قالت بحقد " أسمع أيها المختل . لا تتصل بي مرة أخرى و إلا سأبلغ عنك الشرطة و لا تخبرني بما ستفعل فهذا لا يهمني .. أنت لا تهمني تسمع لا تهمني . "
تنهد بيبرس بقوة تكاد تشعر بحرارة أنفاسه عبر الهاتف لتعلم أن حديثها أغضبه . قال بهدوء و كأن حديثها لم يعني له شيء " هل ذاهبة لعند براءة الأن "
ردت ببرود " و لم تسأل. هل تظن نفسك خطيبي "
قال بيبرس بحرارة " بل أكثر أنا حبيبك و زوجك فاطمة "
صرخت بغضب " أبدا . تعلم لو حدث و تزوجتك سأقتلك لهذا نصيحة لك . أبتعد عن طريقي و أنساني بيبرس و إلا سأكون كابوس لك و سأجعلك تندم على يوم قبلت مهمة البحث عني أول مرة "
قال بيبرس بصدق " أنا نادم بالفعل هاربتي تعلمين لماذا . لأني لم أستغل وجودنا في منزل جدتك وحدنا عندها كنتِ ستكونين بين ذراعي الأن و تحثيني على تركك لتذهبي لصديقتك "
أخذت أنفاس عدة تهدئ نفسها . لا تعلم لم تجيبه كلما طلبها فهو لا يفعل شيء غير حرق دمها فقط . حسنا بيبرس ليس لوقت طويل
" بيبرس ماذا تريد فهذا لا يصح أتحدث معك من خلف ظهر رامي خطيبي حبيبي ألا ترى أنه يعد خيانة "
قال بيبرس بصرامة محذراً " فاطمة حذار قولها مرة أخرى عن رجل غيري و إلا أقسم أن أجعلك تبتلعين كلماتك هذه "
" من أنت أيها الوغد . من أنت . هل تهددني . سأقول ما أريد و عن من أريد و أنت أذهب لجهنم الحمراء " قالتها بغضب قبل أن تغلق الهاتف بعنف . كانت يدها ترتجف فتركت الهاتف على الفراش و عادت تكمل ملابسها . جاء صوت رسالة فعلمت هذا الوقت أنه يريد قول شيء هام و يعلم أنها لن تجيب . أمسكت لترى ما أرسله .
" هاربتي أعتذر عن رؤيتك اليوم لدى براءة هنئيها نيابة عني أني فرح من أجلها و من أجل أنيس . و لتجعلي أنيس يوصلك للمنزل حتى لا تعودين وحدك " شعرت بالغضب من هو ليخبرها ماذا تفعل . حسنا ستخبره أنها ستذهب مع خطيبها ليرتاح ضميره . طلبت رقمه ففتح عند الرنة الأولى و كأنه يعلم أنها ستطلبه . " حبيبتي " قالها بيبرس يجيبها برقة . سبت داخلها و قالت ببرود " لا تقلق خطيبي سيوصلني و لا احتاج لاهتمامك المريض بي "
قال بيبرس بهدوء " هذا ما كنت أريد أن أخبرك به و لكنك كالعادة تتعاملين معي بغضب و تلقين بثورتك في وجهي . "
" أنت ماذا تقول ' ما هو الذي تريد أن تخبرني به ما شأنك بأي شيء يخصني " سألت غاضبة . الغضب ؟؟! لا تفعل شيء غير الغضب منذ عرفته لهذا الوغد .. الغضب و البكاء حتي ما عادت تعرف نفسها .
قال بيبرس بهدوء " كنت سأخبرك أن خطيبك المصون لن يأتي فهو طرأ عليه أمر هام "
سألته بحدة " اه و من أين لك أن تعرف . هل تقرأ الغيب "
بل أخبرته أن يفعل و لا يذهب .. رد بيبرس بسخرية " لا . بل مارست مهنتي فقط إلى اللقاء الأن و لا تنسي أن تجعلي أنيس يوصلك فأنت ستكونين زوجة صديقه "
أغلق الهاتف فسبته بغضب " تبا لك بيبرس متى ستخرج من حياتي"
دلفت فخرية على تمتمتها الغاضبة فعلمت دون سؤال عن سبب غضبها . " هل انتهيت . متى سيأتي رامي لتذهبا "
مدت لها يدها بالهاتف لتريها إياه قائلة بنزق " الوغد يقول أنه لن يأتي "
سألت بحدة " و من أين له أن يعلم "
ردت فاطمة ببؤس " لا أعلم . هل تظنين أنه يراقب هواتفنا "
ضحكت فخرية بمرح الموضوع حقاً فاق كل توقعاتها لقد أصبحت حفيدتها هوس لذلك المعتوه بالفعل . هل عليها أن تقلق يا ترى . قالت فاطمة بضيق " تضحكين جدتي "
قالت فخرية بمرح " لا أعرف كيف علم حقاً و لكن لا أظن أنه يفعل و يراقب الهاتف . على العموم سنرى ربما يكذب و سيأتي رامي "
نظرت فاطمة للهاتف في يدها و شاشته تضيء و يصدح رنينه لتريها لجدتها و اسم رامي يلمع بألوان الطيف . هزت فخرية كتفيها بلامبالاة " على الأقل خبرنا قبلها لنرى من سيوصلك . "
**************★
كان يجلس براحة على الأريكة و هو ينظر لرامي بتفحص و الآخر يجلس بتوتر . قال بيبرس بهدوء مصطنع " الخاتم الذي أحضرته كان رائع . من ألبسها إياه يا ترى "
ابتلع رامي غصة و قال بقلق متقطع " لقد . . لقد البستها إياه فقد كان الجميع يراقبنا فلم أستطع رفض طلب والدتي "
نهض بيبرس بهدوء و لكن جسده لم يوحي بذلك . تكتف و بيد مسك ذقنه و سار في الغرفة ذهاباً و إيابا بهدوء ظاهري . " و رأتك فضة تلبسها إياه . و غير هذا أمسكت بيد فاطمة . "
توقف و نظر إليه بحدة قبل أن يمسك بتلابيبه " أمسكت بيدها رغم أني حذرتك أن تفعل أمر كهذا . أيها الوغد تعلم أريد قتلك الأن " أضاف بقسوة
قال رامي بضيق و أمسك بيد بيبرس يريد نفضها عن ملابسه " ماذا كنت سأفعل . لقد أخبرتك أن تساعدني لأتزوج فضة أفضل و أنت بدلاً من هذا جعلتني أعلق معها . و تسببت في ابتعادها عني . هى حتى لم تريني وجهها منذ الخطبة المشؤمة تلك "
دفعه بيبرس ليقع جالساً على المقعد. " حسنا غداً ستقنع فضة أن تقابلك في مكانكم المعتاد "
قال رامي بحنق " سيد بيبرس هى ترفض رؤيتي في منزلهم هل تظن أنها ستوافق على المجيء و رؤيتي "
قال بيبرس ببرود " تريد الزواج بها فلتجعلها تأتي لرؤيتك أم تريد أن تكمل و تتزوج فاطمة "
نفى رامي بحدة " لا . و لكن كيف اقنعها سيد بيبرس "
قال بيبرس ببرود " سأخبرك بالطبع . و ستخبرها بما سأقوله لك بالضبط "
أنصت رامي باهتمام رغم شعوره من هذا الرجل البغيض الذي يخيفه كلما تحدث عن فاطمة .. أنصت رامي له حتى انتهى بيبرس من الحديث ناهيا بقول " فهمت "
رد رامي بضيق " نعم "
قال بيبرس ببرود " حسنا إلى اللقاء الأن فلدي عرس أريد الذهاب إليه "
زم رامي شفتيه . حسنا أيها البغيض سأتحملك فقط حتى أتزوج فضة و بعدها . نهض و توجه للباب و بيبرس يقول " الثالثة لا دقيقة قبل أو بعد"
أجاب بحنق " حسنا و لكن تأكد أن تهرب بالفعل و إلا أهرب أنا و أخبرهم عن اتفاقنا "
رد بيبرس ببرود و هو يغلق الباب خلفه " افعلها و أنسي فضة و أعدك أني سأجد لها زوج مناسب و ستوافق بعد أن أتزوج فاطمة "
طرق رامي الباب بعنف و لكن بيبرس قال و هو ينزع ملابسه ليذهب ليتحمم " عد للمنزل لتقنع فضة تقابلك و لا تضيع الوقت "
صمت الطرق فعلم أنه رحل تمتم بيبرس بمكر و هو يقف تحت الماء " لم أكن سأتي هاربتي و لكني اشتقت لرؤيتك فور سماع صوتك "
*************★
تذمر نادر " ما ذنبي أنا أتي معك لخطبة براءة هل أنا صديقها . ثم أنت تقولين أنك ستظلين عشر دقائق و ترحلين و هذا يعني أنك لن تتناولين كوب عصير هناك فماذا أفعل أنا في هذه الخطبة المملة "
نظرت إليه فخرية بنزق " هل أنت رجل . كل ما تفكر به هو الطعام و لا تخشى على شقيقتك من العودة متأخرة "
قال نادر بضيق " ألم تسمعي جدتي تقول عشر دقائق و ترحل أين هذا الوقت المتأخر ثم هى كانت تهرب من عرسها كل مرة ليلا و لم يحدث لها شيء "
تمتمت فخرية بيأس " لا فائدة " أضاف باسمة ببرود " حسنا سأعوضك عن هذا ما رأيك تأخذ بعض المال و تتناول المثلجات أنت و فاطمة في طريقكم لهنا "
لمعت عيناه بموافقة و استحسان " حسنا جدتي لتعلمي أني أفعل هذا من أجلك فقط "
ردت فاطمة الممسكة بحقيبة يدها استعداد للذهاب بسخرية " نعم بالفعل من أجل جدتي و ليس المثلجات "
قال نادر بنزق " أنت لا تصدقين و لا يعجبك شيء . حسنا أذهبي وحدك "
قالت فخرية و هى تمد يدها بالمال " هيا أذهب قبل عودة والدك و ذهابك معها مجاناً أيها الشره "
أمسك نادر بالمال " حسنا هيا تحركي لا نريد التأخر هناك فيغلق المطعم المفضل لدي لتناول المثلجات "
قبلت فاطمة جدتها " لن أتأخر حبيبتي إلى اللقاء الأن "
قالت فخرية بحنان " إلى اللقاء يا حبيبتي حماكِ الله و رعاكِ "
ذهبت فاطمة و نادر فنهضت فخرية لتذهب لغرفتها . مرت بجانب غرفة فضة لتسمع بكاءها الخافت هزت رأسها بحزن لا تعلم ما بها هذه الفتاة لقد تبدلت حالتها منذ خطبة فاطمة . هل تشعر بالغيرة يا ترى . هذه الحمقاء لم تغار غداً تتزوج فاطمة و هى من ستبقى و سيأتيها الخاطبين يطلبون ودها ألا تعلم تعنت والدها في هذا الأمر . يريد أن تتزوج فاطمة أولا . ثم هى مازالت تدرس و لكن شقيقاتها أنهين دراستهم على ما تتعجل . تنهدت بضيق " حسنا سأتحدث معها في وقت لاحق ليس الأن . فالوغد بيبرس استفزني بما فعل و على الحديث معه "
**************★
كانت تعدل من خصلاتها الشقراء الذهبية و تنظر في المرآة بفرح غير مصدقة أنها وافقت بسهولة و دون تفكير على الارتباط بأنيس . أنيس صديق ذلك المختل . و لكن لا بأس لقد أخبرتها فاطمة أنه رجل جيد و ليس كصديقه. دلفت خطيبة شقيقها قائلة بحماس
" لقد جاء أنيس و والديه براءة هل انتهيتِ "
التفتت إليها بتوتر فهى لا تعلم إن كان والديه سيحبونها أم لا فانطباعها عنهم ليس إيجابي المرة الأولى التي رأتهم فيها فهي خجلت من الحديث وقتها . سألت بلهفة " هل أتت فاطمة "
لعلها تعطيها بعض التشجيع والدعم. ردت خطيبة شقيقها " ليس بعد و لكنها مؤكد في الطريق هيا انتهي بسرعة و أخرجي . "
كانت ترتدي ثوب أبيض قصير قليلاً بقماش ناعم مطبع بالزهور الوردية و اكمامه التي تصل للكوع شفافة محكم عند الخصر و ينسدل بحرية حول ساقيها . إذا مر الأمر بخير لن ينتبه والدها و شقيقيها لفتحة ثوبها المربعة المنخفضة و التي تظهر بياض بشرتها . و لكن لا بأس لا أحد غريب قادم و لن تجلس مع الرجال لوقت طويل فقط ليلبسها أنيس الخاتم و تخرج لغرفة النساء .. لقد أرادت أن تكون جميلة اليوم فقط من أجل أنيس . تاركة شعرها مسدلا من أجله كما طلب منها يوم أتى ليتحدث مع والدها . فقد همس بها و هى تضع القهوة أمامه . نهضت تتأكد من مظهرها للمرة الأخيرة قبل أن تخرج هامسة بنزق " متى ستأتي يا حمقاء حتى لا أكون وحدي"
***************★
" من تظن نفسك أيها الحقير لتطلبني في الهاتف و تطلب مني لقاءك . هل تريدني أن أخبر خطيبتك و أبي عن فعلتك الحقيرة تلك و أنك تحادثني من خلف ظهرهم " قالتها فضة غاضبة و هى تجيب رامي بعد أن طلبها قبل دقيقتين طالبا رؤيتها في مكان لقاءهم المعتاد بأي عين يطلب رؤيتها هذا الوضيع . قال رامي برجاء " حبيبتي أرجوكِ فقط خمس دقائق أنها مسألة حياة أو موت رجاءاً سأخبرك لم طلبت فاطمة بدلاً عنكِ"
له عين يقول حبيبتي هذا الحقير . حسنا لن تذهب و لو كانت حياته هو .. قالت غاضبة " أذهب إلى الجحيم هل تظن أنه يهمني أمرك بعد خيانتك لي "
قال رامي بغضب و قد بدأ يثور فهو فعل كل ذلك من أجلها و لا يهمها و ما ذنبه إذا لم تعطيه فرصة لي لأخبرها عن شيء . " الثالثة فضة و إلا حياة شقيقتك ستكون في خطر و عندها لا تلومي غير نفسك لعدم أنصاتك لي و لا تقولي بعدها لماذا لم أخبرك "
أغلق الهاتف فسبت فضة غاضبة . هذا الحقير مؤكد يكذب عليها لا خطر يحيط بفاطمة و إلا علموا هم أيضاً . و لكن هل أستطيع أن أجازف بذلك. هذا الوضيع الكاذب حسنا لتذهب لتخبره برأيها به و بعدها تتركه و ترحل بعد أن تعلم ما يخص شقيقتها .
************★
جلست بجانبها باسمة بفرح مفكرة أنه على الأقل تعلم أن صديقتها ستتزوج من تحبه . همست فاطمة بخفوت " متى سترتدين الخاتم ؟ قبل أن أرحل أم تنتظرين رحيلي "
أجابتها براءة هامسة بنزق " لا أعرف . لقد كاد أنيس يخرجه و أنا بجانبه و تراجع بعد الاتصال الذي أتاه قبل قليل . لا أعرف و لكني أظن أنه اتصال من ذلك البغيض خاصتك "
ردت فاطمة بحنق " لا تقولي خاصتك . ذلك اللعين لا أعرفه "
جاء صوت جرس الباب يقرع في المنزل مشيراً لحضور شخص أخر فسألت فاطمة بتعجب " هل هناك أحد أخر أتي ظننت أنك قلت نحن فقط و خطيبة شقيقك "
توجه محمد شقيق براءة ليفتح عندما سمعت صوته الهادئ " أنا صديق أنيس و لقد دعاني للخطبة "
" تفضل بالدخول . من هذه الصغيرة الجميلة " سأل محمد برقة و هو يفسح له الباب . دلف بيبرس لغرفة الجلوس التي يجتمع بها الجميع ممسكاً بيد نسمة الصغيرة التي كانت ترتدي ثوب أخضر قصير و عليه جاكيت ضيق بكم قصير مطرز بفصوص ألماسية كانت ملتصقة بخالها بخجل عندما نهض أنيس مرحباً " ملاكي الصغير كيف حالك يا جميلة جيد أنك أتيت لترى عروس خالك أنيس فأنت لن ترى عروس خالك بيبرس أبدا " أضافها بسخرية هامسا و هو يحمل نسمة الخجولة من الجميع و يقبلها على وجنتها . قال بيبرس و عيناه مسمرة على فاطمة الجالسة بجانب براءة متجاهلة وجوده و لكنه يعلم أنها غير ذلك ببشرتها التي زحف الاحمرار إليها . " و خالها بيبرس أيضاً قريباً سيتزوج فقط عقبة صغيرة ستنزاح من طريقه بعد أسبوع واحد بالضبط "
نهضت فاطمة بتوتر قائلة لبراءة " حسنا حبيبتي أنا سأذهب الأن مبارك لكِ أتمها الله على خير "
التفتت لنادر تضيف " هيا حتى لا نتأخر "
قالت براءة بغضب مكتوم من ذلك الرجل البغيض فهى تعلم أنها تريد الرحيل بسببه " أنتظري قليلاً مازال الوقت مبكر "
قال بيبرس بصوت خافت " نعم بالفعل الوقت مبكر لرحيلكم أجلسوا و سأوصلكم بنفسي لقد طلبت مني جدتك هذا و أنا في طريقي لهنا " لم تريد تكذيبه فهى تعلم أن جدتها لن تفعل ذلك و تطلبه منه . لن تسبب لها الحرج و الخجل بطلب ذلك بالتأكيد ..و
رغم غضبها منه لم يسببه لصديقتها من حزن إلا أنها قالت باسمة برجاء " أجل عزيزتي أجلسي قليلاً نادر لم يتناول كوب عصير أو كيك حتى هل تريدين أن يقول عنا بخبلاء "
عاد نادر للجلوس قائلاً " حسنا فاطمة لنظل قليلاً و سنمر على محل المثلجات مرة أخرى "
شدت نسمة يد بيبرس لتنبهه لها . أنحنى بيبرس " ماذا حبيبتي "
قالت نسمة هامسة " أريد تناول المثلجات أنا أيضاً "
قال نادر باسما " تريدين أيس كريم يا جميلة . ما رأيك أن تأتي معنا سأحضر لك كوب كبير ملئ بالشكولاتة "
عادت نسمة تقترب بخجل بجانب خالها الذي قال لفاطمة بتحدي
" أجلسي من أجل براءة فهى لن تتزوج كل يوم " و أكمل بتحريك شفتيه بصمت .. مثلك هاربتي . كان والدي أنيس ينظرون إليهم بتعجب " بيبرس فيما واقفون و تتهامسون "
قال بيبرس باسما " لا شيء عمي فقط أهنئ العروسين . مبارك لك أنت أيضاً عمي عروس أنيس أخيراً ستتخلص منه "
اشار إليه والد أنيس قائلاً بمرح " حسنا أجلس أيها الأحمق و دعه يلبس عروسه خاتم الخطبة "
عادت فاطمة على مضض لتجلس مصممة على عدم الذهاب معه لمكان بعد ذلك فليحلم أن تمشي معه خطوة .. ألبس أنيس براءة الخاتم وسط سعادة من عائلتها و عائلة أنيس و جاءت خطيبة شقيقها بالحلوى و العصير الذي التهى به نادر غير ملاحظ توتر شقيقته من نظرات عيناه الماكرة . . جلست نسمة على ساقي بيبرس و مدت يدها لوجنته الخشنة بشعيراته القصيرة لتدير وجهه ينظر إليها . همست بخفوت " هل ستتركني أمسك بشعرها خالو "
ضحك بيبرس بخفوت و همس في أذنها بشيء فنهضت نسمة متجهة لفاطمة و وقفت أمامها قائلة " خالو يقول أنك يجب أن توافقي لألمس شعر صديقتك الحقيقية "
لم تفهم فاطمة ما تقوله نسمة بالضبط فسألتها برقة " ماذا تريدين حبيبتي . هل أطعمك الكيك "
ردت نسمة بخجل " لا . بل أريد أن أمسك بشعر صديقتك لأتأكد أنه حقيقي و ليس مثل عروستي الصغيرة . و أنا أخجل من طلب ذلك منها "
رفعت فاطمة رأسها تنظر لبيبرس غير مصدقة . هل تريد أن تعرف إن كان شعر براءة حقيقي .. " حسنا و لكن ليس الأن فقط عندما تنهض لتذهب لغرفتها سنذهب معها و أجعلك تفعلين "
مالت نسمة على وجنتها و ألصقت قبلة قوية شاكرة " شكراً لك " و عادت لتجلس على ساقي بيبرس الذي غمزها بمرح .
*************★
كانت براءة تجلس على طرف الفراش و نسمة تمسك بخصلاتها تتلاعب بها بفرح و تدير وجهها يمينا و شمالا و فاطمة تقف تكتم ضحكتها بشق الأنفس . همست براءة بخفوت حتى لا تسمع نسمة و مع هذا فهى ستسمع و هى واقفة أمامها ملتصقة بها " أنها غريبة الأطوار كخالها "
ضحكت فاطمة عندها و أجابت " لا هى فقط تحب الباربي و الوغد أخبرها أنك واحدة حقيقية . هذا ما قالته لي و هى تذكرني أني وعدتها أن أجعلها تمسك بشعرك "
قالت نسمة باسمة " أنت أجمل من عرائسي في المنزل "
غصباً عنها ابتسمت براءة و قبلت وجنتها قائلة " كم أنت لطيفة . لا أنت لا تشبهين خالك بيبرس أبدا "
قالت فاطمة بمرح " حسنا هل نستطيع العودة لمنازلنا نسمة فبراءة تريد العودة لخطيبها بالتأكيد لتجلس معه قليلاً قبل أن يرحل "
قالت نسمة و هى تمسك بشعرها مجدداً " لا خالو أنيس لن يمانع . هل أستطيع أن أمشط لك شعرك قليلاً "
**************★
جالسة بجانبه في السيارة و نسمة و نادر في الخلف و هم متوجهين لمطعم المثلجات . فهذا الوغد أصر أمام الجميع أن يوصلها كما طلبت جدتها لتجد نفسها مضطرة أن تذهب معه حتى لا تثير جدلا و تلفت لها الأنظار . همس بيبرس بخفوت حتى لا يستمع له نادر " اشتقت إليكِ هاربتي . تبدين شاحبة هل أنتِ مريضة أم حزينة "
قالت فاطمة بحدة و هى تميل تجاهه قليلاً حتى لا يستمع شقيقها
" ليس من شأنك . و غير هذا ربما متوترة فزواجي بعد أيام . اضطراب ما قبل الزواج تعلم هذا قلق من المستقبل و الحياة مع شخص غير عائلتك ستشاركه حياتك و حتى أنفاسك "
كانت تريد أن تضايقه فقط و تثير حنقه . ضغط على عجلة القيادة بقوة و قال بصوت جامد " لا أعرف ما في داخل رأسك لم يقتنع للأن أنك لن تشاركي أحد غيري حياتك أنفاسك و رائحتك لن يشتمها أحد غيري فقط سبع أيام هاربتي و ستأتين إلي "
" أنت واثق من نفسك كثيراً سيد بيبرس و لكني لا أريد أن أخيب أملك . ظل كما أنت عايش في الوهم لتفيق على واقع أني مع زوجي رامي في بلد آخر " قالتها بهدوء بقدر الإمكان . ربت على عجلة القيادة برتابة و قال كأنه يناقش الطقس . " سنرى هاربتي فأنا متشوق بعد زواجنا أن تضعي يدك علي و لو كان لقتلي سأكون سعيدا للغاية "
تكتفت فاطمة بقوة كأنها تمنع يدها من ضربه و حاولت أن تسترخي على المقعد قائلة ببرود " و أنا أيضاً اتمنى أن أرى سعادتك عندما أتزوج و أسافر بيبرس تاج الدين أيوب "
وقف أمام مطعم صغير و قال بمرح متجاهلا الرد عليها " لنتسابق من منا سيتناول أسرع من الباقي "
هبط نادر و ساعد نسمة قائلاً بمرح " لا أحد أسرع مني في الطعام و سترى "
نظر بيبرس و مد يده لفاطمة لتهبط قائلاً بمكر " نعم سنرى " و كأنه يجيبها عن سؤالها الأن .
***★***★***★***★***★***★***★***★***