الثامن و العشرون &هاربة& صابرين شعبان

5.3K 303 23
                                    

الثامن  و العشرون


نهضت فاطمة بعد أن تناولت كوب العصير دفعة واحدة . فقد كانت تشعر بالظمأ الشديد بعد أن استيقظت لتجد نفسها مدثرة على الأريكة و بيبرس غافي أمامها على المقعد كمن ظل يراقبها طوال الوقت . كانت الساعة تشير للثالثة فجراً عندما نهضت بفزع مدركة أنها غفت و هى تستمع لثرثرة بيبرس عن عائلته و شقيقته و ابنتها و زوجها و كيف تعرف على أنيس في إحدى مهماته التي كان يبحث بها عن فتاة مختفية و قاده الدليل لعلاقة أنيس بتلك العصابة التي كانت تخطفهم لتقوم ببيعهم كرقيق في دول أخرى .. ما أن نهضت حتى أحضر لها كوب عصير برتقال كان قد أعده لها و غفت قبل أن تتناوله . قالت بحزم " هيا لتوصلني لمنزل والدي "
فرك وجهه و قال بنعاس فقد ظل يراقبها لوقت طويل و لم يغفو إلا منذ ساعة أو أقل . " لم لا تظلين هنا . و غداً تعودي "
قالت فاطمة رافضة " لا . اليوم . تريدني أن أظل عند رجل غريب للصباح و أعود إليهم معك صباحاً و يعلمون أني كنت لديك وحدنا طوال الليل "
قال بيبرس ببرود " و ما المشكلة . أنت ستكونين زوجتي . و نحن فعلناها من قبل و ظللنا وحدنا في منزل جدتك هل نقص منك شيء"
ردت فاطمة بنزق فالحديث معه لن يجدي ستظل تقول هذا لنفسها مراراً و تكراراً " أيها المختل هل ستوصلني أم أعود وحدي "
أجاب بحنق " حسنا أنتظري سأتحمم و أتي إليك . أنت لا تظنين أني سأخرج مشعث هكذا "
كانت تود لو تخبره أنه رائع هكذا بشعره الطويل المشعث الذي يراه يظن أنه تحمم و لم يمسه بفرشاة لشهر كامل و قميصه المجعد المفتوح الصدر للمنتصف هذا الوقح يأخذ راحته أمامها و لا يهتم بشيء كأنها زوجته بالفعل . عندما كانوا يتناولون الطعام كان يمد لها يده به يريد اطعامها . هل ظن حقاً أنها ستتناول من يده و تزداد مشاعرها تجاهه بتصرفاته الحميمية تلك . و عندما نهضت ممسكة بكوب العصير بعد أن انتهت يخبرها أن لا تفعل شيء . لتجيبه بسخرية " و من قال أني سأفعل شيء أنا سأذهب لأشاهد التلفاز لحين تنتهي و توصلني لمنزلي "
أجابها وقتها ضاحكاً " حبيبتي قاصفة الجبهات لقد حطمتني "
كانت تشعر بالسعادة حقاً و هى تعلم أنه تضايق من شيء أو كلمة قالتها و لكنه يعود و يتمالك نفسه و يقوم باستفزازها بحديثه و هو يتغزل بها . عاد بعد قليل يغلق قميصه النظيف تنبعث منه رائحة عطرة و شعره مصفف بعناية كان كنجم سينمائي لأحد أفلام الأكشن بجسده الرياضي المفتول العضلات . رفع رأسه ينظر إليها و هو مازال يغلق زر كم قميصه ليجدها تتفحصه بوجه محتقن يخبره عن هوية أفكارها التي تدور حوله .. قال بيبرس بخبث " أعجبك ما رأيته "
ردت فاطمة بعد أن تنحنحت بخجل " أنت تعجب الشيطان بالتأكيد و ليس البشر "
قال بتساؤل ماكر " هل تقولين أنه لا يعجب الملائكة من البشر مثلك "
مطت شفتيها ببرود " أنا لست ملاكا و لكني من البشر و أنت لا تعجبني بالفعل "
هز كتفيه بلامبالاة " سنتناقش في هذا عندما نتزوج .. الأن هيا بنا لنرحل فوالدك بالتأكيد يحترق الأن "
عاد لها الشعور بالذنب و القلق عليه و لكنها قررت أن تخبره الحقيقة هذه المرة ليستطيع اتخاذ القرار الصائب بالنسبة لشقيقتها الغبية الحمقاء الوقحة السافلة ... تبا يكفي سباب بها فاطمة أنها صغيرة حمقاء فقط وقعت بالحب ألم تجربي أنت ذلك و تعلمين .لا بالتأكيد لن أتصرف بتهور مثلها و إلا كان الوغد أمامي يتسلى على حسابي بعد أن أنفذ طلبه بل أمره .. قال بيبرس مقاطعا سيل أفكارها
" هل نذهب هاربتي أم مازال هناك حديث دائر بينك و بين عقلك الباطن . "
قالت فاطمة بملل تجيبه " أكثر شيء أحبذه و فرحة له هو أني سأتخلص منك و للأبد "
رد بيبرس بلامبالاة موافقا إياها " معك حق أنا سعيد من أجلك هل نذهب الأن . و إلا سأفكر أنك تريدين الانفراد بي هنا لوقت أطول "
سبته فاطمة بحنق و هى تتحرك للباب " وغد حقير "
ضحكاته تشعلها و تريد أن تقبض على أنفاسه تزهقها لترتاح منه جلست بجانبه في السيارة و تحرك بصمت متجها لمنزلها . بعد قليل سألها " هل أعجبك منزلي . أم تريدين منزل أخر . أخبريني لأستطيع التصرف قبل موعد زواجنا "
رفعت فاطمة راحتيها بجانب وجهها تقول بانفعال " أصمت . أصمت أرجوك لا أريد سماع كلمة زائدة عن ذلك نحن لن نتزوج "
تمتم بهدوء " حسنا حبيبتي كما تريدين و لكنك تعلمين أنك ستفعلين في النهاية "
" و أنت تعلم أني سأقتلك لو تزوجتك لذلك انفد بجلدك مني " قالتها ببرود قدر الإمكان . ابتسم بهدوء و أكتفي لليوم من إثارة أعصابها  يكفي ما ستواجه عندما ترى والدها . وصلا للمنزل فترجلت فاطمة بساقين مرتعشتين كان المنزل كله مضاء لتعلم أن الجميع مازال مستيقظا و في انتظار عودتها . قال بيبرس من خلفها بهدوء " لا تقلقي أنا معك "
كانت تود لو تخبره أنه سبب  ما يحدث معها بغروره و عناده و لكنها لم تنطق . توجهت للمنزل و هو خلفها . قبل أن تدق الباب تحتها جانباً و فعل بنفسه . لم تجادله كثيراً في فعلته بل وقفت خلفه كمن يحتمي به . فتح الباب بعنف لترى وجه والدها الغاضب من خلف كتف بيبرس . زفرت براحة فهو بخير و الحمد لله . مد يده يريد سحبها من خلف ظهر بيبرس الذي مد راحته للخلف يبعدها أكثر عن يد أبيها قائلاً " سيد قطب . أرجوك فلتهدأ و لنتحدث بهدوء . هل تزوجت فضة أيضاً "
تجمع الجميع خلف قطب بوجوه قلقة و فضة باكية بينهم  و هو يصرخ على فاطمة " أيتها اللعينة . هل أجبرك أحد على الزواج لتفعلي بي هذا أقسم لك يا فاطمة اليوم ستبيتين في المشفى محطمة الجسد من ما ستلاقيه على يدي "
قالت فخرية بحزم " أهدأ يا قطب و أدخلها لنعرف لم فعلت ذلك "
قال قطب صارخاً " لن تقول شيء ككل مرة هذه الغبية تريد موتي يا أمي "
قالت فاطمة باكية و قد رق قلبها  لحال أبيها " أنا أسفة بابا . أقسم لك غصباً عني . أنا سأخبرك لم فعلت هذا . هذه المرة سأخبرك و لكن هل تزوجت فضة حقاً "
ردت والدتها غاضبة " ماذا ظننت أيتها الحمقاء و قد وضعتنا في موقف حرج "
سأل بيبرس بلامبالاة " لم هى هنا إذا و ليست مع زوجها "
قالت فخرية ببرود " أعتقد أن هذا أمر عائلي يا سيد بيبرس  .. نحن نشكر لك عودتك لابنتنا و لا نريد أن نشغل عقلك بمشاكلنا "
نظر إليها بسخرية " حسنا أنا بالفعل ليس لي طاقة للمشاكل العائلية من أي نوع لذلك لم أتزوج للأن و لكن أضمني لي أن فاطمة لن تتأذى و سأرحل بالتأكيد "
قالت فخرية قبل أن ينطق قطب بشيء " لا أحد يستطيع أن يضع يديه على حفيدتي "
رفع بيبرس ذراعيه مستسلما و هو يتنحى عن جسد فاطمة الواقفة خلفه " حسنا هى لكم بالتأكيد حتى الآن "
شدتها جدتها لتدخلها و قالت لبيبرس ببرود "  طريقك أخضر سيد بيبرس منذ اليوم أنا أعدك لن نحتاج لخدماتك "
قال بيبرس بمكر " بالطبع يا جدة فخدماتي ستتخذ شكلا آخر بالنسبة لكم .. تصبحون على خير "
استدار و رحل فتمتمت فخرية بحنق " هذا الوغد أقسم بالله العظيم ليكون تأديبه على يدي أنا فخرية لا أحد غيري "
قال قطب بنزق " أتركينا منه يا أمي و دعينا في هذه المصيبة . ماذا أفعل معها . أخبريني فأنا سأجن أو أموت كمدا "
قالت قطوف غاضبة  و هى تمسك فاطمة من شعرها " بعد الشر عنك يا قطب .. بل هذه الحمقاء سنضعها في مشفى للمجانين "
صرخت فاطمة بألم فقالت فخرية و هى تخلص شعرها من قطوف
" أتركيها قطوف . لا أحد منكم يرفع يده عليها و الأن فاطمة أنا من تريد أن تعرف لم فعلت هذا و هربتِ "

هاربةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن