(20)

452 33 22
                                    

بقلم نهال عبد الواحد

تشجّعت واستقامت بظهرها وأكملت طريقها وأحد يديها على سيفها المعلّق جانبها؛ تستعد لأي مواجهة بلا هوادة.

اقترب ذلك الفارس حتى صار مقابلًا لها مباشرةً، واضح الملامح يبدو عليه طول القامة وغزارة الشعر الذي يظهر من أسفل عمامته مع لحيته الطويلة الكثيفة.

فتحرّك بفرسه ملتفًا حولها وهي كذلك فعلت وهي تصيح من خلف لثامها: ماذا تريد؟ لماذا توقفت في هذه الأرض؟!

اتسعت حدقتاه وأهدر بفجأة: أأنتِ فتاة؟!

- لا شأن لك.

- الأولى أن أسألكِ أنا ماذا تفعلي في هذه الصحراء الجرداء؟!

تابعت بصرامة: قلتُ لا شأن لك! هيا امضي لوجهتك!

رفع نظره إليها بتأفف ثم صاح: كأنك لم تتعلمين كيف تحدّثي الرّجال! بل لم تتعلمي كيفية التّحدث من الأساس!

- لا تثير غضبي يا هذا! قلت امضي إلى حال سبيلك وإلا ضربتُ عنقك.

فقهقه ساخرًا وتابع بتهكم: وأنتِ من ستضربين عنقي! واضح أنك لا تعلمين من أمامك!

- وليس لدي رغبة أن أعرف.
قالتها بتحفّز واضعةً يدها على مقبض سيفها وقد لمحها.

اتسعت ابتسامته ثم قال: أتضعي يدك على سيفك كأنك تحاولين إرهابي؟!

فأخرجته فجأة وشهرته أمامه تهدر بغضب: أنا لا أرهبك، بل سأفعل.

فابتسم بسخرية مجددًا ثم أشهر سيفه وتابع بتحدي: إذن فبارزيني ولنرى.

وبدأت المبارزة بينه وبينها، كانت بدايته مستخفًا ومستهزئًا بها بالفعل، لكنه تفاجأ بسيطرتها في ضرباتها الحادة والتي يصدها بالكاد ينافي ظنه بها، وكأنه بالفعل يبارز رجلًا لا مجرد فتاة!

لكن ذلك الاستخفاف جعلها تكون أكثر سيطرة منه في هذه المبارزة، وما كانت لحظات حتى أطاحت بسيفه أرضًا ووضعت سيفها على كتفه محاذيًا لرقبته، ثم ابتسمت بنصر أسفل أقامها قائلة: كيف حالك؟

فابتسم هو الآخر وأردف: لقد فاجأتيني حقًا؛ لم أتوقع مستوى كهذا يخرج من فتاة.

فصاحت وهي ولا زلت واضعة السيف على كتفه: والأفضل ألا تثير غضبي أكثر من هذا، هيا خذ سيفك وارحل من أمامي.

- لا أرى سببًا لغضبك هذا، فقط تفاجأتُ بكونك فتاة تخرج وحدها بل وتبارزيني بهذه المهارة! ترى من أي قبيلةٍ أنتِ؟

- لا أسكن ولا أتبع أي قبيلة، ثم ما شأنك؟!

أبعدت سيفها ووضعته في غمادها وأمسكت بلجام فرسها، فقال الشاب: على أية حال لم أقصد مشاكستِك، فقط لمحت طيرًا يحوم هناك، فحدّثتُ نفسي أن بالتأكيد يوجد بئر أو عين للماء العذب؛ فسقائي يكاد يفرغ ماءه ولا زال أمامي بضعة أيام لأصل لدياري وأردتُ أن أملأ سقائي بالماء.

By : Noonazad.      ( إلى طريق النجاة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن