السادس
"فاطمة تعالي و أنظرى في عيني " أمرتها فخرية و هى تشير إليها بيدها لتقترب . وقفت فاطمة أمام جدتها تاركة ما بيدها على الفراش و انحنت تنظر في عينيها قائلة " نعم يا فخرية ما بها عينك أنها جميلة كما هى دوماً فقط بعض التجاعيد حول جفنيك كأنهم حواجز أو حراس يحرسونها "
قالت فخرية بسخرية " ابنة قطب أخبريني ما الذي يحدث أجدك متحمسة للزفاف فجأة و تجلبين كل ما تستطيعين من ملابس فاضحة و عارية على غير عادتك "
جثت فاطمة أمام جدتها و أمسكت بيدها تقبلها قائلة ببكاء " جدتي أسفة . لا تغضبي مني لم سأفعله و لكني حقاً حاولت "
أمسكت بيدها و أجلستها بجانبها على الفراش قائلة بجدية " حبيبتي أخبريني بما يدور في رأسك لا تظني أني صدقت أنك وافقت و اقتنعت هكذا فجأة بالزواج من سيف و جلبك لثوب الزفاف لم يقنعني . أخبريني ماذا تخفي عني و ما الذي تنوين فعله هذه المرة "
أخذت فاطمة نفس عميق و مسحت دموعها بيدها قائلة " لقد جلبت كل هذه الملابس من أجل سيف صدقيني "
رمقتها فخرية بشك قائلة " حقاً ظننت أنك ستجلبين كل ما هو محتشم لتناسبي ميوله فالرجل كالفتاة خجول أقسم لو رأكِ بأحد هذه الاثواب ليتوقف قلبه من الخضة "
ضحكت فاطمة بخفوت و جدتها ترمقها بسخرية لتقول بمكر " الحقيقة ابنة قطب "
قالت فاطمة بحزن " ما عرفته الفترة الماضية من جلوسي مع سيف بعد انفجار سندس و قراري أني سأكمل هذا الزواج أكد لي أن سيف لا يحبني كامرأة . هو لا يغار علي هو لا يغضب من اهمالي له ليس لأنه طبيعته متسامحة لا بل لأنه يظن أننا مناسبين لبعضنا و يثق أن بعد الزواج سنكون سعداء و بخير و أن أفعالي الأن هى دلال فقط و ليست طبيعتي لذلك يتحملني "
قالت فخرية بصبر " ماذا أفهم من ذلك "
قالت فاطمة بحزم " أنه يحتاج واحدة تحبه بالفعل و سيعرف الفرق بين أن أكون مناسبة و محبة "
ردت فخرية بملل " لم أفهم شيء أيضاً و علاقة ذلك بالملابس الفاضحة التي تجلبينها له "
زفرت فاطمة بحرارة قائلة " فخرية أنا أنوى الهروب مرة أخرى و عليك مساعدتي "
دلف بيبرس للمبني القديم المتهالك بحذر مشهراً سلاحه يختفي نصف وجهه خلف نظارات للرؤية الليلية . كان مبني من ثلاث طوابق يبدوا أنه مهجور لدنوا سقوطه و تلك التشققات التي تكاد تدخل ثعبان اناكوندا تثير في نفسه القلق على ذلك الصغير . كيف ظل هنا في هذا الخراب وحده مع هؤلاء الأقذار . كان يصعد الدرج بخفة حتى لا يحدث صوتا و ينتبه له الخاطفون . كانت مهمة عادية كأي من مهماته و لكن عندما يتعلق الأمر بحياة طفل يكون أكثر حرصا و أشد انتباها . وصل للطابق غايته ليقف أمام الباب المهترئ و الذي يتسلل من بين الثقوب التي تملئ خشبه العتيق بعض الضوء . وقف جانباً و أحدث صوت و أنتظر و كما توقع فتح الباب و خرج أحدهم ليستطلع ما حدث هوى بيبرس بسلاحه على رأسه بعنف ليسقط الرجل أرضا تصاحبه طلقه من الداخل تحذير له . نزع بيبرس النظارة حتى يستطيع الرؤية في الضوء عندما هتف بهدوء
" أنا وحدي هنا لنتفاهم "
رد رجل من الداخل و صوت بكاء طفل يتعالى بخوف " لو اقتربت سنقتله "
قال بيبرس بمهادنة " لم لا ألقي سلاحي حتى نستطيع التفاهم "
صاحب حديثه سلاحه الذي سقط أمام الباب على الرجل الفاقد الوعي . سأل بحدة " هل نتفاهم الأن "
سأله الرجل بنزق " من أنت و من الذي أرسلك لقد طلبنا المال فقط و الصغير سيعود "
وقف بيبرس أمام الباب و يده فوق رأسه مستسلما و هو ينظر بتقييم للمكان و الوضع كان رجلين يمسكان بالصغير يصوبان سلاح لرأسه و أحدهم يقف أمامهم يصوب سلاحه لبيبرس الذي قال " لقد أخطأت في ذلك عندما لم ترسل الصغير بعد ما أخذته من مال "
نظر الرجل خلفه للرجلين الممسكين بالصغير متسائلا بغضب " عن أي مال يتحدث و هل أخذه أحدكم "
كان هذا الوقت كافيا لبيبرس حتى ينقض على الرجل ليطيح بمسدسه قبل أن يلكمه عدة لكمات في وجهه جعلته ينزف من كل سم به . كان الرجلين الآخرين يرقبان بتوتر فقال أحدهم و هو يعامل الصغير بعنف " تبا لك أتركه و إلا قتلناه أيها المخادع "
سقط الرجل من يد بيبرس الذي رفع يده ببرود مرة أخرى يعلن استسلامه ليرفع أحدهم السلاح تجاهه و ما هى إلا ثانية و كان السلاح في أقصى الغرفة بعد ضربة بيبرس القوية ترك الخالي و أنقض على الممسك بالسلاح ليسقط معه بعيداً عن الصغير . كان شجار غير متكافئ بين بيبرس القوى و الرجل النحيل الذي فقد وعيه أثر ضربة واحدة على رأسه . كان خلال هذا الوقت الرجل الآخر أمسك بسلاحه من أقصى الغرفة ليقول بغضب " أنت من جلبته لنفسك أيها الوغد "
خرجت رصاصة غادرة لتصيب الهدف بجدارة ..
كانت فاطمة تشعر بالحماس و هى تجلب كل ما تريده دون سؤال و أضفت حماستها على الجميع الذين أصيبوا معها بحمى الزفاف و هن يخترن أثوابهم بحماسة . كانت سندس تشاركهم حماسهم و لكن فاطمة من كان يلاحظ نظراتها المنكسرة و ملامحها الحزينة عندما لا يكون أحدا منبها لها . كانت فاطمة تسألها بمرح و هى تدور بثوب الزفاف أمامها " ما رأيك سندس هل سيعجب سيف . هل سيحبه "
ابتسمت سندس بفتور قائلة " بالطبع فاطمة سيعجبه أنا سعيدة أنك أخيراً بدأت في معاملته جيداً أنه شاب طيب و على خلق لا يستحق منك تلك المعاملة السيئة . مبارك لك أختي "
خرجت سندس و تركتها فوقفت فاطمة متخصرة و هى تقول لجدتها بسخرية " صدقتني . تكاد تبكي لذلك "
قالت فخرية بحزن " حبيبتي و لكن سيف ليس نجم و ربما لا يقبل بما تنوين وقتها ستحطمين قلب شقيقتك و الرجل "
قالت فاطمة بثقة " لن أفعل فقط أقنعيها عند الوقت لتفعل "
تنهدت فخرية بحنق " ستقضين على ولدي بأفعالك أيتها الحمقاء "
ضحكت فاطمة بمرح " بعد الشر عن السيد قطب الجليدي . لا تنسي الحديث معه أيضاً و إلا خربت الزيجة "
ردت فخرية متمتمه " مؤكد سيف سلام لن يمررها لنا أخشى أن يهدم المعبد فوق رؤوسنا "
ردت فاطمة بسخرية " سلام اللطيف الظريف سيتلقى خطاب من أحدهم سيجعله يصمت و يقبل و على سندس الباقي "
ضمته ميار بخوف و هى ترا ذراعه معلقه في عنقه " حبيبي ماذا حدث لك بيبرس كيف أصبت هكذا "
قال بيبرس يهدئها و هو يدخل معها للمنزل " أجلسيني أولا ميار و بعدها حققي معي "
أدخلته لغرفة الجلوس و أجلسته و جلست بجانبه على الأريكة ممسكة بيده قائلة " كيف حدث هذا "
رد بيبرس بلامبالاة " لا شيء مجرد حادث . كنت في مهمة و أصبت بالخطأ أنا بخير لم تستقر الرصاصة في ذراعي "
كادت ميار تبكي خوفاً فهو من تبقى من عائلتها تخشى أن تفقده هو أيضاً و تلك الوظيفة الخطرة لا تعرف لم يتمسك بها " هل تتألم "
سألته بقلق فقال باسما " لا أنا بخير لا تقلقي "
قالت مسرعة و هى تنهض من جانبه " سأعد الطعام بسرعة و أتي "
رفض قائلاً " لا أجلسي لقد أتيت لأطمئن عليكم أين نسمة "
ردت ميار بهدوء " نائمة فقد لعبت بالعرائس كثيرا حتى استسلمت بجانبهم "
سألها باهتمام " ألم يعد عز الدين بعد "
أجابت ميار " لقد هاتفني سيتأخر اليوم لديه عمل متأخر في أحد الشركات طلبه مديرها على وجه الخصوص كونه سيتزوج و يسافر مع زوجته للخارج "
سألها باهتمام " أي شركة . تعرفين اسمها "
صمتت مفكرة تستعيد الحديث مع زوجها على الهاتف لتقول بتذكر
" شركة سلام الهندسية تقريباً "
ضغط بيبرس على نواجذه بقوة قبل أن يقول ببرود " حقاً ستتزوج المستهترة أخيراً "
نظرت إليه ميار بخيبة. قائلة " هل هى من سيتزوج من صاحب الشركة "
أمسك بذراعه المصاب بضيق و لم يجب . بل قال بحدة " أعدي قدح قهوة أشعر برأسي سينفجر "
نهضت ميار بهدوء دون أن تعلق فيبدوا أنه متضايق حسنا ليهدئ و بعدها تسأله ..
كان قد تبقى ساعات على الزفاف و فاطمة تزداد توتر و خائفة مما هى مقدمة عليه . و لكنها حسمت أمرها عندما شاهدت حزن شقيقتها . كان الزفاف سيقام في فندق الأحلام أنه فندق كبير و بها كل ما يخص الحفل حتى مصفف الشعر سيكون في الفندق في غرفة خاصة بالعروس ستكون تحت تصرفها لتستعد بها قبل موعد الحفل . بعد أن تفاهمت مع جدتها للمرة الأخيرة توجهت العائلة للفندق لإتمام الزفاف . كان والدي سيف قد أتيا مؤخراً من السفر و لم تسنح لهم الفرصة للقاء فاطمة و التعرف عليها فقد أخبرها سيف أنهما متفهمان و موافقان على خياره و مقتنعين أنها حياته و هو الأحق بالتصرف بها . و هذه نقطة لصالحها أيضاً . كانت فاطمة تستعد للزفاف عندما دلفت جدتها مع سندس التي قالت لها بتوتر
" هل طلبتني فاطمة "
قالت فخرية للمصففة " هلا تركتنا قليلاً عزيزتي "
خرجت الفتاة بهدوء فنهضت فاطمة التي لم تكن قد ارتدت ثوبها بعد قائلة برجاء و هى تمسك بيد شقيقتها " حبيبتي ساعديني أرجوك . أنا لا أستطيع الزواج بسيف . أنا أحب رجلاً آخر . إذا تزوجت بسيف سأظلمه معي و أنا أحب أحدهم .ساعديني سندس "
نظرت إليها شقيقتها مصعوقة من حديثها و قالت بذهول " فاطمة ماذا تقولين "
قالت فخرية بحزم " أنت سترتدين هذا الثوب لمساعدة شقيقتك سندس "
و عجز لسانها عن الحديث
كان سيف يقرأ الخطاب مصعوقا و هو غير مصدق . هل مكتوب أن فاطمة علمت أنها لا تحبه و أنها لا تستطيع الزواج به و أنها أجبرت شقيقتها على الحلول مكانها و إلا قتلت نفسها . ما هذا الهراء إذا لم تشأ الزواج لم تجبر أحدا على الحلول محلها . هو لا يمانع رحيلها هو لن يهتم بما يحدث .. عاد لقراءة الباقي من الخطاب متمتما " علمت أن تلك الفتاة تحبك أيضاً فلم أستطع أن أكسر قلبها بزواجي منك . أنت تحتاج واحدة تحبك و تهتم بك رجاءاً من أجل أبي تزوج سندس واحدة تحبك أفضل من أخرى مناسبة "
هل تقول أن سندس هى تلك الفتاة التي تحبني . شرد سيف قليلاً كأنه يعود بالزمن للحظات ما و عيناه تتسع بقوة متذكرا نظراتها الخجلة حديثها الهادئ اهتمامها الزائد .غضبها من تصرفات فاطمة و تبريرها له من أجل أن يسامحها . نعم هى تهتم به . هى .. هل حقاً تحبه . توتر سيف ماذا سيفعل الأن هل يفعل و يتزوج أم يخبرهم أنه لم يعد يريد الزواج .. دلف والديه لغرفته بحماس قائلين بفرح
" سيف بني الن تعرفنا على عروسك . نحن نشتاق و نشعر بالحماسة لرؤيتها . هيا لتعرفنا على فاطمة "
وجد سيف نفسه يتمتم بخفوت " سندس ليست فاطمة بل سندس"
**★**★**★**★**★**★**★**★**★**