بقلم نهال عبد الواحد
ما أن خرج عبد العزى من الحجرة حتى وجد أمامه امرأة حنطية اللون ممتلئة الجسد قليلًا، لها شعر أسود مجدّلًا في ضفيرة للخلف، وجهها شبه مستدير مكتحلة العينين فزاد من هيئة جحوظها، مرتدية جلبابًا ذات أكمام ومزينة بالكثير من الحلي الذهبية في ذراعيها وعلى صدرها، تبدو أنها ثلاثينية العمر.
تفاجأ بها خاصةً وهي تحملق له وتحملق فيه بعينَيها مما جعل لها هيئة مريبة بعض الشيء.
صاح فيها بصوته الأجش: ماذا بكِ يا امرأة؟ لماذا تقفين هكذا؟!
فتغنّجت بجسدها ثم قالت بتهكم: كي أُودعك يا زوجي العزيز...
ثم أكملت بنبرة حقودة: كان الأَولَى بك أن تبيت معي تلك الليلة، أنا أمامة العامرية سليلة الأشراف، الحُرة وابنة عمك وأم ابنك الوحيد.
فتابع بسخرية: ابني الوحيد! هو فقط محسوب على الرجال اسمًا لكن لا علاقة له بهم، هيا قولي ما وظيفته في هذه الحياة؟! سهر، خمر ولهو بين أحضان البغايا ليلًا ثم نوم طيلة النّهار!
- يليق به؛ فهو سيد وابن سيد، إن لم يلهو ويعبث في شبابه تراه متى يفعل يا أبا زهير؟!
- اللهو لا ينبغي أن يكون طوال الوقت، تراه متى يتعلم أصول التّجارة ويشاركني أعمالي؟!
- كل شيء سيكون في وقته، ثم إنه لم يفعل بالشّيء البعيد عنك!
قالت الأخيرة بسخرية، فتابع بهجوم: ماذا تقصدين يا امرأة؟!
- تلك الجارية اللعينة التي سلبتك عقلك وأفقدتك رجاحتك وجعلتك تترك زوجتك أم ابنك وتظل معها طوال الوقت!
- لا شأن لكِ بها؛ هي أم ابني وسأعلنها زوجتي عندما أعود.
- وماذا لو وضعت أنثى؟!
- لن تضع أنثى أبدًا؛ فقد قدّمتُ القرابين طوال الفترة الماضية، ولن تخذلني الآلهة أبدًا.
- وإن خذلتك ووضعتْ الأنثى هل ستسرّحها مثل غيرها السابقات؟!
- قلت لا شأن لك يا امرأة!
- إذن قد فعلتها تلك اللعينة وسحرتك لتظل متيّمًا بها إلى الأبد.
- إن كان كذلك فما أجمل هذا السحر!
فصاحت بقوة: وماذا عني أنا؟
- لا تذكريها يا أمامة بلسانك هذا، إياك أن تتحدثي بسوءٍ عن يوكابد! أُحذّرك! ثم لا وجه مقارنة بينكما من الأساس.
ثم صاح فيها: لماذا استوقفتيني إذن، كي تعطليني عن الرّكب!
- أرجو ألا تجلب معك مصيبة أخرى من بلاد الشّام هذه المرة أيضًا!
فأمسك بذراعها بقوة وصاح فيها: ليس من شأنكِ أي شيء! فأنا وحدي من أحدد وأقرر ولن آخذ منكِ المشورة، هيا اغربي عن وجهي أيتها الشّمطاء! قبّحت وجهكِ الآلهة!
أنت تقرأ
By : Noonazad. ( إلى طريق النجاة )
Spiritualسنرجع للوراء مئات السنين إلى زمن الجاهلية وصدر الإسلام، كانت أسوأ شيء يخطر ببال أبيها وكثيرًا ما خشى أن يتحقق، نوى قتلها بلا ذنبٍ اقترفته سوى أنها جاءت أنثى. هربت بها أمها لتنجو بها... وتدور أيام وأيام وأحداث وأحداث... إلى طريق النجاة. ملحوظة...