بقلم نهال عبد الواحد
ظل عمارة جالسًا مكانه في الخلاء دون حراك حتى اقترب مطلع الفجر لم يشعر ببرودة الجو؛ يدفئه لهيب أشواقه، فنهض متجهًا نحو الخيمة يشعر وأن ذلك العشق قد أنهكه قبل أن يعيشه ويتمتع به!
دخل الخيمة وتمدد مستلقيًا على فراشه أرضًا الذي تعده له يوكابد كل يوم وتضع ذلك السّتار كما وضعه عمارة منذ اليوم الأول لمجيئها.
ورغم تأخر الوقت إلا أن النّوم لا زال يجافيه، فظلّ يتقلّب عن اليمين وعن الشمال وبعد أرقٍ كبير إستطاع النّوم.
وفي الصباح الباكر استيقظت يوكابد، نهضت تتلفت نحو طفلتها فوجدتها لا زالت تغط في نومها، نهضت وأخذت ثوبًا نظيفًا كان معلقًا ثم فتحت ذلك الستار الفاصل فوجدت عمارة لا يزال نائمًا، فظلت تحملق فيه بعينيها ثم تنهدت بعمق وزفرت أنفاسها براحة تنفث عن لهيب عشقها له الذي بدأ وزاد دون مقدمات، فرسمت على ثغرها ابتسامة رائعة.
تخطته ثم خرجت واتجهت نحو ذلك العين، كانت لا تزال شمس الصّباح هادئة فسارت بهدوء، وصلت نحو العين وقررت أن تغطس جسدها فيه، فخلعت ثوبها وتركت ثوبًا تحتيًا وهبطت إلى الماء وجلست فيه رغم برودته في البداية لدرجة أن جسدها قد ارتعش بشدة ثم اعتادت على درجة الحرارة.
ظلت جالسة غامسة جسدها في الماء تدلك جسدها وكتفيها بيديها وتملأ كفيها بحفنةٍ من الماء ثم تصبه فوق شعرها وتدلكه، ثم تركت نفسها فأغمضت عينيها لتستجم قليلًا دون أن تشعر بالوقت.
كان عمارة لا يزال نائمًا فشعر بيدين صغيرتين تعبث في لحيته وشعره وبعد قليل تحول ذلك العبث إلى جذب وقرص لشعيرات لحيته وشعره، فانتفض فجأة مزعورًا من نومه ليسمع قهقهات هذه الطفلة الصغيرة، فالتفت إليها زافرًا بهدوء وابتسم ثم مسح على وجهه وبدأ يداعب الطفلة برفق.
بعد قليل رفع عينيه نحو الدّاخل دفعه فضوله ليتفقد يوكابد لكنه لم يجدها، همّ أن ينهض لكنه سمع صوت خطوات تقترب فانتظر قليلًا، فإذا هي يوكابد بادٍ عليها أنها قد اغتسلت توًا من رائحة المسك المنبعثة منها فأغمض عينيه يتنفسها، شعر وأن أصابه ضربًا من الجنون؛ فلم يعهد مثل تلك التّصرفات في صباه أيفعلها الآن وقد صار رجلًا راشدًا، لكنه العشق الذي يُذهب بالعقل ويتحكّم بالقلب!
اقتربت يوكابد على استحياء وهي تمسّد على رأسها بتلقائية حيث كان مجدّلًا لتوه في ضفيرة حديثة، ارتبكت قليلًا واتجهت للدّاخل تعلق ثوبها الذي غسلته بعد اغتسالها ثم عادت لحيث يجلس عمارة يداعب طفلتها في محاولة لتهدئة أشواقه المتأججة.
فالتفتت إليه ووقفت في حيرة وهمست: عمتَ صباحًا سيدي.
فرفع عينيه نحوها مبتسمًا وأجاب: عمتِ صباحًا يوكابد، كيف أصبحتِ؟
أنت تقرأ
By : Noonazad. ( إلى طريق النجاة )
Spiritualسنرجع للوراء مئات السنين إلى زمن الجاهلية وصدر الإسلام، كانت أسوأ شيء يخطر ببال أبيها وكثيرًا ما خشى أن يتحقق، نوى قتلها بلا ذنبٍ اقترفته سوى أنها جاءت أنثى. هربت بها أمها لتنجو بها... وتدور أيام وأيام وأحداث وأحداث... إلى طريق النجاة. ملحوظة...