بقلم نهال عبد الواحد
مرت عليه أيام وأسابيع وهو شاعرًا بحجم التّغيير داخله، يرى الأمور بنظرة مختلفة، يحيا راحة وسلام نفسي بشكلٍ كبير.
لقد تمتع واستفاد من تلك السّفرة لأقصى حدّ بل فاق أي حدّ، الوصول إلى حقيقة الكون والفطرة كما ينبغي، وينتظر مهمة أخرى من أبيه تتطلب منه السّفر على أحر من الجمر.
كما من حينٍ لآخر تراوده ذكرى تلك الفارسة الملثمة بحدتها وجرأتها، لم يعرف شكل ملامحها ولا من هي! لكنه لم ينكر انجذابه بها لأول مرة وهو الذي لم يكن اللهو ولا الفتيات يشغلون أي حيّز من حياته مثل عمه وابن عمه وحتى أبيه في شبابه.
ينتوي لو سافر مرة أخرى أن يمر من ذلك المكان الرّائع ويتمنى لو يلقاها، كما يطمع لقاءً آخر في مكانٍ أبعد، يتنهّد بشوقٍ يفوق كل شوق، ترتعد أطرافه ويرتجف جسده وتتلاحق نبضاته، يشعر وكأنه بحاجة لقلبٍ آخر ليتحمل ما يشعر به؛ فذلك الحب لا يكفيه قلب واحد ولا عمر واحد، حب حقيقي فاق أي حب، حتى حب العاشق لحبيبته...
لكن كثيرًا ما يستوقفه ضعفه وقلة حيلته؛ فهو لا يستطيع أن يتخذ أي خطوة بشأن ذلك الأمر الجديد!
وبعد أسابيع أخيرًا طلب منه والده مهمة لأحد التّجار وتتطلب منه سفرة، هاقد جاءته الفرصة على طبقٍ من ذهب.
امتطى جواده مبحرًا به نحو مقصدًا بعينه، مرت بضعة أيام حتى اقترب من ذلك العين فهبط من فرسه وتحرّك بهدوء يتمنى لقاءها.
كانت هناك عدة نخلات حولها الحشائش قبل الوصول إلى العين نفسها، والتي بها جانب خلف بعض الأحجار كساتر طبيعي على الأغلب للاغتسال خلفه.
وما كاد يتعدى تلك النخلات حتى سمع صوتها المميز، فوجد نفسه يتخفّى خلف النّخلات ويمسك بأحد أغصانها يهبطه ليخفي به وجهه.
كانت تجلس وسط الأغنام كأنما تجلس مع أطفال تضاحكهم وتحاكيهم تجري خلف هذه وتربّت على هذه.
وفجأة!
جذبت وشاحها من فوق رأسها بسبب حرارة الجو في وقت الهاجرة، فظهر وجه القمر وضفيرتان ناعمتان طويلتان تلتمعان في ضوء الشمس مالتا في التماعتهما إلى اللون الذهبي، أمسكت ذلك الوشاح تحركه يُمنة ويُسرة لتحصل منه على بعض النّسيم، ثم تحركات نحو العين وجثت على ركبتيها وضعت ذلك الوشاح على كتفيها وأخذت تغترف بكفيها وتغسل وجهها وتحرك كفيها في الهواء لتبرّد وجهها بالنّسيم.
وجم أوس بشدة؛ فلم يرى مثل هذا الجمال من قبل كأنها حورية قادمة من الجنة إلى الحياة الدنيا، بل لم يتوقع أن يرى وجهًا كهذا أبدًا.
هو بحق بحاجة لعدة قلوب لتتحمل كل هذه الدّقات القوية، يشعر بقفصه سيُقتلع من مكانه، وضع يده على قلبه وتنهّد وهو واجمًا فقط يشاهدها ويتابعها ويتنهد ثانيًا وخامسًا وعاشرًا...
أنت تقرأ
By : Noonazad. ( إلى طريق النجاة )
Spiritualسنرجع للوراء مئات السنين إلى زمن الجاهلية وصدر الإسلام، كانت أسوأ شيء يخطر ببال أبيها وكثيرًا ما خشى أن يتحقق، نوى قتلها بلا ذنبٍ اقترفته سوى أنها جاءت أنثى. هربت بها أمها لتنجو بها... وتدور أيام وأيام وأحداث وأحداث... إلى طريق النجاة. ملحوظة...