بقلم نهال عبد الواحد
ظلت يوكابد تحتضن صغيرتها وهي ترتعش خوفًا حتى من شدة ارتعابها لم تشعر بالحوار الذي دار بينهما، فقط بدأت تنتبه لتلك الخطوات التي تقترب رويدًا من الخيمة، فتحول بكاءها إلى شهقاتٍ مسموعة.
وفجأة سمعت صوت تصفيق، إنه حتمًا عمارة؛ هكذا اعتاد أن يفعل قبل أن يدلف إلى داخل الخيمة.
فهبت واقفة ولا زالت دموعها تتساقط، حاولت أن تخرج الحروف من مخارجها بصعوبة بالغة لتقول: تفضل.
دلف عمارة وبدأت قدماها تخوناها وكادت أن تسقط أرضًا لولا أن أسرع إليها ليسندها هي وطفلتها ثم أجلسها بهدوء وأسرع يحضر لها بعض الماء، نثر بعضه في وجهها وبدأ يسقيها بهدوء بضع رشفات حتى سكن روعها.
شجع نفسه و ربّت على كفها وتساءل بهدوء: ماذا بك؟ لماذا لا زلتِ مرتعبة؟ لقد رحل الجميع وابتعدوا جميعًا.
فتساءلت بتعجب: هكذا! بتلك البساطة! ابتعتني منه إذن!
فتنهد بهدوء ثم قال: إهدئي، هو لم يطلب سوى شراء بعض الأغنام ثم قمت بحلب بعض الحليب وقدمته ككرم ضيافة.
- فقط!
- قلت لك إهدئي؛ هو لم يلحظكِ من الأساس، ألم أقل لكِ قد أجرتِك!
فزفرت براحة وهي تتمتم: حمدًا للربّ! أشكرك جدًا سيدي!
سكت قليلًا ونظر أرضًا ثم رفع عينيه إليها وحملق فيها بعمقٍ فاجأها فأخفضت عينيها بخجلٍ لأسفل وتخضّبت وجنتيها فازدادت جمالًا على جمالها.
فرفع وجهها بطرف إصبعه وتنهد بعشق ثم قال: إسمعيني جيدًا يوكابد.
فأومأت برأسها وأمالتها لتنصت إليه، ثم قال: قد عشتُ سنوات من عمري ولم أرغب بوجود امرأة في حياتي، بل لم يشغلني الأمر برمته، لكن منذ أن وطأت قدماك هنا ودخلتِ حياتي وقد تغير كل شيء، اعتدت على وجودك معي بل صرتُ لا أستطيع العيش دونك.
فابتسمت يوكابد وتنهدت بهدوء، ثم أغمضت عينيها وهمست: وأنا خادمتك سيدي وملك يمينك أبدًا ما حييت.
فشدد مسكته بيدها وابتسم بعشق وأومأ برأسه نافيًّا وتابع: لا يوكابد، أنا أريد هذا...
وأشار إلى قلبها فاتسعت ابتسامتها ثم أكمل: يوكابد أنا أحبك أشدّ من أي حبّ، حتى أشدّ من حبّ جميلٍ لبثينة وعشق عنترة لعبلة، يوكابد أنا أريدك زوجةً لي طوال حياتي وابنتك هذه هي ابنتي سأربيها وأحسن تربيتها، سأتبنّاها وتصبح من اليوم راحيل ابنة عمارة.(*)
فتهللت أساريرها قائلة: آلله!
-آلله!
فاقترب منها وقبل جبهتها بعمق فارتجفت بشدة، فنهض واقفًا واتجه خارج الخيمة ثم أدخل بعض الأشياء يحملها من الخارج ويدخلها، فنهضت يوكابد هي الأخرى، اقتربت نحوه بضع خطوات ثم نظرت بتساؤل نحو تلك البضائع ثم أعادت نظرها إليه.
أنت تقرأ
By : Noonazad. ( إلى طريق النجاة )
Spiritualسنرجع للوراء مئات السنين إلى زمن الجاهلية وصدر الإسلام، كانت أسوأ شيء يخطر ببال أبيها وكثيرًا ما خشى أن يتحقق، نوى قتلها بلا ذنبٍ اقترفته سوى أنها جاءت أنثى. هربت بها أمها لتنجو بها... وتدور أيام وأيام وأحداث وأحداث... إلى طريق النجاة. ملحوظة...