الرابع & هاربة& صابرين شعبان

5.6K 289 18
                                    

الرابع

وقف أمام الباب بثبات و رفع راحته ليطرقه بحزم منتظرا أن يفتح له . جاءه صوت فتاة مرح يقول " أتية يا من ع الباب "
شعر بيبرس أن هذا الصوت  المرح ليس صوت فاطمة فتلك الصورة التي ترتاح بجانب قلبه في حافظته الأن تحتاج لصوت ناعم رقيق كصاحبته تلك الفاتنة التي تركت خلفها قلب محطم بكل قسوة و لكن هل حقاً ذلك الملاك قاسي كما يظن لفعلتها تلك . فتح الباب فوجد فتاة تنظر إليه بتعجب سائلة " من أنت "
قال بيبرس بهدوء متفحصا الفتاة البيضاء بعيون زرقاء أنها جميلة تشبه الباربي التي يحضرها لابنة شقيقته كلما ذهب لرؤيتها طالبة بطفولية كلما رأته . خالو أريد عروسة شقراء بعيون زرقاء و لكن هذه ليست شقراء خسارة لأخذها لنسمة لتكون عروستها الأثيرة  " أريد فاطمة . أخبريها أنه حان وقت عودتها. فقد تزوجت شقيقتها بدلاً عنها و لا داعي للبقاء لوقت أطول فأسرتها قلقة عليها عادا جدتها بالطبع  "
فغرت الفتاة فاه قبل أن تجيب بارتباك " فاطمة من تقصد فاطمة صديقتي . ليست هنا بالطبع . هل حقاً فرت هاربة من زفافها كما سمعت "
رد بيبرس بسخرية و عيناه مسلطة على وجه الفتاة الذي بدأ يتلون تحت نظراته " نعم بالطبع مؤكد أخبرتك و انتما تثرثران ليلا على الفراش في غرفتك "
اتسعت عيناها بدهشة فقالت بغضب  مضطربة " أخبرتك ليست هنا يا سيد "
قال بيبرس ببرود " هل لك أن تذهبي لغرفتك الأن و تخبريها أن ترتدي ملابسها و تأتي للحديث معي . أنا سأنتظر هنا بجانب تلك الشجرة  أخبريها أن لا تتأخر فأنا لا أمتاز بالصبر "
استدار تاركا براءة تنظر لظهره بحنق و دهشة من جراءته و كأنه يثق أنهما ستنفذان حديثه 'أغلقت الباب بقوة و عادت لغرفتها لتقول لفاطمة المستلقية على الفراش " جاء رجل و يريد أن يتحدث معك في الخارج "
ردت فاطمة ببرود " سمعت حديثكما فلينتظر طوال اليوم ذلك الغليظ .. لا أعرف كيف وصل إلي تبا له خسرت رهاني مع فخرية  "
قالت براءة بغلظة " أظنه سيقتحم المنزل باحثا عنك إذا لم تخرجي له كما قال  و عشرة جنيهات ليست شيء يستحق الغضب يا حمقاء المهم تصرفي في المنتظر خارجا هذا "
نهضت فاطمة بحنق و توجهت للخزانة ترتدي ملابسها على عجل و قالت بشماته " ليقتحم و يبحث هذا إذا وجدني هنا . "
سألتها ساخرة " ماذا ستختفين أسفل الفراش "
ردت فاطمة بنزق " أرجوكِ ليس وقت مزاحك السخيف "
سألتها براءة بحدة بعد أن أكملت ارتداء  ملابسها  بنطال جينز ضيق و قميص نسائي أبيض بياقة عريضة و أزرار مذهبة  " أخبريني إذن ماذا ستفعلين "
قبلتها فاطمة و أمسكت بحقيبتها ترتديها على ظهرها قائلة " لن يجدني من الأساس أتركيه جالسا تحت الشجرة حتى تثمر و هو ينتظر "
تركتها فاطمة لتذهب تجاه النافذة  لتفتحها و هى تقول بمرح " أراكِ فيما بعد براءتي أخبري خالتي أني أسفة لتفويتي الفطور الصباحي من يدها سأفتقده حقاً  "
قفزت فاطمة من النافذة في الظلام و براءة تنظر إليها بدهشة فصديقتها جنت حقاً بتصرفاتها الأخيرة فما عادت تتفاجأ بأي شيء تفعله .

واحد اثنان ثلاثة خطوات فقط هما ما ابتعدتهم عن النافذة بعد أن اغلقتها براءة خلفها  عندما سمعت من خلفها صوت جامد يقول ببرود " لأين يا جميلة . لم أقل أني سأنتظر هنا بل أمام المنزل "
التفتت فاطمة بحدة في الظلام لترى هيئته الضخمة  على ضوء السيجار في يده الذي وضعه في فمه ساحبا منه بضع مجات ليزداد اشتعالها لتظهر خطوط  ملامحه المظلمة و التي لم تتبين منها شيء  . قالت  فاطمة ببرود " من أنت "
تقدم بيبرس بخطوات ثابتة كالفهد ليقف على بعد خطوتين و قال متشدقا " بيبرس تاج الدين أيوب "
ردت فاطمة ساخرة " ما هذا الاسم هل تظن أنك أتيا لتفتح القسطنطينية "
تمتم بيبرس بمكر " أو أفتح عكا "
تنحنحت فاطمة بخجل لعبارته الساخرة فهى طالما سمعتها من صديقات جدتها  عندما يلتقين في عرس ما . يجلسن و يثرثرن و هن يقولون أن العريس سيفتح عكا اليوم . لم تفهم ماذا تعني عبارتهم حتى سألت جدتها  منذ زمن ليس ببعيد لتخبرها بما يقصدن . يومها ثارت فاطمة بخجل و قالت لجدتها بحنق أنها ستغضب منها كثيرا إذا ما قالت عنها هذا الأمر مع صديقاتها العجائز يومها ضحكت فخرية كثيرا و أجابتها أنها ستخبرهم أنه سيفتح دمشق و ليس عكا .. قالت بحنق " أنت قليل الأدب "
ضحك بيبرس بخفة و سألها بخبث " ماذا قلت يا جميلة لتسبيني "
ردت عليه بغضب " لا تقل لي هذا و أنا فاطمة و من أنت يا سيد و ماذا تريد "
ألقى بيبرس السيجار جانباً بعد أن أنهاها قائلاً بملل " بيبرس تاج الدين أيوب . أرسلني السيد قطب لأبحث عن ابنته الوقحة التي تركت عرسها هاربة مخلفة خلفها فوضى عارمة من عريس مهجور و أم مكلومة و أب غاضب و شقيقات حزينات و أخ نزق و جدة متحمسة  كأنها ستقوم برحلة سفاري في القريب "
كتفت فاطمة ذراعيها ببرود قائلة " هل تظن أني سأتي معك "
رد بهدوء " إذا لم يكن برضاك غصبا عنك يا جميلة "
هذا الرجل يثير غضبها حقاً خاصةً و هو يظل يدعوها بالجميلة . استدارت فاطمة بحزم لترحل قائلة بحنق " لتريني كيف ستعيدني غصباً إذن "
سمعت صوت تحطم الأعشاب الجافة تحت قدميه و هو يتحرك خلفها مسرعا . ركضت فاطمة بسرعة لتبتعد عندما أمسكت يد من حديد بذراعها توقفها . قالت و هى تتشاجر معه بعنف " أتركني أيها الغليظ "
هزها بيبرس بعنف قائلاً بنزق " توقفي أيتها الهاربة . هل تظنين أني سأتركك حقاً . "
حاولت تخليص يدها منه و هى تضربه بيدها الأخرى على صدره و الظلام لا يساعد لتبين ملامحه إن كانت غاضبة أم لامبالية . هتف بها بحنق " توقفي "
ردت غاضبة " اللعنة عليك أتركني "
أمسك بيدها الأخرى و رد بغضب قائلاً .. " أنت من جلب هذا على نفسه "
وجدت ضربة على جبينها من جبينه ليدور رأسها و هى تترنح متمتمه بخفوت متألمة  " أيها الوغد "
وجدت نفسها تقلب رأسها على عقب و هى تلقى على كتفه و شعور الدوار يزداد قائلة بغضب " انزلني أيها الحقير .."
وجدت راحته تضرب مؤخرتها بقوة و هو يقول ببرود " تأدبي " صرخت فاطمة من الألم و هو يسير بخفة  كأنه لا يحمل شيء لوجهة لا تعلمها . هتفت بغضب " أنزلني أيها المتخلف . أنت أيها الغليظ أيها المجنون . سأصرخ و أخبر الجميع أنك تخطفني"
أجابها بسخرية " أخبريهم ليعرفوا أي مستهترة أنت تركت عريسها يوم زفافها . ربما لتهرب مع أخر خذلها "
ضربته فاطمة على ظهره بغضب و هى تركله من الأمام بقدمها لتجد يديه ككلابتين تمسكان بساقيها تمنع حركتها . سمعت صوت فتح باب سيارة و جسدها ينزل على الأرض بخشونة قائلاً " أصعدي "
ضربته بحنق " بل أنت من سيصعد إلي السماء عندما أنتهي منك أيها ..... "
ضربة أخرى على رأسها أذهبت بالباقي من وعيها لتسقط بين ذراعيه فاقدة للوعي . تمتم بيبرس بملل " غبية مزعجة "

آنت فاطمة بألم و هى تفيق ممسكة برأسها قائلة " أين أنا "
أجابها بيبرس بهدوء و هو يمد لها بعلبة عصير " في سيارتي جالسة بجانبي عائدة لمنزل أبيكِ "
دفعت فاطمة علبة العصير بعنف لتنسكب على ملابسه فقال بيبرس ببرود " أكره المدللات . أنهن مملات "
سكب باقي العلبة على ملابسها فشهقت فاطمة بصدمة . قال بيبرس بهدوء " عيبي الوحيد لا أترك حقي أبداً "
قالت فاطمة بصدمة " أنت مجنون "
ربت على عجلة القيادة قائلاً بهدوء " بيبرس يا جميلة "
ردت غاضبة " اللعنة عليك "
أجابها بيبرس بهدوء " و عليكِ يا جميلة .. إذا كنت تريدين العودة سالمة فلتصمتي لحين نصل أو يمكنك الثرثرة و إخباري لم فعلت ذلك و هربت من زفافك تاركة الرجل المسكين خلفك  "
لم تجد فاطمة حلا إلا أن تصمت بالفعل فالرجل مجنون يرد الإهانة بالإهانة و الضربة بالضربة و حتى العصير سكبه عليها و الأن يريد سماع حكايتها ليمضي وقته لحين يصلوا تبا له لن تسري عنه لهذا المجنون  . قاد بيبرس السيارة مسرعا . فهذه الفتاة تخرجه عن شعوره و تخل باتزانه و تخرج أسوء ما به من طباع . ود لو سألها لم هربت تاركة خلفها خطيبها ألم تكن تحبه . لم  لا تقل فقط أنها لا تريد الزواج بدلاً من الفضيحة و قلق عائلتها عليها . توقف أمام الباب  فترجلت فاطمة بغضب و توجهت للباب و طرقته بنزق .. كان هو يسير تجاهها عندما فتح الباب لتجد والدها ينظر إليها بشرر و يده ترتفع لتهبط على وجنتها . و قبل أن تصل لوجهها كان بيبرس يمسك بيده قائلاً بحزم " سيد قطب الآنسة سالمة أرجوك أتركها لتستريح و بعدها تحدث "
كانت فاطمة تقف مسمرة  و جسدها يرتجف بعنف عندما أتت فخرية هاتفة بفرح " لقد عدتِ حبيبتي . حمدا لله على سلامتك . لقد أرعبتنا عليكِ "
اندفعت فاطمة تضم جدتها باكية بحرقة و تهتف بحزن " جدتي أسفة لذلك . سامحوني "
قالت قطوف غاضبة و هى تبكي نازعة إياها  من بين ذراعي جدتها
" أيتها الحمقاء . لقد حولت البيت لحريق الأيام الماضية . إذا فعلتها مجدداً أقسم أن أعاقبك أشد العقاب "
خرجت شقيقاتها ليلتفوا حولها و كل واحدة منهم تطمئن عليها بكلمات متلهفة متسائلة ..
قاطعهم بيبرس بهدوء " حسنا سأذهب الأن إلي اللقاء سيد قطب "
قالت فخرية بمكر " وداعاً سيد بيبرس "
التفت إليها بسخرية مؤكداً " إلى لقاء قريب سيدتي "
ردت بسخرية " لا لقاء قريب يا سيد لن نحتاج لخدماتك "
هز كتفيه بلامبالاة و هو ينصرف قائلاً " أتمنى فالمهمة كانت مملة حقاً و تثير الحنق "
التفتت إليه فاطمة بحدة كانت تريد أن تمسك بأي شيء تقذفه به تشج رأسه و لكنها لم تفعل ما يثير غضب والدها فوق ما هو غاضب . مفكرة بطريقة تصحح بها فعلتها التي كان مقصدها منها كل خير . و لكن يجب أن ترى استبرق أولا  و نجم النجوم ..

**★**★**★**★**★**★**★**★**★**★**

هاربةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن