بقلم نهال عبد الواحد
لم تكن تعلم أمامة وهي تتسلل في كل مساء أن هناك عينان تتابعاها بدقة، بل وتتربص بها بالمرصاد وتنتظر منها أي خطأ منذ زمن وها قد سنحت لها الفرصة على طبقٍ من فضّة.
أجل أنها أسماء، التي تعاني منها ألوان الذّل والمهانة بعد أن أفسدت مخططها أن تكون يوكابد امرأة لعبد العُزّى والذي بدوره سيجعلها سيدة البيت حتى على زوجته أم ابنه الذّكر وابنة عمه! وهذا كان سيرفع شأنها حتمًا.
ورغم متابعتها لما تقترفه أمامة الآن لكن عليها التّريث والتّدبير الدّقيق لذلك الأمر حتى تتمكن من إحكام غلق الحبل حول رقبتها دون فرار أو شائبة خطأ.
وبينما كانت جالسة وغارقة في مخططاتها إذ فاجأها صوت مُليكة فانتبهت إليها وهبت واقفة وأهدرت باحترام: عِمتِ مساءً سيدتي.
فأومأت مُليكة برأسها، ثم تابعت: كيف حالك؟ لماذا تجلسين هكذا؟!
انتابها رجفة خفيفة جاهدت نفسها لتخفيها ثم طأطأت رأسها وأجابت بإنهاكٍ مبالغ فيه: فقط أتلاقط أنفاسي من عناء المجهود الشّاقّ طيلة اليوم.
- أخبرتني عمتي أنكِ كنتِ خادمة لتلك التي تُسمى يوكابد، والأغرب أن ولاءك التّام كان لها رغم كونها مجرد جارية لا أصل ولا شرف لها.
- قد ولّاني سيدي عبد العُزّى خادمةً لها وشدد عليّ في الاعتناء بها، ولولا انتهاء عمرها لتغيرت الأمور كلها رأسًا على عقب.
قالت الأخيرة بشك ثم تنهدت بحزن طأطأت رأسها مجددًا، فاشتعلت عينا مُليكة مزيج من الغضب والحقد والقهر؛ فذلك الاسم يهذي به زوجها دائمًا خاصةً في الأوقات الخاصة بينهما، فحتى وإن كانت مجبرة على الزّواج منه فقد صارت زوجته وانتهى الأمر، لكن لن تقبل أي امرأة أن يفضلها زوجها عليها.
فتساءلت مُليكة: وكيف كانت يوكابد تلك؟ هل كانت جميلة كما يُقال عنها؟! صفيها لي!
قالت الأخيرة بلهجة متهكّمة، فأومأت أسماء برأسها مع ابتسامة صغيرة زيّنت ثغرها وقالت: لم تكن جميلة فحسب بل كانت رائعة الجمال، كانت فاتنة بحق حتى أنّي ورغم كوني فتاة كنتُ أحب إطالة النّظر إليها من حسنها، كانت هادئة ورقيقة ولا تطمع أو تخطط لشيء، تشعرين بها كما لو كانت ملاك يسير على الأرض.
فاهتزت مُليكة وقد ملأها الغضب حتى إنه قد طلّ من عينَيها بشكل ظاهر لم يخفى على أسماء، فتأكدت من كون الزُّهير لم ينساها بعكس عبد العُزّى الذي فاجأها بردّة فعله المتبلدة.
فتابعت أسماء: على أية حال قد فارقت الحياة، فماذا يفيد الكلام؟!
قالت الأخيرة مصحوبة بتنهيدة حزينة ثم تابعت: لكن كيف حالك أنتِ سيدتي؟ وكيف حال حملك؟ أتمنى أن تكون صحتك على ما يرام.
أنت تقرأ
By : Noonazad. ( إلى طريق النجاة )
Spiritualسنرجع للوراء مئات السنين إلى زمن الجاهلية وصدر الإسلام، كانت أسوأ شيء يخطر ببال أبيها وكثيرًا ما خشى أن يتحقق، نوى قتلها بلا ذنبٍ اقترفته سوى أنها جاءت أنثى. هربت بها أمها لتنجو بها... وتدور أيام وأيام وأحداث وأحداث... إلى طريق النجاة. ملحوظة...