(35)

373 27 67
                                    

بقلم نهال عبد الواحد

- شرطى أن أرضا عنكِ.
قالها أوس بتملك، رفعت حاجبيها بعدم اكتراث ولم تعقب ثم اتجهت نحو ترياقها وامتطته وجذبت وشاحها لتغطي شعرها ووجهها، فتنهّد وامتطى جواده هو الآخر وانتظر حتى تنتهي ثم أشار لها لتتحرك فتحركا معًا.

سارا عائدَين إلى البلدة مجددًا وتحرّكا في طرقاتها ولا زالا يشعران بعيون النّاس تحملق فيهما أيضًا، أما هو من داخله فيستحسن أنها ملثمة الوجه؛ فلا يرى جمالها أو يلمح فتنتها أحد، فهي بحق الحرة العفيفة.

كانت مشغولة بذلك الشرط «أن يرضا» تعلم أن يقصد أمرًا بعينه، لكن لا زالت الحيرة تأكل فكرها، حتى وإن بدأ إحساسها يميل إليه لكن تبقى هناك عقبة كبرى لا تقوى على اجتيازها.

وصلا إلى البيت وتأكد أوس من دلوفها ثم غادر متجهًا لأبيه حسب الموعد الذي أكّده عليه.

أما راحيل فدلفت إلى البيت بعد أن أدخلت ترياقها إلى حظيرتها، وبعد أن دلفت إلى داخل البيت بدأت تنزع ذلك الوشاح عنها فظهرت خصلات شعرها مجددًا هابطة على وجنتيها.

دلفت حجرتها وألقت بالوشاح جانبًا ثم خلعت عباءتها وألقت بها أيضًا وجلست بالثّوب المنزلي الذي كان تحته، كانت تخبطات المشاعر لا تزال تحتلها بشدة.

لكن قاطع تلك التّخبطات صوت نداءات زبيدة فخرجت إليها فوجدتها تجلس مع امرأة بدينة سمراء البشرة مكتحلة العينين وتظهر خطوط الوشم فوق جبهتها وأسفل ذقنها وبين أصابعها بالإضافة إلى سواراتها الذّهبية الكثيرة، كانت تتطلع إلى راحيل بشكل مبالغ فيه لدرجة بدأت تثير غضبها حتى قبل أن تجالسها.

أشارت إليها زبيدة لتسلم عليها قائلة: تعالِ يا راحيل،  هي جارتنا أم أسامة.

فمدت راحيل يدها تسلم متكدّرة، لكن المرأة نهضت مسرعة وجذبتها إليها تعانقها على فجأة وأخذت تضغط عليها كأنما تتفحص جسدها فدفعتها راحيل تلقائيًا فاختل توازنها وجلست بقوة على مقعدتها، ثم جلست راحيل بعيدًا عنها.

لم تعقب زبيدة على موقف راحيل؛ فلم يعجبها تصرف هذه المرأة وجزت على أسنانها ثم تنهّدت بضيق، فتابعت الجارة: عروسة ابنك فائقة الجمال، لم أرى مثلها قط.

فأجابتها زبيدة على مضض: بالطبع، لذلك صارت زوجة لابني.

فقوست الجارة شفتيها بعدم رضا، ثم قالت: مؤكد قد زوجتوه لابنة عمه حتى...

قالت الأخيرة وبترت جملتها فتعكر حاجبي زبيدة وتساءلت: لأي شيءٍ ترمين إليه بكلماتك المبتورة؟

- لن أخفي شيئًا، فمؤكد أنكما أدرى النّاس به، على أية حال لا يوجد شخص كامل، دائمًا ما يكون لديه عيب، وعيب قوي.

فتأففت راحيل ورفعت حاجبيها بفرغ صبر وصاحت زبيدة: أرى كلامك مبهمًا يا أم أسامة!

فأجابتها بخبث: الجميع يعلم بحقيقة ابنك، وكنت أظنكم ألصقتم به أي فتاة، لكن فتاة بهذا الجمال لا تليق إلا بابني أسامة.

By : Noonazad.      ( إلى طريق النجاة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن