(10)

498 31 20
                                    

بقلم نهال عبد الواحد

كان نائمًا كعادته حتى بعد الظّهيرة لكن قد أرّقه صوت أبيه الأجش وهو ينادي على يوكابد، فانتفض من فوره وفرك وجهه وشعره ثم نهض واقفًا واتجه خارج الحجرة.

بمجرد أن دلف عبد العُزّى بداخل البيت وقد اتجه أولًا نحو حجرة يوكابد ولا زال يصيح مناديًّا عليها بملء صوته.

لكنه تفاجأ لما دخل حجرتها ووجدها فارغة! وقبل أن يلتفت خارجًا من الحجرة وجد أمامة تقف أمامه تستند على مدخل الحجرة مائلة بجسدها، مكتحلة العينَين كعادتها مرتدية ثوبًا ضيقًا من اللون الأحمر ومفتوح من الصدر لدرجة تظهر مفاتنها.

ثم تغنجت بصوتها مع إمالة صغيرة بجسدها: عمت مساءً يا أبا الزُّهير، لقد طال غيابك.

فالتفت إليها معكّرًا حاجبَيه وتساءل دون أن يعقب على كلامها: أين يوكابد وابني؟

فأجابت بلامبالاة: قد ذهبت إلى الجحيم وارتاحنا منها.

- ماذا تقولين يا امرأة؟ كأنك جننتِ أم أنكِ مخمورة!

فأومأت برأسها وتابعت: كلا؛ كل ما هنالك أنها قد انقطعت أنفاسها أثناء مخاضها ونالت مثواها الذي تستحقه، اللعنة عليها!

فصاح فيها : المهم أين ابني؟ في أي حجرة؟

فجحظت عينا الزُّهير بصدمة؛ توقع ردة فعل أخرى من أبيه! والذي كان واقفًا يتسمّع إلى حديثهما؛ فبداخله شعور قوي أنها لا زالت على قيد الحياة وأن هناك أمرًا ما تخفيه أمّه، فأجابت أمامة: كلا، لم تنجب إلا أنثى فأرسلت بدفنها مع أمها؛ فلسنا بحاجة لتربية الإناث في وجود أمهاتهن فما بال وقد ذهبت أمّها.

سكت عبد العُزّى وجلس فجأة وكأنه قد شرد قليلًا، ثم أطال النّظر نحو أمامة وتابع: هل تصدقيني القول؟ أم قد دبرتِ لها مكيدةً ما؟!

فتصنّعت القهر قائلة: يا لك من رجلٍ ظالم يا ابن العم! ماذا تظن أني فاعلة بها؟! هل تراني عديمة الشّفقة والرّحمة لأقتلها مثلًا، حتى ولو لم أطيقها يومًا!

- إذن حدثيني كيف تم ذلك؟

ثم رفع عينَيه فوجد ابنه واقفًا فهشّ له وبشّ، فتقدّم الزُّهير وصافح والده فتوجّه إليه عبد العُزّى بالسّؤال: إذن أنت من توليت أمر دفن يوكابد وابنتها!

فأومأ برأسه نافيًّا فأسرعت أمامة تجيبه: الزُّهير بعيد كل البعد عن يوكابد وأمر دفنها.

فتساءل عبد العُزّى بتهكم: كأنكِ أنتِ من فعلتِ هذا!

فأومأت برأسها تنفي قائلة: بالطّبع لا، إنه صخر أخي الغالي حفظته الآلهة! قد تولّى هو فعل كل شيء.

قالت الأخيرة مصحوبة بتنهيدة، فضيّق عبد العُزّى عينَيه بدهشة وزم شفتَيه ثم أكمل:  لكن منذ متى وصخر يعتني بشؤونِك أو يهتم بأمرِك من الأساس؟!

By : Noonazad.      ( إلى طريق النجاة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن