(15)

457 30 12
                                    

بقلم نهال عبد الواحد

وصلت القافلة التّجارية بعد عدة أيام إلى ديار عبد العُزّى، كان الهم الأول لعبد العُزّى هو كم التّجارة التي أحضرها ومقدار الرّبح الذي تحصّل عليه.

كانت مخايل الحمل قد صارت أكثر وضوحًا على أمامة وكان السّيد مسعود يغدق عليها بالهدايا والعطايا على مرئى ومسمع من عبد العُزّى، لكنه ظنه مجرد تقدير من السّيد لأم ابنه القادم ولم يخطر بباله أن لا زالت علاقتهما متصلة!

أما الزُّهير فبمجرد عودته لداره فضّل النوم حتى يستطيع معاودة السهر طوال الليل ومعايشة حياة اللهو التي اشتاق إليها، لكنه لم يظهر أي اشتياق لزوجته ولم يحاول حتى تفقد حالتها وهي قد قاربت الوضع.

كانت مُليكة قد فاض الكيل بها من سوء معاملة الزُّهير لها، فقد تزوجته مرغمة ولا يوجد سبب لتتحمل كل ما تعانيه، ربما لو أحسن إليها لنسيت كونها أُجبرت عليه لكن لم يحدث، كانت تصبّر نفسها بذلك القادم، ابن الزُّهير الذي حتمًا سيقلب الموازين في علاقتهما.

وذات يوم خرجت مُليكة إلى الخلاء لقضاء حاجتها، كانت بالطّبع تعرف الطّريق جيدًا فلم تلجأ لأسماء يومًا أو لأي خادمة، لكن هناك عينان لا تغفلان عنها أبدًا كما تغفل عن أي فرد في هذه الدّار.

إنها أسماء تراقب الجميع وترتب كل شيء في عقلها وتنتظر متى ستلقِي بأوراقها لتوقع بالجميع معًا.

وبينما كانت مُليكة عائدة إذ اعترضها أحدهم، فالتفتت إليه لتجده شابًّا أسمر الوجه مرتديًا حلة فخمة من الحرير ويعبث في لحيته المهندمة، ثم أهدر مبتسمًا: كيف حالك مُليكة؟

فالتفتت إليه بفجأة: سعد!

فأومأ برأسه وتابع مبتسمًا : لقد اشتقتُ إليكِ يا ابنة الخالة.

- صه! لا ينبغي أن تتحدث إليّ هكذا؛ لقد تزوجتُ من غيرك وانتهى الأمر.

- لا لم ينتهي، كيف تعيشين مع ذلك العابث الذي لا يعرف حقك ولا مقدارك؟ من يتقلّب بين أحضان البغايا وجلسات اللهو!

- رجاءً، إمشي من هنا؛ إن رآنا أحد فسيظن بنا الظّنون.

- لكنّكِ لا تبدين بخير.

- قلتُ لا شأن لك، والأفضل أن تنساني للأبد.

- وإن كان الأمر مستحيل، ماذا أفعل في ذلك الكائن بيساري؟

فتنهدت بحزن وأخفضت نظرها وتابعت بصوتٍ مختنق: لا تزيد الأمر سوءًا ووعورة.

- أعلم أنكِ مجبورة، إذن اتركيه ولنكمل حياتنا معًا.

- بماذا تثرثر أيها الأحمق؟ إني أحمل ابنه بأحشائي، لا ينبغي ذلك، رجاءً اتركني أمضي وأعود إلى الدّار.

قالتها وانصرفت وتبعها هو حتى وصلت إلى البيت، ولم يكن وحده من يتبعها، بل كان هناك من يتبعهما.

By : Noonazad.      ( إلى طريق النجاة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن